التربية تعد بـ60 ألف مقعد دراسي

عشرات آلاف التلاميذ يفترشون الأرض في سوريا

تسليم دفعة من المقاعد الدراسية إلى المجمع التربوي في منطقة معرة النعمان بإدلب ـ 21 تشرين الأول 2025 (محافظة إدلب)

camera iconتسليم دفعة من المقاعد الدراسية إلى المجمع التربوي في منطقة معرة النعمان بإدلب ـ 21 تشرين الأول 2025 (محافظة إدلب)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – عمر علاء الدين

يدخل الشتاء ثقيلًا على حوالي 4.2 مليون من التلاميذ والطلاب في سوريا، مع توقعات بعودة 1.5 مليون طالب من خارج البلاد لاستكمال تعليمهم، وهو ما يشكل عبئًا على المدارس التي تفتقر للتجهيزات، وأهمها المقاعد الدراسية، بخلاف الدمار الذي لحق بكثير منها جراء القصف الذي تعرضت له من قبل قوات النظام السابق، خلال السنوات التي أعقبت اندلاع الثورة عام 2011.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرًا، صور ومناشدات للأهالي من مختلف المحافظات، جراء نقص المقاعد الدراسية، إذ يظهر أطفال يفترشون الأرض في الصفوف الدرسية، نظرًا إلى كثرة الملتحقين وضعف القدرة الاستيعابية للمدارس وافتقارها للمستلزمات.

من درعا إلى إدلب

رصدت عنب بلدي نقصًا في المقاعد الدراسية بعدد من المدارس في مختلف المحافظات السورية، بدءًا من درعا جنوبًا وصولًا إلى إدلب شمالًا.

في درعا قال مراسل عنب بلدي، إن هناك أزمة مقاعد دراسية في المحافظة لعدة أسباب، منها عودة المهجرين الذين كانوا في الأردن وتركيا إلى مدنهم وقراهم، إضافة إلى عدم بناء مدارس في درعا طيلة الـ11 عامًا الماضية، ما زاد الضغط على المدارس أكثر فأكثر.

يبلغ عدد المدارس في درعا، بحسب المراسل، 988 مدرسة، 363 منها مدمر بشكل جزئي و111 بشكل كلي.

قلة المقاعد أدت بشكل أو بآخر إلى اكتظاظ الغرف الصفية في المحافظة، واللجوء إلى نظام الدوامين (صباحي ومسائي)، وهو ما أثار استهجانًا لدى الأهالي.

على الجانب الآخر، تقوم حملة “أبشري حوران” بتقديم مقاعد جديدة للمدارس كل فترة، إلا أن ما تقدمه الحملة لا يكفي الحاجة الفعلية، بحسب المراسل.

مدير التربية في درعا، محمد الكفري، قال، إن المحافظة تعاني من نقص كبير في المقاعد الدراسية.

وخلال جولة لمتابعة تصنيع المقاعد الدراسية في المعهد الفني الصناعي ضمن حملة “أبشري حوران” قال الكفري، إنه جرى توزيع وتصنيع ما يقرب 6000 مقعد.

وفي دير الزور، يعاني الوضع التعليمي مشكلة هناك، بحسب مراسل عنب بلدي، إذ طالب أهالٍ وطلاب قابلتهم عنب بلدي في مدينة القريا بتوفير مقاعد دراسية للطلاب الذين يجلسون على الأرض، وكذلك تأمين كادر تدريسي للمدرسة نفسها.

كما تعاني مدارس أخرى في المحافظة من قلة المقاعد، مثل مدارس “حسن مطر الحمادي” في الميادين، و”قرية الزر” شرق المحافظة، و”موحسن الشرقية”.

تسليم دفعة من المقاعد الدراسية إلى المجمع التربوي في منطقة معرة النعمان بإدلب ـ 21 تشرين الأول 2025 (محافظة إدلب)

تسليم دفعة من المقاعد الدراسية إلى المجمع التربوي في منطقة معرة النعمان بإدلب ـ 21 تشرين الأول 2025 (محافظة إدلب)

تصنيع 60 ألف مقعد

تؤكد وزارة التربية والتعليم السورية وجود نقص في المقاعد الدراسية بجميع مدارس سوريا، وفق ما قالته مديرة التعليم المهني في الوزارة، سوسن حرستاني، لعنب بلدي.

وأشارت حرستاني إلى أنه من خلال مديرية التعليم المهني في الوزارة، جرى إعداد خطة لتصنيع حوالي 60 ألف مقعد مدرسي في عموم سوريا.

وتهدف هذه الخطوة، بحسب ما صرحت حرستاني، لتلبية احتياجات المدراس، إذ يتم العمل بمشاركة الطلاب في التعليم المهني وتحت إشراف المدرسين.

ووفق ما قالته مديرة التعليم المهني، فإن هذه العملية تجري على مرحلتين، الأولى تشمل إنتاج مقاعد وتسليمها حسب الحاجة، أما الثانية فتهدف الى تأهيل طلاب التعليم المهني بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل.

تغطية قسم من الاحتياجات

في 13 من تشرين الأول الحالي، أعلنت مديرية تربية ريف دمشق، تلبية احتياجات مدرسة “بالا” المختلطة في مدينة النشابية، بعد أن جرى تداول صورة للطلبة دون مقاعد دراسية.

واستطاعت المديرية تأمين مقاعد للطلبة الذين يفترشون الأرض، حيث أكدت المديرية، في بيان، حرصها على تلبية احتياجات المدارس في مختلف مناطق ريف دمشق من مقاعد ومستلزمات تعليمية، وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومجهزة بما يخدم الطالب والمعلم.

وعلى إثر ذلك، قال مدير التربية والتعليم في ريف دمشق، فادي نزهت، إن محافظة ريف دمشق تحتاج إلى 50 ألف مقعد دراسي، بينما استطاعت المديرية، وفق نزهت، من خلال دعم الوزارة وحملة “ريفنا بيستاهل” تأمين قرابة عشرة آلاف مقعد، عبر تصنيعها في الثانويات الصناعية وورشات المجتمع المحلي.

وفي إدلب جرى تسليم دفعة من المقاعد الدراسية إلى المجمع التربوي في منطقة معرة النعمان، وهي الأولى من المشروع الذي يستهدف توزيع عشرة آلاف مقعد دراسي، بهدف دعم العملية التعليمية وتحسين بيئة التعلم في مدارس المحافظة، بحسب بيان نشرته محافظة إدلب في 21 من تشرين الأول الحالي.

وأعلنت معاونة مدير التربية في إدلب، جميلة الزير، أن المحافظة ما زالت بحاجة إلى أكثر من 20 ألف مقعد إضافي لتغطية النقص القائم وخصوصًا في مناطق ريف إدلب الجنوبي.

أما في محافظة حماة، فتسعى مديرية التربية إلى تأمين ما لا يقل عن 25 ألف مقعد دراسي لتلبية احتياجات المدارس في مختلف المناطق، وفق ما قالته المديرية في بيان نشرته في 12 من تشرين الأول الحالي.

ويأتي ذلك، بحسب المديرية، ضمن خطة شاملة تهدف إلى تحسين البيئة التعليمية وتوفير الظروف الملائمة للطلاب والتلاميذ.

أما في حلب، فقد شهدت مدارس الأحياء الشرقية في المحافظة غيابًا للمقاعد الدراسية، خصوصًا أنها مناطق شهدت دمارًا واسعًا خلال سنوات الحرب، ما انعكس على بنيتها التحتية وخدماتها العامة.

وفي وقت سابق، قالت مديرية التربية في حلب لعنب بلدي، إنها تعمل على تجهيز مقاعد وصيانة أخرى.

وأوضحت أن هنالك توجهًا لتصنيع مقاعد جديدة ستوزع على المدارس بشكل عام.

وأكدت المديرية أن العملية تتم “أولًا بأول” لضمان وصول المقاعد للمدارس التي تعاني من نقص، بما يسهم في توفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب.

تحديات قطاع التعليم

رغم الخطط المستقبلية، تواجه وزارة التربية السورية عدة تحديات تتمثل في:

  • البنية التحتية: وفق إحصاءات رسمية لوزارة التربية، يضم قطاع التعليم نحو 19,400 مدرسة، منها 7,900 مدرسة مدمرة كليًا أو جزئيًا، أي ما يعادل 40% من إجمالي المدارس، الأمر الذي يحرم مئات آلاف الأطفال من حقهم في التعليم.
  • التسرب المدرسي والطلاب العائدون: إذ يدرس حاليًا نحو 4.2 مليون طفل داخل سوريا، مقابل 2.4 مليون متسربين، كما يُتوقع عودة 1.5 مليون طالب من خارج البلاد، ما يضع الوزارة أمام تحديات إضافية تتعلق بتأمين مقاعد دراسية وخطط دمج ملائمة.
  • إصلاح قطاع التعليم يحتاج إلى مبالغ ضخمة غير متوفرة لدى الحكومة، بينما تتعثر جهود جمع المال من قبل الأمم المتحدة، إذ لم تتمكن من تأمين سوى 25.1 مليون دولار من أصل 133.9 مليون دولار هذا العام، بواقع فجوة تمويلية بلغت 108.7 مليون دولار.

في 17 من آب الماضي، أكد وزير المالية، محمد يسر برنية، خلال فعالية إطلاق حملة “أعيدوا لي مدرستي”، أن القطاعات الأكثر استحواذًا على الإنفاق في موازنة الدولة تشمل الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية.

وأضاف الوزير أن الشراكة ضرورية في عملية ترميم المدارس، لافتًا إلى وجود إعفاء ضريبي يصل إلى 20% في حال دعم هذا القطاع.

وأشار إلى أن الحكومة حصلت على وعود من صندوق التنمية السعودي لدعم ترميم المدارس المدمرة، مع إمكانية اللجوء إلى القروض في حال الحاجة إلى تمويل إضافي لإصلاح المدارس وبناء العملية التعليمية.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة