
مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري والمستشار العسكري الإستراتيجي الخاص بالرئيس المخلوع بشار الأسد (تعديل عنب بلدي)
مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري والمستشار العسكري الإستراتيجي الخاص بالرئيس المخلوع بشار الأسد (تعديل عنب بلدي)
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، اليوم الخميس 16 من تشرين الأول، تفاصيل هروب اللواء السابق في قوات النظام السوري بسام الحسن، أحد أبرز المقربين من بشار الأسد، والمتهم بالتورط في تنسيق هجمات كيماوية واختطاف الصحفي الأمريكي أوستن تايس، وذلك عقب سقوط النظام السوري في 8 من كانون الأول 2024.
ونقلت الصحيفة عن شخصيات سابقة في النظام أن القيادة العسكرية في عملية “ردع العدوان” غضّوا الطرف عن معظم الموالين للأسد الفارين باتجاه الساحل السوري، إلا أن بسام الحسن لم يكن مشمولًا بهذا التساهل بسبب سمعته داخل الدائرة الضيقة للنظام ودوره البارز في الأجهزة الأمنية.
وبحسب التحقيق، فإن الحسن تمكن من الفرار دون أن يُكتشف أمره رغم نومه خلال الساعات الأولى من انهيار النظام. فقد أيقظه أحد كبار قادته قبل الساعة الخامسة فجرًا بقليل، ليبدأ على الفور بترتيب موكبٍ من ثلاث سيارات تقلّ زوجته وأولاده وحقائب ممتلئة بالمال.
وذكرت مصادر مطلعة أنه قسّم عائلته على سيارات مختلفة خوفًا من استهدافهم جميعًا.
وعند اقتراب الموكب من مدينة حمص، أوقف مقاتلو “ردع العدوان” السيارة الأولى، وهي سيارة دفع رباعي، وأنزلوا زوجة اللواء وابنته، وأجبروهما على ترك كل شيء داخل السيارة، وفق شهادة أحد شهود العيان.
وبعد استيلاء المقاتلين على المركبة وما فيها، سمحوا للنساء بالركوب في السيارة الثانية دون أن يدركوا “أن أحد أكثر رجال النظام إجرامًا كان يجلس على مقربة منهم”.
وأشارت الصحيفة إلى أن فرص مقاتلي المعارضة في التعرف على الحسن كانت شبه معدومة، إذ انتشرت لسنوات صورٌ مزيفة له في الإعلام، وحتى الحكومتان الأمريكية والبريطانية لم تستخدما اسمه أو تاريخ ميلاده الصحيحين في وثائق العقوبات المفروضة عليه.
وأكدت “نيويورك تايمز” أنها حصلت على الصورة الحديثة الوحيدة للحسن وتحققت من صحتها.
صورة نادرة للواء بسام الحسن حصلت عليها صحيفة “نيويورك تايمز” – 16 تشرين الأول 2025 (نيويورك تايمز)
وبعد تجاوزه نقاط التفتيش، واصل الحسن طريقه نحو لبنان ثم إيران بمساعدة مسؤولين إيرانيين، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين من النظام السوري ولبنان والولايات المتحدة.
لاحقًا، عاد إلى بيروت ضمن صفقة لتقديم معلوماتٍ للاستخبارات الأمريكية، وفق ما أكده مقربون منه.
وأضافت المصادر أن الحسن يقيم حاليًا في العاصمة اللبنانية، حيث شوهد في المقاهي والمطاعم الفاخرة برفقة زوجته، في وقت رفض فيه الرد على استفسارات الصحيفة بعد التواصل معه عبر رقم “واتساب” لبناني.
أظهرت معلومات حول الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا، أوستن تايس، الذي اعتقل عند حاجز تابع للنظام خارج دمشق، في 13 من آب 2012، تفيد بأنه كان محتجزًا في مجمع بالقرب من القصر الرئاسي، الذي كان يقطنه بشار الأسد، كما تكشف المعلومات كيف تم اعتقاله ومن المسؤول الأول عن اعتقاله.
مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، نقلت عن اللواء في أجهزة أمن النظام السابق، صفوان بهلول، في 12 من حزيران الماضي، أن تايس لم يكن محتجزًا لدى فصائل المعارضة، بل لدى الدولة السورية، بعلم الأسد الكامل، وأنه احتُجز لبعض الوقت في مجمع يضم أقرب مساعدي الأسد.
ونقلت المجلة عن بهلول، أن مؤسس ميلشيا “الدفاع الوطني”، بسام حسن، وهو مستشار غامض في الدائرة المقربة من الأسد، علم أن تايس موجود في دمشق، فبدأ بخطة للقبض عليه، بينما كان تايس يستعد لأخذ استراحة في لبنان بعد فترة شاقة قضاها في تغطية الأحداث في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، وبحث تايس هناك عن وسيط لمحاولة عبور الحدود من سوريا إلى لبنان، وفيما بعد اتضح أن الوسيط كان يعمل لصالح بسام حسن، كما نقلت “الإيكونوميست” عن اللواء السابق.
وبعد اعتقاله، احتُجز تايس في مرآب داخل مجمع بسام حسن، ليس بعيدًا عن القصر الرئاسي، كما قال اللواء، وكان بشار الأسد على علم باعتقال أوستن تايس، وسعيدًا به.
ويقع الموقع، بحسب المجلة خارج نظام السجون الرسمي للنظام، وغير مُسجل رسميًا، وتحت السيطرة المباشرة للموالين للأسد.
وظهر تايس لآخر مرة معصوب العينين ومحاطًا برجال ملثمين يهتفون “الله أكبر”، ونُشر على منصة “يوتيوب” في أيلول 2012، وقال اللواء بهلول إن مؤسس ميليشيا “الدفاع الوطني” بسام حسن هو من دبّر التسجيل المصور، وجرى تصويره في ريف دمشق الشمالي.
وفي 15 من حزيران الماضي، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية أجريا تحقيقًا مع الجسن، اعترف خلاله أن الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا، أوستن تايس، قتل بأمر من الأسد عام 2013.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وأشخاص آخرين مطلعين على قضية تايس (لم يكشفوا عن هويتهم لحساسية الأمر) أن الحكومة الأمريكية أجرت تحقيقًا في ادعاءات بسام الحسن، أحد أفراد الدائرة الداخلية للأسد ومستشاره للشؤون الاستراتيجية، وجرى استجوابه في بيروت من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية على مدى عدة أيام في شهر نيسان الماضي.
ولد بسام مرهج الحسن عام 1961 في بلدة شين بريف حمص الغربي، وبدأ مسيرته العسكرية في الحرس الجمهوري ضمن سرية الحراسة الخاصة بالقصر الجمهوري، قبل أن يتدرج في المناصب الأمنية الحساسة داخل النظام، وصولًا إلى توليه منصب مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري منذ عام 2008، وهو الموقع الذي جعله من أكثر الشخصيات قربًا من بشار الأسد.
بعد حصوله على دكتوراه في علم الاجتماع من جامعة دمشق، أُسندت إلى الحسن مهام الإشراف على “الوحدة 450” التابعة لمركز البحوث العلمية، وهي الوحدة المسؤولة عن تأمين وتخزين الأسلحة الكيماوية السورية.
وتشير وثائق وتقارير حقوقية إلى أنه لعب دورًا مركزيًا في تنسيق الأوامر المتعلقة باستخدام هذه الأسلحة، والتي تسببت منذ عام 2012 بمقتل أكثر من 1400 مدني، بينهم مئات الأطفال والنساء، وإصابة نحو 10 آلاف آخرين في هجمات استُخدم فيها غاز السارين والكلور.
كما شغل الحسن رئاسة أركان قوات “الدفاع الوطني”، الميليشيا التي تأسست بدعم من جمعية “البستان” التابعة لرامي مخلوف، وبتسليح مباشر من مستودعات الجيش.
ويُعرف بين عناصرها بلقب “الخال”، لكونه خال صقر رستم، أمين عام “الميليشيا”، التي ارتبطت بعلاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني وقائده الراحل قاسم سليماني.
تتهم منظمات حقوقية اللواء الحسن بالمسؤولية المباشرة عن سلسلة مجازر ارتكبتها ميليشيات الدفاع الوطني في حمص ودرعا وحماة، من بينها مجزرة الحولة في أيار 2012 التي راح ضحيتها 106 مدنيين بينهم 50 طفلًا، ومجزرة القبير في حماة التي قُتل فيها 78 مدنيًا، إضافة إلى عمليات قتل جماعي في أحياء كرم الزيتون وجوبر ورام العنز.
كما ورد اسم الحسن في ملفات اغتيال وتصفية معارضين داخل سوريا وخارجها، من أبرزها اغتيال الشيخ أحمد عبد الواحد في طرابلس اللبنانية عام 2012، إلى جانب وثائق منسوبة إليه تتضمن أوامر بتصفية ضباط منشقين، بينهم العميد زاهر الساكت والعقيد ثائر مدلل.
بسبب هذه الانتهاكات، أُدرج اسم اللواء بسام الحسن في قوائم العقوبات الأمريكية والبريطانية والأوروبية، وخصوصًا لدوره في ملف الهجمات الكيماوية.
استمر الحسن في موقعه داخل القصر الجمهوري حتى السنوات الأخيرة من حكم الأسد، محتفظًا بعلاقات وثيقة مع الضباط الروس والإيرانيين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى