
جانب من نهر الفرات بعد تلوثه بالمحروقات في بلدة الصبحة بريف دير الزور - 1 اشرين الأول 2025 (عنب بلدي)

جانب من نهر الفرات بعد تلوثه بالمحروقات في بلدة الصبحة بريف دير الزور - 1 اشرين الأول 2025 (عنب بلدي)
في خطوة وصفت بـ”الإجراء العقابي”، أقدم أحد كوادر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على قطع مياه الري والشرب عن أهالي بلدة الصبحة بريف دير الزور الشرقي، مبررًا ذلك بوجود “تجاوزات” على شبكة الكهرباء من قبل بعض السكان.
وبذلك انقطعت المياه عن أكثر من 10 آلاف نسمة، يواجهون اليوم أزمة إنسانية ومعيشية خانقة.
وأثار قرار قطع المياه، منذ 21 من تشرين الأول الحالي، استياءً واسعًا، لا سيما مع اضطرار الأهالي للجوء إلى مصادر مياه ملوثة وغير صالحة للشرب بحسب أهالي التقتهم عنب بلدي.
ومع توقف ضخ المياه المعالجة، نشطت سوق الصهاريج الخاصة التي تنقل المياه مباشرة من نهر الفرات، رغم معرفة الجميع بأنها غير صالحة للاستهلاك البشري وتفتقر للتعقيم.
حمدان المحمد، صاحب صهريج لنقل المياه، يصف حالة السوق والواقع، إذ عاد الطلب على الصهاريج إلى أقصى مستوياته منذ انقطعت مياه المحطة.
“المفارقة أننا نبيع مياهًا غير معالجة، قد تكون ملوثة. نعرف أنها لا تصلح للاستهلاك، لكن الناس مضطرة، لدرجة أنهم يطلبون مني الآن أكثر من ضعف ما كنت أنقله قبل القطع”، أضاف حمدان.
وصار الأهالي يشترون “السم” بأسعار مرتفعة، بحسب حمدان، إذ وصل سعر الصهريج (10 براميل) إلى 30,000 ليرة، أي نحو 2.6 دولار، يستخدمونها للضرورة القصوى فقط.
واعتبر أن قطع المياه ليست فقط عقابًا، بل لإجبار الأهالي على شراء مياه غير معقمة.
يجمع الأهالي في بلدة الصبحة على أن حرمان التجمعات السكنية بالكامل بسبب تجاوزات فردية على شبكة الكهرباء هو “عقاب جماعي غير عادل” يزيد من معاناتهم المعيشية المتردية أصلًا.
خليل العبد، أحد كبار السن في البلدة، شدد على ما أسماه “منطق العدالة”، معتبرًا أن القرار غير عادل وغير إنساني.
وأوضح أن عددًا محدودًا من المنازل قام بتوصيل أسلاك كهربائية لتأمين الإنارة، متسائلًا أنه هل من المنطقي أن يُعاقب أكثر من 10 آلاف شخص، من بينهم أطفال ومرضى وشيوخ، بذنب لا يمثل إلا عددًا قليلًا لا يتجاوز أصابع اليدين.
وقال إن قطع المياه من قبل “قسد” هو عقوبة “قاسية” تفوق أي تجاوز، مطالبًا بالعدل، ومحاسبة من تعدى على الكهرباء بشكل فردي.
من جهتها، هاجر الصالح، تحدثت إلى عنب بلدي عن الأثر المباشر، ووصفت قطع المياه بتوقف الحياة.
“لم يعد باستطاعتنا غسل الملابس، ولا الطبخ بشكل جيد، والأهم هو مياه الشرب نشتري المياه المفلترة من محطات مخصصة بتصفية المياه” وفق هاجر.
وقالت إن القرار عبء إضافي يضاف عليهم، موضحة أنهم يقضون ساعات طويلة للحصول على صهريج لتعبئة المياه، مشيرة في الوقت ذاته إلى قلة الصهاريج التي تعمل بنقل المياه للمنازل.
موظف في محطة مياه “الصبحة”، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب امنية، أكد أن القرار تنفيذي ومركزي، وأنهم لا يملكون القدرة على تجاوزه، موضحًا أن الأمر كله يتعلق بالكهرباء والتجاوزات عليها.
وأكد أن المسألة تتجاوز صلاحياته كمسؤول في المحطة، فالعاملون في “الصبحة” لا يمتلكون صلاحية أن يتخطوا القرار دون أمر صريح من “قسد”.
وأشار إلى المحطة لا يمكنها ضخ المياه دون طاقة كافية.
وحذر الموظف من تداعيات القرار الصحية، قائلًا إنه يرى يوميًا سلبيات هذا القرار ويدرك تمامًا حجم معاناة الأهالي.
وقال إن المحطة تؤمن مياهًا مُعالجة، ولكن الآن الأهالي مجبرون على شراء المياه الخام من صهاريج الفرات مباشرة، وهي مياه غير معالجة وتحمل خطرًا حقيقيًا بتفشي الأمراض والأوبئة.
ويعيش ريف دير الزور أزمة خدمية خانقة، تتمثل في الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي منذ نحو عام ونصف، فضلًا عن تدمير البنى التحتية بشكل واسع.
وقطع “مكتب الطاقة” التابع لـ”الإدارة الذاتية” في دير الزور التيار الكهربائي عن أكثر من 20 قرية وبلدة في المنطقة، بسبب ما وصفه بالمخالفات، أبرزها الشحيل والبصيرة والقرى والبلدات المجاورة لها منذ منتصف العام الماضي.
ويأتي هذا الإجراء إثر لجوء سكان هذه القرى والبلدات، على مدار سنوات، إلى استجرار الكهرباء بطريقة غير نظامية من الكوابل القادمة من مناطق سيطرة الحكومة السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى