
حلقة نقاش ضمن فعاليات المنتدى الإقليمي الثلاثي حول آثار عودة اللاجئين السوريين والتطورات الاجتماعية والاقتصادية على سوق العمل في سوريا والدول المجاورة - 16 تشرين الأول 2025 ( عنب بلدي/ مارينا مرهج)
حلقة نقاش ضمن فعاليات المنتدى الإقليمي الثلاثي حول آثار عودة اللاجئين السوريين والتطورات الاجتماعية والاقتصادية على سوق العمل في سوريا والدول المجاورة - 16 تشرين الأول 2025 ( عنب بلدي/ مارينا مرهج)
نظمت منظمة العمل الدولية المنتدى الإقليمي الثلاثي، حول آثار عودة اللاجئين السوريين والتطورات الاجتماعية والاقتصادية على سوق العمل في سوريا والدول المجاورة، وذلك تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا.
وجمع المنتدى، الذي حضرته عنب بلدي اليوم، الخميس 16 من تشرين الأول، بين منظمة العمل الدولية، والجهات الحكومية، وممثلين عن العمال وأرباب العمل، من سوريا وتركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، بالإضافة لخبراء ومراقبين إقليميين، ومشاركة وكالات الأمم المتحدة.
قالت مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، الدكتورة ربا جرادات، في حديث إلى عنب بلدي، إن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا إلى سوريا منذ كانون الأول 2024، إلى جانب أكثر من مليون و700 ألف نازح داخلي عادوا إلى مجتمعاتهم.
إلا أن هؤلاء “عادوا إلى واقع صعب جدًا”، إذ يعيش قرابة 90% من السوريين في فقر، فيما لا تتجاوز نسبة فرص العمل المتاحة للنساء 15%، بينما يتزايد عمل الأطفال نتيجة الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الأسر السورية، في ظل غياب منظومة فعالة للحماية الاجتماعية.
وأوضحت جرادات أن منظمة العمل الدولية تعمل في سوريا جنبًا إلى جنب مع شركائها الاجتماعيين، من عمال وأصحاب عمل ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبدعم من الشركاء الدوليين، على خطة عمل لدعم سوريا تتضمن عدة محاور أساسية.
وأضافت أن أولوية الخطة تتمثل في تدريب العمال على المهارات اللازمة لإعادة الإعمار، إلى جانب إجراء مسح شامل للقوى العاملة في البلاد، يتيح للمنظمة وسائر الجهات الداعمة وضع خطط دقيقة لدعم سوق العمل السوري.
وأشارت إلى أن جزءًا كبيرًا من عمل المنظمة يتركز على تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، بالتعاون مع الوزارة والشركاء الاجتماعيين، إلى جانب تنفيذ برامج تشغيل كثيفة العمالة تسهم في إعادة بناء البنية التحتية.
جرادات أكدت أن المنظمة تسعى من خلال فرقها العاملة على الأرض إلى تحقيق نتائج ملموسة في مجالي خلق فرص العمل وتأهيل القوى العاملة بالمهارات المناسبة، مشددة على أهمية ضمان السلامة والصحة المهنية عبر إنشاء أنظمة تضمن بيئة عمل آمنة.
كما لفتت إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 92% من القطاع الخاص السوري، ومعظمها يعمل في القطاع غير المنظم، ويواجه صعوبات في الحصول على التمويل، ما يجعل دعم هذه المشاريع أولوية رئيسية في برامج المنظمة.
وشددت مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، ربا جرادات، أن جهود المنظمة لا تقتصر على دعم العائدين من اللجوء، بل تستهدف جميع العاطلين عن العمل داخل سوريا، مؤكدة أن الهدف العام هو إعادة تأهيل سوق العمل السوري والنهوض به تدريجيًا.
تولي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، أولوية لتحسين بيئة العمل وضمان شروط العمل اللائق، بحسب ما ذكرته معاون وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا، الدكتورة رغداء زيدان، لعنب بلدي، مشيرة إلى أن هذا التوجه تعزز منذ استلام الوزيرة الحالية مهامها، من خلال تعاون مستمر مع نقابات العمال وأصحاب العمل ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية.
وأوضحت زيدان أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على نشر الوعي بأهمية التأمين الاجتماعي، بين أصحاب العمل والعمال، لضمان استفادة جميع العاملين من حقوقهم التأمينية.
ونظمت الوزارة ورشات تأهيل وتدريب تتناول قضايا السلامة والصحة المهنية، وتراجع حاليًا جميع القوانين القديمة كقانون التأمينات وقانون العمل رقم “17” الناظم لعلاقات العمل في القطاع الخاص، وقوانين الصحة والسلامة المهنية، بالتنسيق مع أطراف العمل الثلاثة، العمال وأصحاب العمل والحكومة، لتحقيق توازن في سوق العمل وتطبيق معايير العمل اللائق المعتمدة من منظمة العمل الدولية، والتي وقعت عليها سوريا رسميًا.
وبيّنت زيدان أن الوزارة تُنجز خطوات مهمة في مجالات تفتيش العمل وتنظيمه، إلى جانب التوعية بأهمية الضمان الاجتماعي وتأمين العمال، مؤكدة أن هذه الجهود تهدف إلى تعزيز الثقة بين العمال وأصحاب العمل والمساهمة في دعم عملية إعادة الإعمار.
وفيما يتعلق باستغلال بعض العمال في القطاع الخاص نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة، أوضحت زيدان أن الوزارة تتابع هذه الحالات ميدانيًا عبر لجان تفتيش مختصة، لضمان تسجيل العمال في التأمينات الاجتماعية والالتزام بمعايير السلامة والصحة المهنية.
وشددت على أن الوزارة لن تتهاون في أي انتهاك لحقوق العمال، مؤكدة أن أبوابها مفتوحة لتلقي الشكاوى من أي عامل يتعرض لظلم، وأن هناك قنوات تواصل متاحة مباشرة حتى في المؤسسات التي لا تتبع إداريًا للوزارة، بهدف صون حقوق العمال وتحقيق بيئة عمل أكثر عدالة واستقرارًا.
قال رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، محمد أيمن المولوي، خلال المنتدى، إن إعادة بناء الاقتصاد السوري يتطلب مشاركة جميع الأصوات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز التواصل مع أعضائها وفهم احتياجاتهم بشكل أفضل، من خلال الاستبيانات والأبحاث وتوسيع التفاعل المباشر مع مختلف الشرائح الصناعية، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، والمشاريع التي تقودها النساء، ورواد الأعمال من الأقليات والعائدين.
وأوضح المولوي أن الغرفة تحتاج أيضًا إلى تطوير قدراتها الداخلية عبر أدوات رقمية وشراكات جديدة تساعدها على خدمة قاعدة صناعية أكثر تنوعًا، مشيرًا إلى أن هناك إمكانات كبيرة للتعاون مع السوريين في الشتات، لما يمتلكونه من مهارات وموارد ورغبة في المساهمة بإعادة الإعمار.
وأضاف أن تقوية الروابط مع المغتربين يمكن أن يسهم في جذب استثمارات مستدامة إلى القطاعات المنتجة، بما يعزز فرص العمل والنمو الشامل، خصوصًا للنساء والشباب والفئات الأكثر ضعفًا.
وأكد المولوي أن غرفة صناعة دمشق وريفها، تحتاج إلى دعم حقيقي لتهيئة بيئة أعمال أكثر تمكينًا، بما يتيح عودة الصناعات إلى العمل والنمو، مبينًا أن الأولوية تتمثل في توفير الطاقة بأسعار مناسبة لتشغيل المصانع، إلى جانب تسهيل القروض والمنح منخفضة الفائدة لدعم الشركات المتضررة وتشجيعها على الاستثمار وتحسين ظروف العمل.
وأشار إلى أن الوصول إلى الأسواق يشكل أحد أكبر التحديات أمام المنتجين السوريين، الذين يواجهون منافسة غير عادلة وحواجز تجارية داخل البلاد وخارجها. لذلك، دعا إلى دعم سياسات التجارة العادلة وتوسيع الانفتاح، بالتوازي مع برامج تدريبية تواكب احتياجات القطاع الصناعي، ولا سيما للشباب والنساء والعائدين. كما شدد على ضرورة إعادة بناء سلاسل التوريد المحلية لربط الصناعات السورية بالأسواق العالمية وتعزيز قدرتها التنافسية.
وأوضح المولوي أن تحسين البيانات والبحوث الاقتصادية أمر أساسي لاتخاذ قرارات فعّالة، مؤكدًا حاجة الغرفة إلى معلومات دقيقة حول التجارة، والاستثمار، وفجوات المهارات، وفرص الأعمال، بهدف إعداد أدلة عملية للشركات الصغيرة والمتوسطة تساعدها على الانطلاق والتوسع بنجاح. ولفت إلى أن المشاريع التي تقودها النساء أثبتت قدرتها على إحداث أثر اجتماعي واقتصادي ملموس في مجتمعاتها.
وفي سياق تعزيز العلاقات الإقليمية، أشار المولوي إلى أن الغرفة تعمل على بناء شراكات صناعية عابرة للحدود مع دول الجوار مثل الأردن ولبنان، بالاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)، بهدف ربط المنتجين السوريين بالموردين والعملاء في المنطقة.
وأضاف أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تحسين البنية التحتية اللوجستية، بما يشمل الطرق والممرات التجارية وشبكات النقل، إلى جانب تبسيط الإجراءات الجمركية والمعايير لتسهيل التصدير، خصوصًا أمام الشركات الصغيرة. كما تعمل الغرفة على إنشاء مناطق صناعية مشتركة وشبكات توريد إقليمية، خاصة في الصناعات الغذائية والنسيج ومواد البناء والدوائية.
وختم المولوي بالتأكيد على أن أي نهضة اقتصادية لا تكتمل دون شمول جميع الفئات، من نساء وشباب وأقليات وعائدين، داعيًا إلى برامج تدريبية وحوافز للتوظيف الشامل، وتعزيز التعاون مع الشتات السوري لجذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة، مؤكدًا أن الكثير من السوريين في الخارج يمتلكون الرغبة والقدرة على المساهمة في إعادة بناء اقتصاد بلادهم، وأن المطلوب فقط هو توفير القنوات المناسبة لتحقيق ذلك.
وأختتم المنتدى أعماله، بعرض وثيقة المسودة النهائية، للمناقشات الأولية ووجهات النظر المشتركة التي انبثقت عن المنتدى الثلاثي الإقليمي، استرشادًا بمعايير العمل الدولية وتوصية منظمة العمل الدولية رقم “205” لعام 2017، بشأن الاستخدام والعمل اللائق من أجل السلام والقدرة على الصمود، وبما ينسجم مع نهج الترابط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام.
وتشكل الوثيقة إطارًا لمواصلة الحوار والتعاون الثلاثي بشأن ديناميات أسواق العمل المتغيرة في المنطقة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى