
سوق محيي الدين وسط العاصمة دمشق - 14 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/أنس حاج حسين)
سوق محيي الدين وسط العاصمة دمشق - 14 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/أنس حاج حسين)
في خضم التوتر التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، تعود الحروب الجمركية لتفرض نفسها مجددًا على خريطة الاقتصاد العالمي، حاملة معها سلسلة من التأثيرات المتشابكة تمتد إلى ما وراء حدود القوتين الاقتصاديتين الكبريين.
ومع كل رفع جديد في الرسوم الأمريكية على السلع الصينية، تتأثر حركة التجارة العالمية وتتبدل مسارات الإمداد، فينعكس ذلك، ولو بشكل غير مباشر، على دول مثل سوريا التي تعتمد في جزء كبير من وارداتها على المنتجات الصينية أو على الأسواق الوسيطة المرتبطة بها.
وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 100% على البضائع الصينية، تضاف إلى التعريفات الجمركية البالغة 30% السارية حاليًا.
وقال ترامب في منشور على موقع “تروث سوشيال”، في 11 من تشرين الأول الحالي، “ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية ضوابط على تصدير جميع البرمجيات الأساسية الصينية”.
أوساط اقتصادية ترى أن الخطوة الأمريكية تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي، وبالتالي لن تقتصر تأثيراتها على واشنطن وبكين فحسب، بل تمتد لتشمل دولًا أخرى تعتمد على السلع والمنتجات الصينية.
الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق” والخبير الاقتصادي، الدكتور مجدي الجاموس، أوضح أن هذا التوجه، رغم أنه قد يبدو عسكريًا، فإنه قائم على خلفية اقتصادية، فالولايات المتحدة لن تتخلى عن المكاسب التي حققتها من مؤتمر “بريتون وودز” عام 1943، وأهمها تثبيت الدولار كعملة رائدة مرتبطة بالذهب، والتي تستخدم في تسعير معظم السلع العالمية.
ومع النمو الاقتصادي الصيني وتطور العملات الرقمية، ترى واشنطن ضرورة مواجهة الصين لحماية هذه المكاسب التاريخية، بحسب ما قاله الخبير الاقتصادي، لعنب بلدي.
وأضاف الجاموس أن غزو السلع الصينية للسوق الأمريكي دفع ترامب إلى فرض رسوم جمركية عالية، وصلت إلى 100%، بهدف تشجيع الصناعة المحلية، ما أدى إلى انخفاض حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين من 600–650 مليار دولار بنسبة تجاوزت 30% في أيلول الماضي، ومن المتوقع أن يصل الانخفاض إلى أكثر من 75% إذا استمرت الرسوم.
وأكد الجاموس أن هذه الخطوة لن تؤثر مباشرة على السلع السورية، لكنها ستنعكس على حجم التجارة الدولية، وبالتالي على مستوى الأسعار العالمية.
الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد في جامعة “حماة” والخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الرحمن محمد، قال إن هذا القرار يأتي في إطار الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، إذ سعى الرئيس ترامب إلى تقليل العجز التجاري الأمريكي، وتعزيز الصناعات المحلية الأمريكية.
وأوضح الدكتور محمد في حديث إلى عنب بلدي، أن تأثير الرسوم الأمريكية لن يقتصر على الولايات المتحدة والصين، بل يمتد ليشمل دولًا أخرى، بما في ذلك سوريا، كونها تعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية لتلبية احتياجاتها.
فرض الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 100% على المستوردات الصينية، يؤدي إلى عدة تأثيرات رئيسة بحسب الدكتور محمد، وهي:
رغم أن سوريا ليست طرفًا مباشرًَا في هذه المواجهة، فإن ارتباطها الوثيق بالأسواق الآسيوية، ولا سيما الصينية، يجعلها عرضة لتداعيات غير مباشرة قد تمس أسعار السلع، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، أو تكاليف الاستيراد، وحركة التجارة المحلية.
وفي سياق تأثر الأسواق السورية، يوضح الدكتور عبد الرحمن محمد أن سوريا تستورد من الصين ثلاثة أنواع من المنتجات:
وأشار محمد إلى أن انخفاض الصادرات الأمريكية قد يؤدي إلى توجيه فائض الإنتاج الصيني إلى سوريا، ما قد يخفض أسعار بعض السلع الصينية، مع مراعاة تأثير سعر صرف الليرة السورية، وتكاليف النقل والجمارك، والتي قد تحد من هذا الانخفاض.
أكد الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة “دمشق” والخبير الاقتصادي، الدكتور مجدي الجاموس، أن أي زيادة في الواردات الصينية إلى سوريا ستخلق منافسة مع المنتجات المحلية، خاصة في ظل ضعف القطاع الصناعي، بينما بعض السلع التركية ما زالت تحتفظ بحضور أقوى في السوق.
وأوضح الدكتور عبد الرحمن محمد أن المستقبل قد يشهد سيناريوهات مختلفة:
وشدد الدكتور محمد على ضرورة الرقابة المشددة على الواردات الصينية، لتفادي تدفق سلع منخفضة الجودة تؤثر على المنتج المحلي السوري، خصوصًا في ظل ضعف البنية التحتية والقطاع الإنتاجي والصناعي.
تُظهر تصريحات الخبيرين أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ستترك أثرًا على حركة التجارة العالمية، مع انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على سوريا، فقد توفر الرسوم الأمريكية فرصة لانخفاض أسعار بعض السلع الصينية في السوق السورية، إلا أن التحديات الاقتصادية المحلية قد تحد من هذا التأثير، ما يجعل إدارة السياسات الاقتصادية والتجارية السورية أمرًا حيويًا لمواجهة انعكاسات القرارات العالمية.
تصدّرت سوريا قائمة زيادة الرسوم الجمركية التي وقع عليها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 31 من تموز الماضي، وتضمنت عشرات الدول التي تعتبر الولايات المتحدة أن الميزان التجاري معها يميل بقوة لحساب تلك الدول.
وفرض الرئيس الأمريكي نسبة تصل إلى 41% على الرسوم الجمركية للواردات من سوريا، لتكون الدولة الأكثر استهدافًا بالرسوم الأمريكية، ليس في المنطقة العربية، وإنما في العالم كله، خاصة الدول التي تخوض واشنطن معها نزاعات تجارية طويلة مثل الصين وكندا والمكسيك.
وقال البيت الأبيض في بيان له، إن نسبة الرسوم الجمركية الجديدة تتراوح بين 10 و41%، وتطبق هذه على الدول التي لم تتوصل إلى اتفاقات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، ودخلت الرسوم الجديدة حيز التنفيذ في 7 من آب الماضي.
وشرح الدكتور عبد الرحمن محمد حينها لعنب بلدي أن الرسوم الجمركية بنسبة 41% لها تأثيرات سلبية واضحة على الاقتصاد السوري، تتمثل في:
وكانت واشنطن فرضت، في 2 من نيسان الماضي، رسومًا جمركية على البضائع التي يتم تصديرها من أمريكا إلى سوريا بنسبة 41%، كما بلغت نسبة الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع التي تأتي من سوريا إلى أمريكا 81%.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى