“التأمينات الاجتماعية” تكشف ملفات فساد وتلاعب إداري

من لقاء مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حسن خطيب بمدير عام المؤسسة السورية للبريد عماد الدين حمد - 9 تموز 2025 (مؤسسة التأمينات الاجتماعية/ فيسبوك)

camera iconمن لقاء مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حسن خطيب بمدير عام المؤسسة السورية للبريد عماد الدين حمد - 9 تموز 2025 (مؤسسة التأمينات الاجتماعية/ فيسبوك)

tag icon ع ع ع

أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن بدء عملية تدقيق ومراجعة شاملة لملفاتها المالية والإدارية، بهدف كشف التجاوزات واستعادة حقوق المؤمن عليهم.

وقال مدير عام المؤسسة، حسن خطيب، في تصريح لوكالة “سانا”، إن عمليات التدقيق كشفت عن “حالات فساد وتلاعب مالي وإداري كبيرة” تسببت في إضعاف موارد المؤسسة وتعطيل تطوير خدماتها، مشيرًا إلى اكتشاف صرف معاشات مكررة وأخرى لأشخاص متوفين، إلى جانب أخطاء فادحة في احتساب التراكمات المالية، وصلت إلى “تمديد حسابات حتى عام 2300 ميلادي”.

وأوضح خطيب أن التحقيقات أظهرت وجود شبكات فساد متغلغلة داخل المؤسسة، استخدمت الوكالات القانونية المزورة لتحريك حسابات المتوفين، وتهربت من تنفيذ الإنذارات والحجوزات القانونية، كما مارست ضغوطًا على بعض المفتشين الذين امتنعوا عن دخول منشآت محددة أو تغاضوا عن مخالفاتها “نتيجة مصالح شخصية” في فترات سابقة من حكم النظام السوري السابق.

وأكد أن المؤسسة تعمل حاليًا على “معالجة هذه الملفات بكل شفافية ومسؤولية” عبر لجان تدقيق متخصصة بالتنسيق مع الجهات الرقابية والقضائية، مشددًا على أن “جميع المتورطين ستتم محاسبتهم، وأن الحقوق العامة لن تسقط بالتقادم”.

وأشار خطيب إلى أن المؤسسة أطلقت خطة إصلاح شاملة تهدف إلى “إعادة بناء الثقة مع المواطنين وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة”، وتشمل تحديث الأنظمة الإلكترونية وربط الفروع بقاعدة بيانات مركزية، واعتماد آليات رقابة رقمية تتيح تتبعًا فوريًا لكل عملية مالية أو إدارية.

ودعا مدير المؤسسة المواطنين إلى الإبلاغ عن أي حالات ابتزاز أو فساد عبر الرقم المخصص للشكاوى (0949747891)، مؤكدًا أن جميع البلاغات “ستُعامل بسرية تامة وجدية كاملة، وأن المؤسسة لن تتساهل مع أي مظهر من مظاهر الفساد أو الاستغلال”.

فساد في قطاعات مختلفة

بدأت قضايا الفساد التي ارتكبها مسؤولو النظام السابق في الوزارات والجهات العامة تتكشف مع توالي التقارير لكل من الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزي للرقابة والتفتيش.

وكشف نائب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية في سوريا، وسيم المنصور، في 25 من آب الماضي، أن تحقيقات الجهاز أظهرت فسادًا “ممنهجًا” بقطاعات استراتيجية تمس حياة الناس بشكل مباشر خلال حكم النظام السابق.

ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن المنصور قوله، إن الفساد ترتبت عليه آثار مالية تجاوزت بالتحقيقات الأولية مئات الملايين من الدولارات الأمريكية.

مئات الملفات

وقال المنصور إن الجهاز تسلم مئات ملفات الفساد التي نجمت عنها أضرار جسيمة بالمال العام، وتورط فيها مسؤولون سابقون من حكومة النظام السابق، ما استدعى تشكيل ما يزيد على 80 لجنة تحقيق متخصصة في هذه الملفات.

وأظهرت التحقيقات، وفقًا للمنصور، أن الفساد كان منظمًا ومترسخًا في قطاعات لها علاقة مباشرة بمعيشة المواطنين، ما وضع على عاتق الجهاز مسؤولية لكشف الحقائق ومحاسبة المتورطين، ووضع موانع من أجل ضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات في سوريا الجديدة.

وكشف مصدر في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في وقتٍ سابق، لعنب بلدي، أن قضايا الفساد التي أعلن عنها الجهاز المركزي للرقابة المالية تركزت في وزارات النفط والثروة المعدنية والكهرباء والأشغال العامة والإسكان في زمن النظام السابق

وأشار المصدر الذي تحفظ على نشر اسمه، إلى أن هذا الفساد “المنظم والمترسخ” من قبل مسؤولي النظام السابقين ألحق أضرارًا جسيمة بالمال العام.

المنصور الذي تولى منصب رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية عقب سقوط النظام السابق، ويتولى حاليًا منصب نائب رئيس الجهاز، قال في تموز الماضي، إن الجهاز أجرى تحقيقات كشفت عن وجود تجاوزات جسيمة في بعض الجهات العامة، تورط فيها عدد من المسؤولين السابقين في “استغلال النفوذ وتلقي رشى والإضرار بالمال العام”.

وأضاف المنصور حينها، أن من بين المتورطين، الأمين العام السابق لرئاسة مجلس الوزراء ق.خ، والمدير العام السابق للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية أ.أ.ف، ومدير مديرية أنظمة الدفع الإلكتروني في مصرف سوريا المركزي ع.ر.

واستند التحقيق وفقًا للمنصور، إلى تقارير تمهيدية أعدها الجهاز بعد مراجعة شاملة للوثائق والمعطيات وجمع الأدلة من مصادر متعددة، حيث بلغ حجم الضرر في المال العام أكثر من نصف مليار دولار، وتم ذلك في ظروف تفتقر إلى الشفافية وتخالف القوانين والأنظمة.

ولفت المنصور إلى أنه تمت إحالة الملفات والمتورطين إلى النيابة العامة المختصة التي باشرت اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

في قطاع الطاقة

وكشفت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عن واحدة من أبرز قضايا الفساد في قطاع الطاقة، تورط فيها وزير النفط والثروة المعدنية الأسبق، وتسببت بحرمان السوريين من نحو 10500 أسطوانة غاز يوميًا خلال عام ونصف العام، وفقًا لما ذكرته الوكالة السورية للأنباء سانا في آب الماضي.

وقال نائب رئيس الهيئة، عصام الخليف، إن الوزير الأسبق أوقف أعمال الصيانة في منشأة غازية متضررة ببادية حمص، رغم تعاقد رسمي مع شركة فنية مختصة، ما أدى إلى استمرار تسرب الغاز وإشعاله تفاديًا للتلوث، دون الاستفادة منه في توليد الكهرباء أو الاستخدام المنزلي.

وبلغت الكمية المهدورة أكثر من 46 مليون متر مكعب، بخسائر قاربت 4.65 مليون دولار، إضافة إلى أضرار مالية بسبب تغير سعر الصرف، بينما قال مدير العلاقات العامة في الهيئة، مؤيد حمادة، إن الهيئة ماضية في فتح جميع ملفات الفساد العالقة منذ ما قبل التحرير، مؤكدًا أن “المال العام هو حق للمواطن، ولن يكون أحد فوق المحاسبة”.

وجرت إحالة الوزير الأسبق إلى القضاء المختص بموجب قانون العقوبات الاقتصادي رقم “3” لعام 2013، مع إصدار قرار بالحجز الاحتياطي على أمواله وأموال زوجته المنقولة وغير المنقولة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة