صعوبات التعلم.. تشخيص مبكر واستراتيجيات دعم فردية

د. أكرم خولاني

صعوبات التعلم هي مشكلة تؤثر على كيفية تلقي الشخص للمعلومات وكيفية معالجته لها، وقد يواجه المصابون بهذه الحالة صعوبة في القراءة أو الكتابة أو مسائل الرياضيات أو فهم الاتجاهات، ولا توجد علاقة بين صعوبات التعلم وذكاء الشخص، فالشخص الذي يعاني من صعوبات تعلم يتمتع بذكاء طبيعي لكنه يرى أو يسمع أو يفهم الأشياء بشكل مختلف، لذلك تكون المهام اليومية مثل الدراسة أو التركيز أكثر صعوبة لديه.

وهناك بعض الحالات المرتبطة بصعوبات التعلم، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) واضطرابات طيف التوحد، فهذه الحالات الصحية ليست مصنفة ضمن صعوبات التعلم.

نشدد على أهمية الكشف المبكر والتقييم الدقيق لضمان حصول الأطفال المتأثرين بصعوبات التعلم على الدعم اللازم، ويلعب الأهل والمعلمون والمتخصصون دورًا حيويًا في تحديد العلامات المبكرة والسعي للحصول على تقييم مناسب من قبل الخبراء.

كيف يتم تشخيص صعوبات التعلم؟

يجب أن يتم تشخيص صعوبات التعلم بطريقة شاملة، مع مراعاة الجوانب النفسية والاجتماعية والتعليمية للطفل، ولكن بداية ننوه إلى أنه على الرغم من أن بوادر مشكلات التعلم قد تبدأ بالظهور منذ مرحلة الطفولة المبكرة، فإن التشخيص الرسمي لصعوبات التعلم غالبًا ما يتأخر حتى بداية المراحل الدراسية الأولى، هذا يعود إلى أن تحديد وجود اضطراب تعلم يتطلب من الطفل أن يكون قد خاض بعض التجارب التعليمية، مما يمكن المتخصصين من التأكد من الأعراض والفصل بينها وبين الحالات الأخرى.

وتكون الخطوة الأولى في التشخيص هي استبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للتأخر الدراسي، والتي يمكن تلخيصها بما يلي:

• مشكلات في الرؤية أو السمع عند الطفل.
• المشكلات المتعلقة بالتدريس والمدرسة (مثل عدد التلاميذ في الفصل، وتعليم المعلم، والمواد التعليمية، والكتب).
• عدم كفاية التغذية أو النوم.
• مشكلات في النمو العاطفي والأمن العاطفي للطفل.
• العنف في الأسرة.
• المشكلات الاجتماعية والاقتصادية للأسرة.
• بيئة تعليمية غير آمنة في الفصل الدراسي أو المدرسة.
• الروتين اليومي الغامض في المنزل أو المدرسة، وعدم كفاية الدعم.

بعد ذلك، وفي حال نفي الأسباب السابقة، يُوصى بعرض الطفل على طبيب نفسي أو اختصاصي تعليمي ليقوم باختبارات محددة تساعد على التشخيص، ويتم ذلك باستخدام اختبار تقييم قصير، وأحيانًا يتم عبر الإنترنت، حيث يمكن أن تشير نتيجة الاختبار إلى ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء المزيد من الاختبارات أم لا.

في حالة الاشتباه بوجود عسر القراءة أو عسر الكتابة أو عسر الحساب، أو حتى اضطراب فرط النشاط ونقص التركيز، يقوم اختصاصي علم النفس التربوي أو في بعض الحالات اختصاصي علاج النطق واللغة بإجراء اختبار شامل.

ووفقًا للمعايير الدولية، يجب استيفاء عدة شروط لتشخيص اضطراب تعلم محدد، وهي:

• صعوبات مستمرة: يواجه الطفل صعوبات مستمرة في مهارة أكاديمية واحدة على الأقل، مثل القراءة البطيئة أو غير الدقيقة، أو صعوبة فهم المعنى، أو مشكلات في التهجئة أو التعبير الكتابي أو الحساب، ويجب أن تستمر هذه الصعوبات لمدة لا تقل عن ستة أشهر، حتى مع تقديم المساعدة المستهدفة.
• انخفاض الأداء الأكاديمي: يكون الأداء الأكاديمي للطفل أقل بكثير من المتوسط المتوقع لعمره، مما يسبب مشكلات كبيرة في المدرسة أو العمل.
• ظهور المشكلة في سن مبكرة: تبدأ الصعوبات بالظهور خلال سنوات العمر الأولى، حتى وإن لم تكن واضحة تمامًا حتى مرحلة التعليم المدرسي.
• استبعاد الأسباب الأخرى: لا يمكن تفسير الصعوبات بأسباب صحية أو اجتماعية أو بيئية.

ومن المهم عند التشخيص فهم أين تكمن نقاط القوة ونواحي الصعوبات من أجل توفير أفضل تدريب على الاستراتيجية المناسبة للعلاج والوسائل المُساعدة.

كيف يجب التعامل مع حالات صعوبات التعلم؟

يعد تعليم التربية الخاصة هو العلاج الأكثر شيوعًا لاضطرابات التعلم، ولكن يشكل تشخيص الحالة الخطوة الأولى في علاجها، إذ إنه بمجرد تحديد المشكلة الخاصة بكل طفل سيقوم فريق من المعلمين المتخصصين بإنشاء برنامج تعليمي فردي (IEP) لهذا الطفل يحدد الخدمات الخاصة التي يحتاج إليها، وبعد ذلك سيساعد معلمو التربية الخاصة الطفل على بناء نقاط قوته ويعلمونه طرقًا لتعويض نقاط ضعفه، ويتم ذلك خارج نظام المدارس العادية:

في المدارس الخاصة المتخصصة في علاج الأطفال ذوي صعوبات التعلم.

أو مع معلم خاص لعدة ساعات في الأسبوع، ضمن برامج ما بعد المدرسة المصممة للأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم، أو في المنزل.

ويكون الهدف هو تعليم مهارات دراسية معينة، أو استراتيجيات تدوين الملاحظات، أو التقنيات التنظيمية التي يمكن أن تساعد هؤلاء الأطفال في تعويض إصابتهم بهذا الاضطراب.

وتحتاج بعض الحالات إلى استخدام الأدوية التي يمكن أن تساعد على تحسين انتباه الطالب، وقدرته على التركيز، والمساعدة في التحكم بسلوكياته.