مثقلًا "بالأسئلة الكبرى" لجيل الشباب

 “القارب 22” يرسو في طرطوس

أبطال مسرحية القارب 22 على خشبة المركز الثقافي في طرطوس - 20 تشرين الأول 2025 (سانا)

camera iconأبطال مسرحية القارب 22 على خشبة المركز الثقافي في طرطوس - 20 تشرين الأول 2025 (سانا)

tag icon ع ع ع

يجسد العمل المسرحي “القارب 22” لفرقة “العرّاب للفنون المسرحية”، بصورة إنسانية واجتماعية عميقة، تجربة جيل كامل من الشباب السوريين الذين عصفت بهم سنوات الثورة السورية، ودفعت كثيرين منهم إلى الهجرة أو الضياع بين حدود الأمل والخذلان.

المسرحية، التي عُرضت على خشبة المركز الثقافي العربي في طرطوس، في 19 من تشرين الأول الحالي، من تأليف وإخراج عصام علام، مؤسس فرقة “العرّاب” وعضو نقابة الفنانين، وشارك في أدائها سبعة ممثلين وعازف موسيقي، رافقتهم مجموعة من الأغاني التي لحّنها وغنّاها فنانون من سوريا والعراق، لتضفي “بعدًا وجدانيًا” يقرب العمل من الجمهور ويكشف عن طاقات الشباب المشاركين.

صراع البقاء والرحيل

يتحدث العرض عن قصة مجموعة من الشباب السوريين الذين اضطروا إلى الهجرة بحرًا بحثًا عن حياة أكثر أمانًا، وفي لحظة انتظارهم لوصول القارب، يتوقف الزمن، وتدخل الشخصيات في فضاء مسرحي عبثي، حيث تتقاطع أصواتهم وأفكارهم لتكشف عن جراح دفينة، وحنين متناقض بين الرحيل والبقاء.

تتداخل في “القارب 22” مشاهد واقعية وأخرى رمزية، بين الغموض والوضوح، لتعبّر عن القلق الوجودي الذي يعيشه الشباب السوري بعد تلك السنوات، ومع وصول القارب في المشهد الأخير، تنقسم الشخصيات بين من يقرر الرحيل ومن يختار البقاء، تاركة النهاية مفتوحة أمام تأويلات الحياة والمصير.

جيل مثقل بالأسئلة

الممثلة ماريا شندح، جسّدت دور فتاة تضطر لمغادرة البلاد تحت وطأة الحرب، لتعيش حالة من التيه وزوال رغبة الاستمرارية قبل أن تتخذ قرار الرحيل.

في حين قدم محمود جمعة الأحمد شخصية شاب موسيقي يبحث عن الحرية عبر موسيقاه، ويتردد في لحظة المغادرة، فيختار البقاء متمسكًا بوطنه وذكرياته.

تظهر في العمل شخصية رمزية أخرى، عبرت عن شريحة من السوريات المثقفات اللواتي دفعتهن الخيبات إلى الهجرة، وقدّمت خلال العرض عددًا من الأغاني التي نقلت المشاعر الداخلية للشخصيات بين الأمل والانكسار، وقامت الممثلة ابتهاج علي بتجسيد الدور.

تجربة فنية لتفريغ الألم

المخرج عصام علام، قال إن العمل “يعالج موضوع صراع البقاء والتمسك بالوطن رغم التعب والخذلان”، مضيفًا أن المسرحية “ليست حكاية هجرة فحسب، بل تأمل في معنى الوطن والانتماء بعد كل ما مرّ به السوريون من تجارب قاسية”.

ويرى أن المسرحية “شكل من أشكال التطهير الذاتي”، إذ تحاول عبر الفن تفريغ الألم وإعادة التفكير في مفاهيم الوطن والانتماء، مؤكدًا أن “القارب 22” ليس عملًا ترفيهيًا، بل تجربة وجدانية تسعى إلى إعادة طرح الأسئلة الكبرى التي يواجهها هذا الجيل.

جمهور يتفاعل وأمل لا يغرق

حظي العرض بتفاعل جماهيري لافت، إذ امتلأ مسرح المركز الثقافي العربي في طرطوس بالحضور الذي تابع بشغف أداء الممثلين ورسائل العمل، في تأكيد جديد على حضور المسرح السوري وقدرته على تجديد نفسه رغم كل ما مرّ به من تحديات.

انطلقت مسرحية “القارب 22” في 5 من آذار 2024، وجابت منذ ذلك الحين عدة مدن سورية، من دمشق إلى اللاذقية وبانياس والقدموس والدريكيش وصولًا إلى طرطوس، لتواصل فرقة “العرّاب” رحلتها الفنية متبنية “نقل قصص الناس وهمومهم إلى الخشبة”.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة