
ورشة عمل تهدف إلى تعزيز دور الإعلام في رفع الوعي بالصحة النفسية - 15 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ مارينا مرهج)
ورشة عمل تهدف إلى تعزيز دور الإعلام في رفع الوعي بالصحة النفسية - 15 تشرين الأول 2025 (عنب بلدي/ مارينا مرهج)
نظمت الهيئة الطبية الدولية (IMC)، بالتعاون مع وزارتي الصحة والإعلام في سوريا، ورشة بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يوافق 10 من تشرين الأول من كل عام.
الورشة التي حملت عنوان “دور الإعلام في صون الحق في التعافي”، وحضرتها عنب بلدي، الأربعاء 15 من تشرين الأول، شارك فيها عدد من المتخصصين في الصحة النفسية، وجهات حكومية معنية في الشأن ذاته، كممثلين عن وزارة الداخلية (الخدمات الطبية) والتعليم العالي.
وتهدف الورشة إلى تعزيز دور الإعلام في رفع الوعي بالصحة النفسية، والحد من الوصمة، وضمان الوصول العادل لخدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي (MHPSS) خلال حالات الطوارئ، وتحديد استراتيجيات عملية لمشاركة إعلامية مسؤولة وفعالة.
تحدث معاون وزير الإعلام، عبد الله الموسى، عن دور الإعلام في تعزيز الوعي العام نحو الشفاء والتعافي وتحمل مسؤولية تناول الأخبار بدقة وطرق تداولها، لافتًا إلى أن التعاطي الإعلامي خلال سنوات حكم النظام السابق، رسخ العيادة النفسية مكانًا للوصمة، وأن الاعتراف بالضعف مدعاة للخجل من خلال صناعة الخوف والعار وتدمير الإنسان وتقديم المريض النفسي في الدراما كخطر بنمط رسم الوصمة المجتمعية، مما زاد من مستوى الأحكام المسبقة وأضعف التعاطف ونشر الجهل.
وأشار الموسى إلى استعداد الوزارة لإقامة ورشات تدريبية مع المختصين النفسيين والصحيين لتقديم ما يمكن ويلزم من دورات نوعية مختصة داخل غرف الأخبار، ووضع كل أدواتها الإعلامية للوصول لأكبر شريحة من الجمهور وتقديم المعلومات عن الأمراض النفسية وسبل العلاج والتعافي وأماكن ووسائل الخدمات الصحية المتاحة، بما يسهم بالوصول للخدمة ويخفض الوصمة ويزيد التماس المساعدة.
ودعا الموسى المنظمات والجهات الصحية لمساعدة الصحفيين السوريين لأنهم من أكثر الفئات التي تعرضت للصدمة وشاهدوا ما لم يشاهده غيرهم من أهوال وفظائع، تحت ضغط عمل وتشنج يومي مستمر تفرضه غرف الأخبار ومهمة حراسة الرواية وإيصال الحقيقة، وهو ما يحتم بأن تطمح الوزارة لأجواء عمل أكثر صحية الآن في المؤسسات الإعلامية.
مسؤول الصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية بدمشق، الدكتور نبيل سمرجي، تحدث لعنب بلدي عن التحول الذي تشهده سوريا في مجال الصحة النفسية ودور الإعلام في دعمه، لافتًا إلى أن هناك إدراكًا متزايدًا لأهمية دور الإعلام في رصد وإزالة الوصمة المرتبطة بالصحة النفسية بشكل منهجي.
ونوه سمرجي إلى أن نقل الأخبار بطريقة غير مسؤولة قد يؤدي أحيانًا إلى تدهور الحالة الصحية للأفراد أو حتى إلى وفاتهم، خصوصًا في الحالات المتعلقة بالانتحار، وهو ما تؤكده الأدلة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.
وأضاف أن محاولات سابقة كانت تبذل لتنظيم هذا العمل، لكنها كانت تصطدم بواقع التنفيذ، إلا أن المرحلة الحالية تشهد تغييرًا واضحًا في هذا الاتجاه، خاصة بعد أن تم إعادة تفعيل اللجنة الوزارية التي تضم وزارات الإعلام، والتربية، والصحة، والطوارئ، والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، بهدف جعل الصحة النفسية مسؤولية جماعية.
وأشار إلى أن هذه الخطوة تدل على وجود خطة واضحة وقرار سياسيًا صريح لرفع شأن الصحة النفسية وتعزيز حضورها في الخطاب الإعلامي بوصفها مسؤولية مشتركة.
وحول تصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة بين السوريين حول الصحة النفسية، أوضح سمرجي أن منظمة الصحة العالمية تعمل في إطار ما يعرف بـ“التواصل حول المخاطر والمشاركة المجتمعية” (RCCE)، وهو طريقة ممنهجة لنقل مخاطر أي جانب صحي، بعد أن يتم تصميم المواد العلمية بطريقة مفهومة للأشخاص وتحاكي عقولهم وعواطفهم، للوصول إلى تغيير السلوك الصحي، بعملية مدروسة بدقة.
وشدد على حرص المنظمة على وجود مادة خاصة للإعلاميين، ليس لرفع الوعي في ما يخص الصحة النفسية فقط، بل لتأهيلهم أيضًا حول كيفية التعامل الإعلامي مع قضايا الصحة النفسية.
وذكر مسؤول الصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية بدمشق، أن المنظمة أجرت دراسة مؤخرًا لرصد الوصمة عند زيارة مراكز الصحة النفسة من قبل الإعلاميين، وأظهرت النتائج أن الوصمة تجاه المرض النفسي موجودة حتى بين العاملين في القطاع الإعلامي، كما هو الحال في قطاعات أخرى.
نتائج الدراسة تؤكد أن تعزيز الشراكة والتدريب والتوعية لتأهيل الكوادر الإعلامية غير كافٍ، ويجب دعم الإعلاميين نفسيًا، لأنهم يتعرضون للاحتراق الوظيفي وللصدمة الثانوية نتيجة تغطيتهم لأحداث صادمة ومؤلمة في سوريا، بحسب سمرجي.
وكشف أن هذا العمل يجري ضمن خطة مشتركة بين منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية أخرى، ومجموعة العمل التقنية، إضافة إلى الوزارات المعنية في اللجنة الوزارية، مؤكدًا أن التنفيذ يسير وفق مسار واضح ومنهجي.
ويرى الدكتور نبيل سمرجي أن على الإعلام أن يخرج من إطار استخدام المصطلحات الموجودة ضمن القوانين السورية القديمة (مجنون، سفيه، معتوه)، لوصم المرضى النفسيين الذين يعانون، واستخدام اللغة الطبية والمجتمعية لعكس أهمية هؤلاء الأشخاص، وتوجيههم للأماكن التي تقدم الخدمات الصحة النفسية، والاختصاصي الذي يجب التوجه إليه في حال المعاناة من أي عارض نفسي، وذلك في إطار تغيير السلوك الصحي لدى الأفراد وتقديم الخدمة وتحسين الصحة النفسية.
وانتقد الإعلاميين الذين يعتمدون مبدأ “السبق الصحفي” خاصة خلال الكوارث كالزلزال والحرب، مما يدفعهم للتركيز على المادة الإعلامية أكثر من التركيز على الشخص المقابل أو حتى نفسه.
وكشف أن المنظمة تملك أطرًا واضحة حول كيف يتم تحضير المقابلة مع شخص ليس فقط مريضًا نفسيًا، بل يمكن أن يكون يتعرض لضغوطات، مبديًا استعداد المنظمة للتدريب عليها، وعلى الأسئلة التي يمكن طرحها حتى لا يتعرض المتلقي لأي رض نفسي، بالإضافة إلى البرامج التي تساعد الإعلاميين في حماية نفسهم من التعرض لأي عوارض نفسية نتيجة ما يمرون به خلال عملهم.
أوضح رئيس دائرة الصحة النفسية في وزارة الصحة، الدكتور أحمد سلامة، خلال الورشة، دور الإعلام المزدوج في الصحة النفسية، إذ يمكن أن يكون أداة قوية لتوعية وتعزيز الدعم، ولكن بالمقابل، يمكن أن يكون أداة لتعزيز الوصمة ونشر المعلومات الخاطئة.
من الآثار الإيجابية للإعلام، وفق سلامة، تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية، ونشر حملات التوعية حول الأمراض النفسية، وتشجيع السلوكيات الصحية، وتقديم منصات للتواصل الاجتماعي التي تقتل الشعور بالوحدة.
أما الأثار السلبية فتتمثل في تشويه صورة المرضى النفسيين من خلال صور نمطية سلبية، تؤدي إلى تعزيز الوصمة الاجتماعية، وتقديم معلومات غير دقيق، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يؤدي إلى المقارنات السلبية والاكتئاب والقلق.
واستعرض خلال حديثه أهم المفاهيم التي تحتاج إلى تصويب، كالتشويه أو التعميم المبالغ فيه، مثل تصوير الأشخاص المصابين بأمراض نفسية على أنهم خطيرون أو عنيفون، بالإضافة إلى استخدام لغة غير دقيقة أو مهينة، مثل “مجنون”، “مختل عقليًا” في الأفلام أو المسلسلات مما يسهم في تكريس الوصمة، وأيضًا يعطي استغلال الصحة النفسية لأغراض درامية أو تجارية في المسلسلات والأفلام تصورًا خاطئًا للجمهور.
وقدم أحمد سلامة عدة نصائح لتصحيح هذه المفاهيم:
وركزت الورشة على أهمية ضمان الوصول العادل والمستدام لخدمات الصحة النفسية خلال الأزمات، باعتبارها حقًا أساسيَا لا امتيازًا، وعلى ضرورة تأهيل وتدريب مقدمي الرعاية النفسية في المراكز الصحية.
واختتمت أعمالها بتقديم عدد من التوصيات، كتدريب الإعلاميين بشكل منهجي على اضطرابات النفسية والإسعاف النفسي، واعتماد دليل وطني لتأهيل العاملين في الإعلام، وإنشاء قسم متخصص بالإعلام الصحي النفسي، بالإضافة إلى وضع معايير للتغطية الإعلامية المسؤولة، وإطلاق برامج توعوية لمحاربة الوصمة وتعزيز التعافي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى