
صورة من فعاليات مؤتمر الأقليات في البيت الصهيوني الأمريكي في تل أبيب 27 تشرين الأول 2025 (إيدي كوهين)

صورة من فعاليات مؤتمر الأقليات في البيت الصهيوني الأمريكي في تل أبيب 27 تشرين الأول 2025 (إيدي كوهين)
عقد سوريون وعرب بحضور إسرائيليين في تل أبيب، بدعوة من الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين، لقاء تحت مسمى “مؤتمر الأقليات”، هاجموا فيه الرئيس أحمد الشرع وحكومته، وطالبوا بإقامة دويلات منفصلة للأقليات داخل سوريا، ما أثار جدلًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وحضر المؤتمر الذي جرى أمس 27 من تشرين الأول، نحو 30 شخصًا بينهم السوري حسن مرهج، ويقدم نفسه على أنه خبير بشؤون الشرق الأوسط، وهو ضيف دائم على القنوات الإسرائيلية.
وطالب مرهج بالانفصال، وإقامة دويلات مستقلة للأقليات في سوريا.
كما حضر المؤتمر تميم خرماشو، وهو سوري عضو في مجلس المشرق في الولايات المتحدة، وعبد الإله المعلا، سياسي أردني مقيم في إسرائيل، كما شارك عبر الفيديو مروان كيوان، أحد شيوخ الطائفة الدرزية في السويداء.
ومن الإسرائيليين، حضر الصحفي التلفزيوني، “زفي يحزقيلي” معلق للشؤون العربية في قناة (I24)، والمؤرخ الإسرائيلي “مردخادي كادر”، والبروفسور “موشيه كوهين إيليا”، وعضو الكنيست الإسرائيلي أكرم حسون.
عضو الكنيست الإسرائيلي، أكرم حسون، قال خلال المؤتمر، إن “ماحدث لرجال دين السويداء في سوريا يشابه ما تعرض له اليهود من قبل النازيين”، معتبرًا أن كل المؤسسات في إسرائيل ستحارب بقوتها ما سماه “الإرهاب التكفيري”.
وأشار إلى ضرورة قيام “مؤسسة عالمية لجميع الأقليات في شرق الاوسط”، وأن تؤثر على الأمم المتحدة والمحاكم الجنائية، لتحاسب ما سماهم الإرهابيين”.
ومن التوصيات التي خرج بها المؤتمر:
تأسيس مكتب ارتباط إقليمي يضم شخصيات سياسية وناشطين يمثلون مختلف مكوّنات المنطقة، على أن يُموَّل من تبرعات ذاتية من المهتمين بشؤون الأقليات في كل من سوريا والعراق ولبنان وإسرائيل.
يتولى المكتب تنسيق الجهود ومتابعة التطورات المشتركة ذات الصلة بحقوق الأقليات وحمايتها.
اعتماد شركة حقوقية قانونية في إسرائيل ترتبط مباشرة بمكتب الارتباط، تكون مهمتها إعداد تقارير دورية شهرية تُرفع إلى مكتب رئيس الوزراء، ولجنة الأمن في الكنيست، وفي وزارة الخارجية، إضافة إلى تقارير خاصة عاجلة في حال حدوث تطورات ميدانية أو سياسية تستدعي المتابعة الفورية.
إنشاء منصة إعلامية رسمية تمثل مكتب الارتباط، تُصدر نشرة نصف شهرية تتناول أوضاع الأقليات في المنطقة، وتعمل على تأسيس شراكات مهنية مع كبرى الصحف الإسرائيلية والمؤسسات الإعلامية ذات الصلة لتعزيز الشفافية ونقل المعلومات الموثوقة.
إطلاق صندوق خاص لتلقي الشكاوى الفردية والجماعية من أبناء الأقليات، مع ضمان السرية التامة للمرسلين وحماية بياناتهم، بما يتيح معالجة الانتهاكات ورصدها بشكل ممنهج وتوثيقها ضمن إطار قانوني وإنساني واضح.
يدعو المؤتمر إلى محاربة جميع أشكال التطرف الأيديولوجي والديني والسياسي وتنظيماته التكفيرية مثل تنظيم الدولة و”جبهة النصرة” و”هيئة تحرير الشام” التي تحكم سوريا اليوم برئاسة (أبو محمد الجولاني سابقًا) أحمد الشرع، وذلك لما تمثله من تهديد مستمر لحقوق الأقليات والحريات الدينية في المنطقة.
يؤكد المؤتمر على دعم حق مكونات المنطقة في تقرير مصيرها بحرية، وفق الأطر القانونية والدولية، وبما يضمن تبنّي أنظمة حكم وإدارة محلّية تراعي الخصوصيات الدينية والثقافية والفكرية لكل مكوّن، وتشكل في الوقت نفسه رافعةً للتنمية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وتسهم في ترسيخ قيم العدالة والمواطنة المتساوية.
وقبل سقوط نظام الأسد توجه عدد من السوريين إلى إسرائيل للاستعانة بها، منهم كمال اللبواني وعصام زيتون وفهد المصري وغيرهم.
كمال اللبواني: طالب في مقابلة صحفية مع موقع “إيلاف” بتدخل عسكري إسرائيلي دعماً للمعارضة السورية مقابل التخلي عن الجولان، كما زار إسرائيل في أيلول 2014، للمشاركة في مؤتمر حول مكافحة الإرهاب، وهو ما قوبل باستنكار شديد من قبل المعارضة السورية التي تبرأت منه.
عصام زيتون: ادّعى تمثيل “الجيش الحر” في مؤتمر هرتسليا للأمن القومي الإسرائيلي، في حزيران 2016، وورد اسم زيتون لأول مرة في وثائق قالت صحيفة “الأخبار” اللبنانية المقربة من “حزب الله” اللبناني إنها مسربة من مكتب ضابط إسرائيلي، في حزيران عام 2015.
ووفقًا لـ “الأخبار” فإن عصام زيتون طلب من قادة “الجيش الحر” في المنطقة الحدودية السورية- الفلسطينية تسلم المساعدات والمؤن من إسرائيل، دون تفاصيل إضافية.
فهد المصري: وجه باسم “جبهة الإنقاذ الوطني”، في كانون الأول 2016، رسالة مفتوحة للشعب الإسرائيلي حول السلام بين إسرائيل وسوريا “الجديدة”.
يعكس عقد المؤتمر، بحسب أمين عام “الحركة الوطنية السورية”، زكريا ملاحفجي، استمرار إسرائيل في توظيف الأزمات الإقليمية لخدمة مشاريعها السياسية، حيث يحمل المؤتمر في جوهره “مشروعًا سياسيًا بالغ الخطورة على النسيج الوطني السوري وعلى فكرة الدولة نفسها”.
وأشار في مقال رأي، على منصة الحركة، إلى أن إسرائيل “لا تستضيف مؤتمرات “إنسانية مجانًا”، إذ إنها تعرف جيدًا أن أخطر ما يهدد أي دولة هو انقسامها الداخلي، وأن الطريق الأقصر لإضعاف سوريا لا يمر عبر الحدود، بل عبر العقول التي تُغذّى بالانتماء الضيق بدل الهوية الجامعة.
ويرى السياسي السوري أنّ الدعوة إلى مثل هذا المؤتمر تأتي في “لحظة حساسة”، تشهد فيها المنطقة حالة من إعادة التموضع السياسي، ومحاولات جادة لإعادة بناء العلاقات الإقليمية على أسس جديدة.
وفي المقابل، وفق ملاحفجي، فإن إسرائيل تسعى لتثبيت فكرة “الشرق الأوسط الجديد”، حيث تتحول كل طائفة أو قومية إلى كيان سياسي مستقل، لتصبح هي النموذج “الشرعي” الوحيد للدولة الدينية القومية في المنطقة.
الردّ السوري الحقيقي على هذا النوع من المؤتمرات، وفق تعبير أمين عام الحركة الوطنية، “لا يكون بالإنكار أو الغضب فقط، بل عبر هوية وطنية ومشاركة شاملة تعيد بناء الثقة بين مكوّنات المجتمع السوري كافة”.
واعتبر ملاحفجي، أن على السوريين اليوم أن يعيدوا اكتشاف ما يوحّدهم لا ما يفرّقهم، مشيرًا إلى بروز مسؤولية النخب الفكرية والسياسية والإعلامية في صياغة خطاب جديد، يتجاوز الخطاب الطائفي، ويفتح صفحة تتحدث عن “الدولة والمواطنة”.
وقال: ليست صدفة أن تستضيف إسرائيل مؤتمرًا كهذا في هذا التوقيت بالذات، فهي تدرك أن إعادة سوريا إلى مكانتها الإقليمية وقوتها لا يمكن أن تتم إلا عبر وحدة السوريين، وأن أيّ انقسام داخلي هو مكسب استراتيجي لها، فهي تسعى له مستفيدة من الأخطاء التي ارتكبت أو ترتكب.
ما جرى في السويداء لم يوقف مسار التفاوض بين سوريا وإسرائيل، بل استمر في جولات امتدت من باريس إلى لندن برعاية المبعوث الأمريكي، توم براك، لكنها تعثرت بسبب تمسك إسرائيل بالممر الإنساني إلى السويداء، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” عن أربعة مصادر، في 26 من أيلول الماضي.
الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، قال في مقابلة مع شبكة “CBS” الأمريكية في 15 من تشرين الأول الحالي، إن إسرائيل يجب أن تعود عن أي نقطة تقدمت إليها بعد 8 من كانون الأول 2024.
واعتبر الشرع أن ذلك هو “الوضع الطبيعي”، وأن سوريا “لم تقم بأي استفزازات تجاه إسرائيل منذ وصول الحكومة الحالية إلى دمشق”، بل أعلنت بوضوح أنها “لن تكون منصة لتهديد أي دولة مجاورة، بما في ذلك إسرائيل”.
ويرى الشرع أن إسرائيل تحاول جرّ سوريا إلى حالة من الصراع عبر “استفزازات متكررة تعتمد على القوة العسكرية”، معتبرًا أن هذه السياسة “خاطئة وتشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي”، وأن استمرارها قد يدفع حلفاء الولايات المتحدة إلى “البحث عن خيارات بديلة بسبب المخاطر التي تخلقها التصرفات الإسرائيلية في المنطقة”.
وفي سياق المقارنة بين المخاوف الأمنية المعلنة لإسرائيل وسلوكها الميداني، قال الشرع إن “من يجب أن يخشى على أمنه هي سوريا، لا إسرائيل”، موضحًا أن “إسرائيل تنتهك الأجواء السورية يوميًا وتعتدي على مواقع عسكرية ومدنية”، مشيرًا إلى أن “ذريعة حماية الشمال أو الجنوب تبرير مضحك رغم الألم الذي تسببه تلك السياسات”.
مع سقوط النظام في 8 من كانون الأول 2024، توغلت إسرائيل في مناطق على الحدود السورية، واستهدفت 80 % من المقدرات العسكرية السورية، كما أنها رفعت “شعار حماية الدروز” وحفظ أمنهم.
وفي 30 من نيسان الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنايمين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان إن إسرائيل لن تسمح بإلحاق الضرر بالطائفة الدرزية في سوريا “انطلاقًا من التزامنا العميق تجاه إخواننا الدروز في إسرائيل، الذين تربطهم علاقات عائلية وتاريخية بإخوانهم الدروز في سوريا”.
وفي أحداث السويداء في تموز الماضي، استهدفت إسرائيل قوات وزارتي الدفاع والداخلية في محيط السويداء وقصفت مبنى الأركان العامة في دمشق، والقصر الجمهوري، حيث اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن “الهجمات الإسرائيلية على أهداف للحكومة السورية في السويداء ودمشق كانت السبيل الوحيد “لوقف مذبحة الدروز في سوريا”.
و بدأت أحداث السويداء، في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس في السويداء، ذي الأغلبية البدوية وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، تطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات متبادلة.
تدخلت الحكومة السورية، في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها التي كانت تتعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية.
في 16 من تموز، خرجت القوات الحكومية من السويداء، بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، ما أعقبه انتهاكات وأعمال انتقامية بحق سكان البدو في المحافظة، الأمر الذي أدى إلى إرسال أرتال عسكرية على شكل “فزعات عشائرية” نصرة لهم.
وبعد ذلك، توصلت الحكومة السورية وإسرائيل إلى اتفاق بوساطة أمريكية، يقضي بوقف العمليات العسكرية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى