من فعاليات حملة ريفنا بيستاهل التي استهدفت جمع التبرعات لريف دمشق - 21 أيلول 2025 (عنب بلدي/أحمد مسلماني)
تجاوزت 350 مليون دولار.. أين تذهب أموال حملات التبرع
عنب بلدي – عمر علاء الدين
برزت تساؤلات عديدة في الأيام الماضية حول مصير الأموال التي جمعتها حملات التبرعات التي نشطت في مختلف المحافظات، من أبرزها درعا وريف دمشق وإدلب وحمص ودير الزور.
وقد جمعت تلك الحملات التي حازت اهتمامًا إعلاميًا أكثر من 350 مليون دولار في مختلف المحافظات، مما أثار تساؤلات حول المكان التي ستذهب إليه هذه الأموال والقطاعات التي ستستهدفها.
وتراوحت تقديرات تكلفة إعادة الإعمار بين 250 و400 مليار دولار في سوريا، وفق ما نقله مركز “كارنيغي”.
ولا يزال أكثر من نصف السكان يعيشون كنازحين، و90% منهم تحت خط الفقر، كما أن 16.7 مليون شخص في سوريا (أو 75% من السكان) احتاجوا إلى مساعدات إنسانية في العام 2024، وفقًا للأمم المتحدة.
حملات جمعت الملايين
بدأت حملات التبرعات من حمص حيث انطلق مؤتمر “أربعاء حمص” في 13 من آب الماضي، وجمع 13 مليون دولار، وفق ما قاله فريق “ملهم التطوعي”، الذي أشرف على الحملة.
وبعده انطلقت حملة “أبشري حوران” بدرعا، في 30 من آب، وجمعت مبلغًا يقدّر بـ36 مليون دولار، خلال الحفل الذي أقيم على مدرج مدينة بصرى الشام.
وإلى شرقي سوريا، حيث جمعت حملة “دير العز” في محافظة دير الزور 26 مليون دولار، خلال حفل إطلاقها في 11 من أيلول الماضي.
وفي ريف دمشق، كسرت حملة “ريفنا بيستاهل” التوقعات، حيث جمعت 76 مليون دولار، محققة أعلى رقم جمع خلال حملات التبرع، في 20 من أيلول، قبل أن تحطم حملة “الوفاء لإدلب” الرقم القياسي وتتجاوز 208 ملايين دولار، في فعالية حضرها الرئيس السوري، أحمد الشرع، في 27 من أيلول.
وبلغ مجموع تلك المبالغ نحو 351 مليون دولار، إلا أنها لم تنتهِ، إذ جرى ويجري تنظيم حملات على مستوى المناطق مثل الرستن ومنبج.
تأثير “إيجابي” مباشر
مدير عام الخدمات المصرفية في بنك “ستاندرد تشارترد”، نبال نجمة، أكد أن هذه الحملات تُحدث تأثيرًا اقتصاديًا إيجابيًا مباشرًا، خصوصًا في محافظات عانت من دمار كبير.
وقال نجمة، إن تركيز هذه الحملات على إعادة تأهيل البنى التحتية في القطاعات الزراعية والخدمية والصناعية الصغيرة، وخلق فرص عمل فورية، وتحسين المستوى المعيشي للناس، هو ما يجعل أثرها إيجابيًا ومباشرًا.
ولكن حملات التبرعات، التي هي بطبيعتها مؤقتة ومحدودة، و”تلفّها حالة العاطفة أو الفزعة”، ليست بديلًا عن سياسات التنمية المستدامة التي تهدف إلى زيادة الإنتاج، وتعزيز الاستثمار، وخلق موارد متجددة ومستقرة، وبحجم يلبي حاجات النهوض الاقتصادي الهائلة، بحسب نجمة.
واشتركت هذه الحملات في أهداف تأهيل وبناء وحدات سكنية، وتزفيت الطرقات، وتأهيل وحدات المياه، وتركيب بعض محولات الكهرباء، وترميم المستشفيات والمؤسسات الحكومية، والنهوض بالبنية التحتية التي دمرتها الحرب في سوريا، إضافة إلى التوجه لمشاريع تنموية في مختلف المحافظات.
حمص.. أرقام وإحصائيات
تشمل جهود حملة “أربعاء حمص” تأهيل وصيانة آبار المياه، وترميم المدارس، وتأهيل القطاع الخدمي لمديرية النظافة من معدات ولوجستيات وحاويات قمامة، مع تخصيص مشاريع لمناطق معينة بحسب توصيات المتبرعين، كإعادة تأهيل مستشفى “تدمر”.
مجلس أمناء حملة “أربعاء حمص”، كشف، لعنب بلدي، توزع المبالغ المجموعة خلال حملة التبرعات.
وأشار المجلس إلى أن مجموع التبرعات في “أربعاء حمص” بلغ دون المبالغ المكررة 12,755,737 دولارًا أمريكيًا.
وتوزعت المبالغ المتعهد بها إلى ثلاث فئات، وفق المجلس، هي:
- المشاريع المنفّذة من قبل المنظمات: وهي المشاريع المتعهد بتنفيذها من قبل المنظمات التي أسهمت في “أربعاء حمص”، وتبلغ القيمة الإجمالية للمشاريع 3,322,000 دولار.
- الشركات ورجال الأعمال: وهي المشاريع المتعهد بتنفيذها من قبل الشركات ورجال الأعمال الذين أسهموا في “أربعاء حمص”، وتبلغ قيمتها الإجمالية 3,575,500 دولار.
- المبلغ المتبقي: 5,876,237 دولارًا أمريكيًا، وتم تحصيل 1,005,614 دولارًا نقدًا منه من قبل مجلس الأمناء.
كما قام مجلس أمناء “أربعاء حمص” بتشكيل لجان للمتابعة وهي:
- لجنة لمتابعة المبالغ المتعهد بها والتواصل مع المتبرعين عن طريق الأرقام المرفقة مع المبالغ.
- لجنة للتواصل مع المنظمات ورجال الأعمال لمتابعة تنفيذ المشاريع وتوثيقها.
وأشار المجلس إلى أن هناك صعوبة بالوصول لبعض المتبرعين لأن الأرقام المرفقة غير صحيحة.
وبعد الانتهاء من تثبيت المبالغ المتبرع بها، سيجري إطلاق منصة خاصة بـ”أربعاء حمص”، وفق ما قاله مجلس الأمناء لعنب بلدي، حيث سيتم من خلال تلك المنصة توضيح أسماء المتبرعين والمبالغ التي تم تحصيلها والمبالغ الواجب تحصيلها وتفاصيل المبالغ الخاصة بالمنظمات ورجال الأعمال.
فيما يتعلق بالمشاريع المستهدفة بشكل مباشر، أكد مجلس الأمناء أنها تشمل قطاع التعليم، عبر تأهيل بعض مدارس تلكلخ ومدرستي “زنوبيا” و”نظير زيتون” في حي الخالدية.
وأما بالنسبة للصحة، فقد جرى تأمين أجهزة طبية للمستشفى “الجامعي” بحمص، وإعادة تأهيل مستشفى “تدمر”، وفق مجلس الأمناء.
ويجري العمل، بالنسبة للمياه، على دراسة مشروع إسالة سد “زيتا” لرفد نبع “عين التنور” المغذي لمدينة حمص، إضافة إلى تأهيل بعض آبار المياه في المدينة.
كما سيجري تأمين مركز للمتسولين، وتجهيز المصاعد في بناء مجلس مدينة حمص، إضافة إلى ترميم آلي لبعض المقاطع المهترئة في أحياء المدينة بتنفيذ من مجلس المدينة، وفق ما قاله مجلس أمناء حملة “أربعاء حمص”.
ماذا عن إدلب؟
تحظى محافظة إدلب برمزية خاصة، إذ استقبلت الملايين من المهجرين الذين خرجوا من المدن السورية خلال سنوات الثورة السورية، إثر حملات التهجير التي مارسها النظام السوري السابق في المناطق التي كانت خارج سيطرته.
وأقام في شمال غربي سوريا (مناطق سيطرة المعارضة حينها) أكثر من خمسة ملايين شخص، بينهم مليونا شخص في المخيمات، منهم 1.4 مليون في إدلب، حتى نهاية عام 2024، بحسب الأمم المتحدة.
وتهدف حملة “الوفاء لإدلب”، التي جمعت 208 ملايين دولار، إلى تقديم الدعم الإنساني والخدمي للمناطق التي تضررت بفعل النظام السوري السابق، من خلال مشاريع تنموية.
رئيس الحملة، مصطفى أكتع، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الحملات يُعتمد فيها “بشكل دائم” على التعهدات المالية والمشاريع، مؤكدًا أن الحملة ستقوم قريبًا بـ”إصدار تقرير شفافية يوضح بشكل دقيق كمية الأموال المستلمة وقيمة التعهدات وقيمة المشاريع التي تعهدت بها المنظمات”.
وكانت أعلى التبرعات أعلن عنها رجل الأعمال السوري غسان عبود، بقيمة 55 مليون دولار، باسمه وعن وكلاء.
كما تلقت الحملة تبرعًا من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي بقيمة 14 مليون دولار، كما تبرعت “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز) بقيمة 11 مليون دولار.
فيما تبرع رجل الأعمال السوري أيمن الأصفري بمبلغ عشرة ملايين دولار للحملة.
رئيس حملة “الوفاء لإدلب”، أشار خلال حديثه لعنب بلدي، إلى أن التعهدات يجري توثيقها من خلال “تعهدات ورقية أو تسجيلات صوتية، أو عبر رمز (باركود) يُستخدم لإثبات تبرع الشخص ومساهمته.
ووفق ما قاله مصطفى أكتع، فإن الحملة تستهدف ترميم الأفران والمساجد المدمرة والمراكز الصحية والمدارس المتضررة ووحدات المياه.
وهناك 33 مركزًا طبيًا مدمرًا جزئيًا، ومركزان لحقهما الدمار الكامل، في إدلب، بينما دمرت هجمات نظام الأسد وروسيا 227 منشأة تعليمية في شمال غربي سوريا قبل عام 2024.
بينما تشير تقارير مديرية الأوقاف في إدلب إلى أن عدد المساجد المدمرة بلغ نحو 530 مسجدا بين دمار جزئي وكلي.
وبلغ عدد المباني المدمرة كليًا في محافظة إدلب 311، إضافة إلى 418 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و686 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 1415، وفق تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب في آذار 2019.
ريف دمشق على طريق الشفافية
في ريف دمشق، عقدت لجنة “المتابعة والشفافية” في حملة “ريفنا بيستاهل” اجتماعها الأول، في 2 من تشرين الأول الحالي، حيث ناقش المجتمعون آلية متابعة الالتزامات المالية التي أُعلنت خلال الفعالية، وجرى الاتفاق على تنظيم قاعدة بيانات دقيقة للمتبرعين والتواصل معهم لاستكمال التبرعات.
وطلبت اللجنة، وفق بيان نشرته الحملة، من المسؤول الماليين إعداد تقرير تفصيلي موثق بكامل التحصيلات والتبرعات، على أن يجري نشر التقرير بشفافية أمام الرأي العام فور الانتهاء منه.
وتركز الحملة على إعادة تأهيل مناطق ريف دمشق التي تعرضت للدمار، كالغوطة الشرقية ومنطقة داريا في الريف الغربي، إضافة إلى مناطق القلمون والزبداني ومضايا.
كما تهدف إلى تأهيل وبناء وحدات سكنية، وتزفيت الطرقات، وتأهيل وحدات المياه، وتركيب بعض محولات الكهرباء، وترميم المستشفيات والمؤسسات الحكومية في ريف دمشق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :