
فئات العملة السورية الحالية - 8 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ نور حمزة)
فئات العملة السورية الحالية - 8 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ نور حمزة)
عنب بلدي – لمى دياب
تتحضر سوريا لطرح أوراق نقدية جديدة بعد حذف صفرين من العملة، في خطوة تهدف إلى معالجة الأزمة النقدية.
وسيتم إدخال العملة الجديدة وفق أحكام قانون مصرف سوريا المركزي رقم “23” لعام 2002 (قانون النقد الأساسي)، بكميات مدروسة تتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني.
وبينما تبرر الجهات الرسمية هذه الخطوة بأنها ضرورية لتبسيط المعاملات اليومية واستعادة الهوية النقدية، وتمهد الطريق للإصلاح الاقتصادي، يحذر خبراء الاقتصاد من أن تكون بمثابة “علاج شكلي” إذا لم تترافق بحزمة إصلاحات هيكلية.مبررات الخطوة
هناك مبررات اقتصادية لإصدار عملة جديدة وحذف صفرين، يلخصها الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “حلب” الدكتور حسن حزوري، بثلاثة جوانب:
ويعد حذف الأصفار علاجًا شكليًا ما لم يصاحبه ضبط للإنفاق، وسياسات مالية أقل اختلالًا، ووجود احتياطيات عملة أجنبية أو آليات لاستعادة الثقة، وفق حديث حزوري لعنب بلدي.
الإصدار الجديد للعملة السورية سيكون أثره المباشر محدودًا على السيادة النقدية، وعلى معالجة تداول العملات الأجنبية الموجودة داخل سوريا، بحسب الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “حلب” الدكتور حسن حزوري.
فإصدار ورقة نقدية جديدة أو حذف أصفار لا يغيّر العرض الحقيقي للعملة، ولا يعالج أسباب “دولرة” الاقتصاد، وفقدان الثقة بالعملة المحلية، وارتفاع التضخم، وندرة السلع المستوردة وتسعيرها بالدولار الأمريكي أو الليرة التركية.
لذلك، حسب حزوري، فإن الأثر المباشر على تداول الدولار الأمريكي أو الليرة التركية داخل السوق سيكون محدودًا ما لم تعد ثقة المواطن في أن سعر الصرف ثابت أو قابل للإدارة.
وأضاف أن ما يلزم لاستعادة السيادة النقدية فعليًا، هو مزيج من:
وعند توفر هذه الشروط يمكن للعملة الجديدة أن تسهم في تقليل الاعتماد على النقد الأجنبي.
هناك مخاطر متوقعة في حال فشلت عملية الاستبدال، تشمل، بحسب الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “حلب” الدكتور حسن حزوري، زيادة فقدان الثقة والتسارع التضخمي، فإن أنفقت الدولة على تمويل عجزها عبر طبع نقود لتمويل التبديل أو لتمويل اقتصاديًا دون تغطية حقيقية، فسوف يعود التضخم ليتصاعد أو يتسارع.
ويترافق ذلك مع مشكلات لوجستية ومالية، لأن استبدال النقود يتطلب توزيعًا واسعًا (بنوك، صرافات، نقاط بيع)، فالفشل اللوجستي يخلق فوضى نقدية، ونقصًا في الفئات (الصغيرة، الكبيرة)، ما يؤدي إلى شل المعاملات اليومية، وفق حزوري.
وأشار إلى أن تمويل الطباعة عبر الاقتراض (داخلي، خارجي) قد يرفع الدين العام، وإذ كان عبر طبع نقدي مباشر، فإن التضخم يتفاقم.
وستسهم السياسات المتضاربة وتقييد قدرة المواطن على التحويل الرسمي، باتساع سوق الصرافة السوداء، ويزداد فرق السعر بين الرسمي والفعلي، وفق حزوري.
بالانتقال إلى التكلفة التقديرية المباشرة لطباعة الأوراق النقدية الجديدة، بيّن حزوري أنه لا توجد أرقام رسمية منشورة حتى الآن عن عدد الأوراق التي ستطبعها سوريا، وتقديريًا تختلف تكلفة طباعة الورقة الواحدة بين بلد وآخر، ويرجع ذلك لتقنية الورق والتدابير الأمنية التي سيتم اتخاذها.
وتقول تقديرات إن تكلفة الاستبدال قد تتراوح بين خمسة و125 مليون دولار أمريكي، اعتمادًا على التكنولوجيا المستخدمة، وعدد الأوراق المطلوبة وفئاتها، وهذا النطاق واسع لأن المتغير الأكبر هو:
أولًا: عدد الأوراق التي تحتاج إليها الحكومة.
ثانيًا: نوعية الورق وإذا ما كان متطورًا (بوليمر) أم تقليديًا.
إضافة إلى أن تكلفة الطباعة لا تشمل نقل وتوزيع الأوراق داخل سوريا (لوجستيات وأمن)، وتعديل أجهزة الصرف الآلي، ونقاط البيع (POS)، وأنظمة المحاسبة، وتكلفة سحب الأوراق القديمة وإتلافها، وتكلفة حملات توعية الجمهور وتكلفة تحديث البرامج المحاسبية.
وعند جمع هذه العناصر، قد يزيد المجموع الإجمالي للتكاليف بين 10 و50%، وفق ما قاله الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “حلب”.
التكلفة المباشرة لتمويل عملية طباعة عملة جديدة في سوريا، بحسب الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة “حلب” الدكتور حسن حزوري، سيكون إما من الاحتياطات الأجنبية لمصرف سوريا المركزي، إذا كانت خزائن الدولة تسمح بذلك، وهو خيار أقل ضررًا بالسياسة النقدية، لكنه يتطلب وجود احتياطيات كافية، أو عبر طلب المصرف المركزي قروضًا لبناء السلسلة الجديدة، ولكن الاقتراض بالعملة الأجنبية يحمل مخاطرة سعر الصرف إذا لم تحل اختلالات الاقتضاء، لكنه خيار شائع لتجنب طبع نقدي مباشر.
ومن الممكن أن يتم الدفع مقابل الطباعة عن طريق طباعة نقود جديدة أي تمويل يعادله طبع عملة جديدة، مما سيزيد من العرض النقدي، وقد يقود إلى تضخم إضافي ما لم تمتص هذا السيولة بواسطة أدوات نقدية (سحب ودائع، شهادات إيداع، أو بيع سندات)، وتاريخيًا في حالات مشابهة لسوريا، كانت طباعة النقود لتمويل العجز سببًا في ضغوط تضخمية، وفق حزوري.
ويجب على الحكومة تمويل الطباعة عبر مصادر بالعملات الأجنبية أو اقتراض مهيكل بدلًا من طباعة نقود جديدة لتغطية التكلفة، لكن في حال استمرت ضغوط الخزينة ونقص الاحتياطيات، فإن احتمال تمويل جزئي بطباعة نقود قائم، ويحمل ذلك مخاطر تضخمية كبيرة.
الحكومة السورية اعتمدت على سياسة السوق الحرة، بحسب ما قاله الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق” والخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس، لعنب بلدي، لهذا السبب ستترك هامش تحديد سعر الصرف مقابل العملة الجديدة بحسب العرض والطلب، ولكن بسبب ضعف البنية التحتية وقلة الاستثمارات وضعف القطاع الصناعي والإنتاجي، سيتطلب ذلك تدخلًا من المصرف المركزي لكبح التضخم المتوقع.
كما يتطلب إصدار العملة الجديدة التي ستكون على ثلاث مراحل من المصرف المركزي، أن يهيئ نفسه بأدوات تدخلية بشكل مناسب في حال ارتفعت معدلات التضخم، لأن عدم تدخله سينعكس بشكل سلبي على أسعار السلع وسيزيد من التضخم بمعدلات مرتفعة، وبالتالي من الممكن أن يسوء الوضع الاقتصادي.
ونوه الجاموس إلى أن ارتفاع معدلات التضخم يؤثر سلبًا على ذوي الدخل المحدود والمتوسط، فيجب أن يكون إدخال العملة الجديدة مترافقًا مع إخراج ما يوازيها من العملة القديمة مباشرة، منعًا لزيادة حجم السيولة في السوق من العملة السورية بسبب وجود كميات كبيرة منها.متطلبات تسبق إصدار العملة
توقيت استبدال العملة السورية مهم جدًا، فكان يجب أن يكون هناك تعافٍ في الاقتصاد الوطني بجميع القطاعات (الصناعية، الزراعية، السياحية، الإنتاجية)، إضافة إلى بيئة استثمارية تجذب الاستثمارات، ومن ثم العملة الجديدة، وفق الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق” والخبير الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس.
وتابع أنه يجب على الهيئة المركزية للرقابة المالية والهيئة العامة للرقابة والتفتيش أن تأخذ دورها بشكل كبير، وأن يتم إعلان القوائم المالية بكل شفافية ووضوح، لأنها تعد خطوات أساسية لإطلاق العملة الجديدة.
قال حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، إن العملة السورية الجديدة ستصدر بست فئات، وستكون خالية من الصور والرموز، لتكون أكثر وضوحًا وسهولة في التحقق منها، ومنسجمة مع الاتجاه العالمي نحو التصميم النظيف والمجرد.
وأكد في حوار مع وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 8 من تشرين الأول الحالي، أن العملة الجديدة ستصدر بفئات مختلفة لتلبية احتياجات التداول اليومية بكفاءة أكبر، وتتراوح هذه الفئات بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة لضمان سهولة التعامل النقدي في الأسواق.
ولفت إلى أن البنك المركزي سيعلن عن تفاصيل كل فئة من حيث القيمة والحجم والتصميم في الوقت المناسب، بعد استكمال الإجراءات الفنية والأمنية الخاصة بالطباعة والإصدار.
وحدد حاكم مصرف سوريا المركزي إيجابيات إطلاق العملة الجديدة، وهي:
ويعتبر الإصدار إجراء فنيًا ضمن السياسة النقدية، ولا يهدف إلى تغيير الكتلة النقدية أو خلق تضخم جديد، وفق مصرف سوريا المركزي.
والهدف هو حماية القوة الشرائية لليرة وتمكين القطاع المالي من دعم النمو والاستقرار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى