المبعوث الروسي إلى سوريا في إيران

هل تلعب موسكو دور الوسيط بين دمشق وطهران

لقاء المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ـ 21 تشرين الأول 2025 (الخارجية الإيرانية)

camera iconلقاء المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ـ 21 تشرين الأول 2025 (الخارجية الإيرانية)

tag icon ع ع ع

بعد أيام من زيارة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وصل المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إلى طهران، والتقى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ما أثار تساؤلات عديدة حول سبب الزيارة ومدى ارتباطها بالعلاقات السورية- الإيرانية.

وبعد الزيارة التي جرت الاثنين 20 من تشرين الأول، برز تساؤل بشأن إذا ما كانت موسكو تلعب دور الوسيط بين دمشق وطهران لإعادة العلاقات بينهما.

وإلى جانب روسيا، كانت إيران تعد أبرز الداعمين لنظام الأسد المخلوع سياسيًا وعسكريًا، وعقب سقوط النظام، سحبت طهران تمثيلها الدبلوماسي من سوريا، وما زالت العلاقات متوقفة حتى الآن.

وحدة سوريا على الطاولة

بحث المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، “الموقف المشترك” للتطورات الإقليمية بما في ذلك الحفاظ على وحدة سوريا.

وكان لافرنتييف التقى عراقجي في طهران، مساء الاثنين 20 من تشرين الأول، وفق ما أوردته الخارجية الإيرانية في بيان نشر اليوم، الثلاثاء 21 من تشرين الأول.

وزير الخارجية الإيراني أشار إلى “المستوى الجيد للغاية” للعلاقات الثنائية والتعاون المتزايد بين روسيا وإيران على الساحات الثنائية والإقليمية والدولية، مشيدًا بمواقف موسكو تجاه طهران في مجلس الأمن.

لقاء المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ـ 21 تشرين الأول 2025 (الخارجية الإيرانية)

لقاء المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي – 21 تشرين الأول 2025 (الخارجية الإيرانية)

كما أكد المبعوث الروسي إلى سوريا أهمية التشاور بين موسكو وطهران بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

وأضافت الخارجية الإيرانية أن الاجتماع  أكد الموقف المشترك لإيران وروسيا تجاه التطورات الإقليمية، بما في ذلك “ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا”، ومعارضة أي اعتداء على سيادة البلاد وسلامة أراضيها، ومنع تحولها إلى “حاضنة للإرهاب”.

ويعتقد مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز “الدراسات العربية الأوراسية”، والباحث الروسي، ديمتري بريجع، أن زيارة  لافرنتييف إلى طهران جاءت في توقيت حساس يعكس رغبة موسكو في لعب دور الوسيط.

وقال بريجع، في حديث إلى عنب بلدي، إن روسيا تدرك أن إعادة التوازن في علاقات الحلفاء داخل ما يسمى بـ”محور المقاومة” أصبحت ضرورة استراتيجية للحفاظ على نفوذها في المنطقة، خصوصًا في ظل الضغوط الغربية المتزايدة ومحاولة بعض الأطراف العربية فتح قنوات جديدة مع دمشق بعيدًا عن طهران.

عودة العلاقات مستبعدة

الرئيس السوري قال في مقابلة مع قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، في 12 من أيلول الماضي، خلال الحديث عن العلاقات مع إيران، “بالنسبة لإيران كان الجرح أعمق بعض الشيء، ونحن لا نقول ستكون هناك قطيعة دائمة بيننا وبين الإيرانيين”.

الشرع قال إن سقوط النظام أدى إلى إخراج الأذرع الإيرانية من المنطقة، مشيرًا إلى أن سوريا دخلت في حالة من البرود في العلاقة مع إيران.

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قال في أيلول الماضي، إن إيران “تعتبر نفسها صديقة للشعب السوري”.

وأضاف في إحاطة صحفية، “نعتقد أن قطع العلاقات بين بلدين إسلاميين تربطهما علاقات صداقة تاريخية ليس بالضرورة أمرًا دائمًا”، حيث تؤمن إيران بأن مصير سوريا يجب أن “يُحدد بمراعاة حقوق جميع المجموعات العرقية وشرائح المجتمع”.

الباحث المشارك في “المنتدى العربي للسياسات الإيرانية” (أفايب) مصطفى النعيمي، لا يتوقع نجاح مساعي الوساطة في حال كانت روسيا تلعب دور الوسيط بين دمشق وموسكو.

وفي حديث إلى عنب بلدي، أرجع النعيمي ذلك الفشل إلى أن إيران لديها محددات للعودة إلى سوريا، ومنها المديونية على النظام السابق، حيث تشير التقديرات إلى أن إيران أنفقت على نظام الأسد ما يقارب 50 مليار دولار.

ويعتقد النعيمي أن طهران ستطلب شروطًا غير ممكنة التحقيق، وبالتالي فإن الجهود الروسية ستذهب سدى.

الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين - 15 تشرين الأول 2025 (تاس)

الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين – 15 تشرين الأول 2025 (تاس)

على الجانب الآخر، يرى المحلل السياسي السوري حسن النيفي أن العلاقة بين سوريا وروسيا تختلف عن العلاقة بين سوريا وإيران، على اعتبار أن روسيا دولة عظمى وصاحبة صوت في مجلس الأمن.

النيفي، وفي حديث إلى عنب بلدي، اعتبر أن إيران “دولة مارقة في منظور المجتمع الدولي”، وليس في مصلحة سوريا التقارب معها.

وأشار المحلل السياسي إلى أن “الإقبال الغربي” والانفتاح على سوريا سواء من جانب الولايات المتحدة أو أوروبا، إنما حصل على خلفية “طرد النفوذ الإيراني” من سوريا، معتبرًا أن الغرب يراهن على أن الحكومة السورية لن تتيح المجال لإيران للتغلغل مرة أخرى. 

دور روسيا

لم تصل العلاقة بين روسيا وسوريا إلى الدرجة التي يمكن أن تلعب موسكو دور الوسيط، بحسب ما يرى المحلل السياسي حسن النيفي.

ولا يعتقد النيفي أن على أجندة الحكومة السورية مشروع “إعادة العلاقة المباشرة” مع إيران، مشيرًا إلى أن تصريحات الشرع حول العلاقة مع طهران ليس دلالة على رغبة سوريا في تعزيز علاقتها معها، وإنما “هو (الشرع) يريد أن يكون خطابه متوازنًا وليس عدائيا”.

أما الباحث الروسي ديمتري بريجع فيرى أن الكرملين يسعى لتثبيت نفسه كضامن للتفاهمات الإقليمية.

الرئيس السوري أحمد الشرع يصل موسكو ويستقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - 15 تشرين الأول 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)

الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى موسكو ويستقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – 15 تشرين الأول 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)

وأشار في حديث إلى عنب بلدي، إلى أن روسيا في هذا المسعى تستفيد من موقعها المشترك مع الطرفين (سوريا وإيران) في ملفات الطاقة والأمن ومحاربة الإرهاب، مع إبقاء خط اتصال مفتوح يحد من أي تصعيد أو تنافس ميداني قد يضر بالمصالح الروسية في سوريا.

ورغم اتفاق الباحث مصطفى النعيمي مع بريجع أن روسيا ستعزز مكانتها من خلال إنجاح المسار، لكنه لا يعول كثيرًا على جدية طهران في الامتثال لتلك التفاهمات المبرمة.

إيران في سوريا

لطالما كان لإيران حضور قوي في سوريا، تمثل في دعمها للرئيس المخلوع، بشار الأسد، ونظامه عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا منذ اندلاع الثورة عام 2011.

وبينما تدّعي إيران أن وجودها في سوريا كان “استشاريًا”، تشير الوقائع والدراسات إلى أنها أرسلت عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات ومولتهم وأدارتهم، كما استغلت سفارتها في دمشق كمركز لتنسيق العمليات العسكرية ضد الشعب السوري، ما يعزز اتهامات تورطها المباشر في دعم القمع وتأجيج الصراع.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة