الفنانة السورية ليلى سمور - 19 حزيران 2023 (أرابيسك)
تعيش في فرنسا ويناديها العرب "فوزية"
ليلى سمور: على السوريين التخلي عن الاستقطاب وإدانة الآخر
عنب بلدي – شعبان شاميه
بعد غيابها عن الساحة الفنية لسنوات طويلة بسبب الغربة، تكشف الفنانة السورية ليلى سمور أنها لم تبتعد يومًا بإرادتها، إلا أن هناك من تعمد تغييبها، إضافة إلى ظروف وجودها في الخارج والتي لعبت دورًا كبيرًا بذلك، متحدثة في لقاء مع عنب بلدي عن مسيرتها وما هو قادم والتفاصيل التي عايشتها، داعية السوريين إلى التكاتف ووحدة الصف لتجاوز هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
“المشهد مؤلم”.. دور الفنان توعوي
دعت سمور السوريين إلى التخلي عن حالة الاستقطاب والاحتقان وإدانة الآخر التي يمارسونها بحق بعضهم، موضحة أن الخلل في التوازن الذي يحصل في كل بلد بعد تغيير الأنظمة السياسية أمر مفهوم، لكنها لم تتوقع أن يحصل ما نعيشه اليوم، لدرجة أن الجميع باتوا بانتظار الجميع لمهاجمة الآخر وشتمه، “فما بالك بالممثل في حال تكلم”.
دور الفنان في هذه المرحلة توعوي من خلال الدعوة للتكاتف ووحدة الصف، والابتعاد عن التفرقة ونبذ الطائفية والدعوة للسلم الأهلي، سواء من خلال أعماله أو عبر منصاته على مواقع التواصل، وفق ما قالته سمور، “لنستطيع جميعًا التخطي” والتركيز على إعادة إعمار البلاد.
ولفتت إلى حجم الوجع نتيجة الأحداث التي مرت بها البلاد طوال السنوات الماضية، آخرها أحداث السويداء، مؤكدة أن المشهد مؤلم إلى حد كبير، خاصة أنه تزامن مع وجودها خارج سوريا.
“الموجودون في البلد بمثل هذه الظروف يكونون أكثر توازنًا”، وهذا ما لمسته سمور من خلال تواصلها مع أصدقائها ومعارفها، وفق قولها.
وتمنّت لو أنها كانت صاحبة قرار لإيقاف ما يحصل في السويداء وبقية المناطق السورية، داعية الجميع لوضع نهاية لهذا الوجع، مشيرة إلى أنها تعرضت للوم لعدم تعليقها على مجريات الأحداث الأخيرة، وقالت إنه “أمام حجم ما نشعر به من مأساة فإن أي كلام يصبح بلا معنى”.
وتوجهت إلى أهالي السويداء بالقول، “قلبي معكم، الله يشهد أن أيامًا طويلة مرت عليّ بلا نوم، وأنتم أقوياء وأصحاب إرادة وكرامة وستخرجون من هذه الأزمة”.
وذكرت سمور أن ارتباطها بهذه المحافظة كبير رغم أنها لم تعش فيها، فهي من مواليد دمشق، في حين أن والديها من مواليد السويداء، وتلتمس من خلال والديها عظمة هذه المنطقة وكرم ونخوة وأصالة أهلها، مؤكدة الانتماء إليهم، راجية العوض والسلام لكل السوريين وكل إنسان فقدَ وتأذّى خلال سنوات الحرب.
انعكاس التغيير على الدراما
أوضحت سمور أن من المبكر الحديث عن واقع الدراما في المرحلة الجديدة بعد سقوط النظام، قبل أن يتم عرض الأعمال التي يتم تصويرها اليوم للحكم عليها، خاصة لناحية الحريات والرقابة وطبيعة القضايا والأفكار المطروحة، والحديث بعد ذلك عن المستجدات وما يجب تطويره أو تغييره.
وأشارت إلى أنها دائمًا تأمل خيرًا بالمستقبل، وهذا جزء من شخصيتها، راجية أن تستقر الأوضاع الأمنية وتعود عجلة الحياة والدراما للدوران، خاصة أنها اضطرت هذا الموسم للاعتذار عن عدة أعمال لعدم وجودها في دمشق.
وقالت سمور إنها اضطرت للاعتذار عن دور رئيس في مسلسل “عيلة الملك” لهذا الموسم، للمخرج محمد عبد العزيز، بسبب الظروف النفسية التي لازمتها مؤخرًا نتيجة الأحداث، إضافة إلى عدم الاستقرار الأمني الذي تشهده البلاد، بالرغم من أنها انتظرت العمل عامًا كاملًا نظرًا إلى أهميته واكتمال عناصره، متوقعة أن ينال أصداء إيجابية عند العرض، رافضة الكشف عن الشخصية التي اعتذرت عنها ولمن أُسندت.
وتمنت على صناع الدراما طرح أعمال تحاكي الواقع السوري بصيغة تفاؤلية لما هو قادم، وتقديم مقترحات لما يجب عليه أن نكون لأجل أنفسنا والبلاد غدًا، إضافة إلى التخلي عن “الشللية” واحتكار الأدوار لأشخاص بعينهم، من خلال إنصاف الممثل الموهوب وإعطائه حقه، وتكثيف الإنتاج بطريقة فنية وجمالية تعيد الدراما السورية إلى عصرها الذهبي، مؤكدة أن كل ما سبق مرهون بالاستقرار الأمني والحريات.
تأثير الغربة على مسيرتها الفنية
الغربة غيّرت من سمور تمامًا، كما قالت، لدرجة أنه لا مجال للمقارنة بين شخصية ليلى قبل مرحلة السفر وبعدها، معتبرة أنه بقدر جمال هذه التجربة وأهميتها نتيجة الخبرات والمعارف التي تكتسبها من مواجهتك لذاتك، إلا أنها مؤلمة للغاية، واصفة إياها بـ”الانفصال عن الروح”.
وأضافت سمور أن السفر لم يكن يومًا غاية بالنسبة لها، فهي كانت “مرتاحة ومدللة في سوريا”، على حد تعبيرها، إلا أن الأمر حصل فجأة، في حين استبعدت العودة إلى البلد للاستقرار الكامل بسبب وضعها العائلي ووجود زوجها وابنها الوحيد وحفيدها في فرنسا، وعدم نيتهم العودة حاليًا لظروفهم الخاصة.
في حين أنها لا تستطيع العيش دون الشام ولم تنقطع عنها، تابعت سمور، إذ تزور سوريا باستمرار، خاصة أن عملها كممثلة وفترات التصوير الطويلة يتطلب ذلك، إلا أن الرجوع لعائلتها أمر لا بد منه.
وذكرت سمور أن من التفاصيل الإيجابية في بداية سفرها إلى فرنسا هو انسلاخها عن حياتها الفنية ونجوميتها إلى مكان عاشت فيه بهدوء بعيدًا عن مصاعب الشهرة التي يواجهها الفنان عادة، إلا أن هذا الأمر لم يستمر طويلًا، فالجاليات العربية هناك كبيرة، وهذا ما حمّلها مسؤولية أكبر تجاه مهنتها، والتي طالتها إشاعات كثيرة بالاعتزال، وهذا ما لم يحدث يومًا.
كما تحدثت سمور عن حالة القطيعة من الأصدقاء بعد السفر وغياب التواصل، وهو ما بررته بظروف الحرب، فلم تعتب على أحد، موضحة أن السفر أثّر على حجم عروض العمل التي تتلقاها، لكنها سنويًا تتلقى عروضًا وتعتذر في حال عدم ملاءمتها، لافتة إلى الوجوه الجديدة التي تصدرت من مخرجين وممثلين بعد سفرها ومعظمهم لا تعرفهم، وهذا بطبيعة الحال يؤثر على وجود الفنان، مع عزمها إعادة تفعيل حضورها في المشهد الدرامي السوري مجددًا.
حديث عن “مرايا”
سلسلة “مرايا” حققت لسمور حلم تجسيد مختلف الشخصيات، ونجومية على مستوى العالم العربي، إذ كانت بمثابة خطوات ثابتة ترسخت في ذاكرة الجمهور لغاية اليوم، مشيرة إلى أنها كانت تحلم بأن تكون جزءًا من مشروع كهذا خلال سنوات دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية.
ووجهت سمور شكرًا للفنان والمخرج الراحل حاتم علي الذي منحها فرصة الانضمام لمسلسل “مرايا”، مسترجعة ذكريات التصوير، ووصفت العمل مع “الفنان القدير” ياسر العظمة كأنه “ذهاب إلى سيران”.
تستبعد سمور إمكانية القدرة على إنتاج عمل مشابه لـ”مرايا”، وتعتبر أن المعايير التي اختلفت الآن كثيرة، والناس اليوم لن ينتظروا هذه الأعمال بذات اللهفة، كما أنه لن يضاهيه عمل جديد على صعيد الأفكار والتي كان لها رؤى مستقبلية، فالكتاب والممثلون الكبار رحلوا عن عالمنا بمعظمهم، معلّقة بالقول “لكل زمن فرسانه”.
رحلتها في معهد الفنون المسرحية
حول دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية، وهي من خريجي دفعته العاشرة، قالت سمور، “إنه الآن ليس في أوجه وذروة ألقه”، مشيرة إلى أنها لا تقارن بين ما كان عليه سابقًا واليوم، فلكل زمن أشخاصه.
معهد الفنون المسرحية برأيها منحهم (خريجي المعهد) الكثير من المعرفة والعمق والتجارب والخبرات، على يد أساتذة يحلم كل طالب أن يدرّسوه، أمثال فواز ساجر وسعد الله ونوس وممدوح عدوان ونائلة الأطرش وغيرهم، مستذكرة قساوة موقع المعهد الذي كان عليها في دمر البلد آنذاك وبرودته (الموقع الحالي في ساحة الأمويين).
واعتبرت سمور أن السينما هي الأجمل، لكنها لجأت إلى التلفزيون لملاءمته لظرفها حينها ومردوده المادي الجيد، وهذا ما تطلّبه وضعها المعيشي حينها، كما أنه أكثر انتشارًا، وأسهل من المسرح الذي يحتاج إلى جهد ووقت والتزام لم تسمح به ظروفها العائلية آنذاك.
قالت سمور، إنها عاشت الفقر خلال بداياتها وتغلّبت على كثير من الظروف الصعبة.
واقع الكوميديا السورية
وجود جهة إنتاجية قوية تتبنى صناعة عمل كوميدي سوري بمقومات عالية واختيار وجوه مناسبة، لا يعتمد على التهريج، وإنما كوميديا الموقف، هو ما تأمل به سمور، لإعادة هذه الصناعة الناجحة إلى الواجهة بعد غيابها لسنوات جراء الحرب وغياب الكتّاب والنصوص والمخرجين الكبار أمثال الراحل هشام شربتجي.
وعن إسناد شخصية “فوزية” بسلسلة “باب الحارة” لشكران مرتجى بعد نجاحها في الجزأين الأول والثاني، أكدت سمور أن ذلك جاء بعد اعتذارها عن العمل بسبب الإجحاف المادي بحقها.
وقالت إنها لا تندم على قرار اتخذته، وإن هذه الشخصية راسخة لدى الجمهور لغاية اليوم، لافتة إلى أن كثيرًا من عرب فرنسا ينادونها بـ”فوزية” عند مصادفتها في الأماكن العامة، موضحة أنها تنازلت ماديًا في البداية لرغبتها بالعمل مع المخرج بسام الملا، وعندما طالبت بأجر مادي معقول لم يتم الوصول لاتفاق فاعتذرت.
في حوارها مع عنب بلدي قالت سمور، إن “الوسط الفني في سوريا لم ينصف أبدًا ليلى الممثلة، ولم يُعرض عليها الدور الذي تحلم به”، رافضة فكرة أنها مهمشة، معتبرة أن هناك أشخاصًا يهمهم عدم وجودها.
وأضافت أن ضعف علاقاتها الاجتماعية في الوسط الفني يلعب دورًا سلبيًا من هذه الناحية، إضافة إلى وجودها في الخارج، ورغم كل ما سبق هناك أدوار تُعرض عليها باستمرار.
وختمت بالقول، إنها أصبحت “انتقائية إلى حد كبير” احترامًا لتجربتها وتلافيًا للتكرار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :