من يضبط الغش التجاري وارتفاع الأسعار

“حماية المستهلك”: 500 عنصر لمراقبة الأسواق في سوريا

انتشار البسطات والباعة الجوالين في منطقة البرامكة بدمشق - 6 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ مارينا مرهج)

camera iconانتشار البسطات والباعة الجوالين في منطقة البرامكة بدمشق - 6 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ مارينا مرهج)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مارينا مرهج

شهدت الحركة التجارية المحلية تغيرًا ملحوظًا، بعد تحرير الأسواق وازدياد الكميات المعروضة من المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، بما في ذلك المستوردة، أو الداخلة إلى سوريا بشكل غير شرعي، ما أدى إلى إغراق الأسواق ببعض المنتجات غير المطابقة للمواصفات القياسية السورية أو لمتطلبات البيان الجمركي من حيث الأوزان والمكونات.

ترافق ذلك مع فترة انتقالية تميزت بضعف الرقابة، ما سمح بانتشار مخالفات تتعلق بالغش التجاري وارتفاع الأسعار، الأمر الذي أثار مخاوف المستهلكين بشأن جودة المنتجات وسلامتها.

دوريات “حماية المستهلك” تستعيد دورها

بدأت مديريات حماية المستهلك في المحافظات استعادة دورها الرقابي خلال الأشهر الماضية، من خلال تسيير الدوريات الميدانية، وتنفيذ خطط رقابية وتوعوية تهدف إلى ضبط الأسواق، ومراقبة جودة المواد الغذائية والصناعية وسلامتها في محاولة لعودة الاستقرار إلى الأسواق المحلية، وفقًا لما ذكره مدير حماية المستهلك وسلامة الغذاء في الإدارة العامة للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، حسن الشوا، خلال لقاء مع عنب بلدي.

ولم تكن تحظى هذه الدوريات خلال حكم النظام السابق بموثوقية المواطنين، نظرًا إلى فشلها في تحقيق الغاية منها، وهي ضبط الأسعار في الأسواق، وحماية مصالح المستهلكين، لتتحول إلى بؤرة للفساد وتلقي الرشى من التجار، كما تحول كثير من العاملين فيها إلى منتفعين ماديًا من وظيفتهم، بطرق غير مشروعة.

وبيّن الشوا أن الإجراءات تتم بالتنسيق مع دوائر حماية المستهلك وسلامة الغذاء، إذ خُصصت دائرة لمتابعة الشكاوى الواردة من المواطنين، وأخرى لمراقبة الأسعار وضبط حالات البيع بسعر زائد أو الغش التجاري، لافتًا إلى أن المديرية حرصت على تزويد الدوريات بالأجهزة الميدانية اللازمة للتحليل السريع لضمان جودة المواد، مع استخدام الكاميرات في أثناء الجولات لتوثيق المخالفات، منوهًا إلى أن للتاجر أو صاحب المنشأة الحق بالاعتراض في حال تعرض للظلم أو لُفّق بحقه ضبط غير دقيق.

إلزام التجار بالإعلان عن الأسعار

يركز عمل حماية المستهلك على مراقبة جودة الغذاء، ومدى مطابقة المنتج الصناعي أو التجاري للمواصفات القياسية السورية والاشتراطات الصحية، سواء كان محليًا أو مستوردًا، بحسب الشوا، الذي أشار في حديثه إلى أن جزءًا كبيرًا من نجاح العمل الرقابي يرتبط بوعي وثقافة المستهلك نفسه، وأن القرار الأخير المتعلق بإلزام التجار بالإعلان عن الأسعار يمنح المستهلك فرصة أكبر للمقارنة بين المنتجات واختيار الأفضل من حيث الجودة والسعر، مما يعزز المنافسة الإيجابية في السوق.

ودعا المواطنين إلى شراء المواد من المحال والمنشآت المعروفة وذات السمعة الجيدة، والابتعاد عن “البسطات” أو المحال غير المرخصة أو مجهولة المصدر، مؤكدًا أن الشركات الموثوقة تحافظ على سمعتها وجودة إنتاجها، وهذا ينعكس بدوره على حماية المستهلك.

وتشكل هذه الجهود، بحسب مدير حماية المستهلك، خطوة نحو تطوير المنتج السوري وإعادته تدريجيًا إلى موقعه الطبيعي في الأسواق المحلية والدولية، من خلال التعاون بين وزارتي التجارة والصناعة، ومشاركة أصحاب الاختصاص في وضع الاشتراطات الصحية والمعايير اللازمة لرفع جودة الإنتاج الصناعي والغذائي في سوريا.

وكان مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية، ياسر عليوي، بيّن في حديث سابق لعنب بلدي، أن مسؤولية الهيئة تقتصر فقط على وضع الشروط والمعايير الواجب اتباعها، وفحص المنتجات، أما رقابة المنتجات داخل الأسواق فهو خارج اختصاصاتها، بل من مسؤولية الجهات الرقابية سواء كانت غذائية وصحية أو دوائية.
وفي حال حصول أي شكوى تجاه منتج ما، ترسل الجهات الرقابية عيّنة من المواد إلى هيئة المواصفات لتقوم بفحصها وكتابة التقارير الخاصة بها.

وحول دور الهيئة في مراقبة المواد الواردة إلى سوريا، أوضح عليوي أن مسؤولية مراقبة المستوردات توزع بين جهات عدة، الهيئة من جهة وضع المتطلبات والمواصفات والفحوص المرجعية، والتجارة الداخلية، والجمارك، والصحة، والجهات الرقابية على الحدود والأسواق.

ويتضمن عمل الهيئة إصدار المواصفات والمتطلبات الفنية ومعايير الفحص للسلع المستوردة، وتنسيق إجراءات الفحص وإتاحة قوائم السلع الخاضعة للرقابة الفنية، بحسب عليوي، لافتًا إلى وجود آليات لأخذ عينات وفحوص مشتركة بين الجهات المعنية لضمان سلامة المواد الواردة ومنع دخول غير المطابق منها.

500 عنصر رقابي

يبلغ عدد عناصر حماية المستهلك العاملين حاليًا نحو 500 عنصر منتشرين في أنحاء سوريا، وفقًا لما كشفه حسن الشوا، لافتًا إلى أن الوزارة تعمل على زيادة العدد عبر مسابقة جديدة لتغطية الحاجة الرقابية في مختلف المحافظات.

وأكد وجود أرقام خاصة لتلقي شكاوى المواطنين، إضافة إلى سيارات ميدانية موحدة تقوم بجولات تفتيشية دورية على الأسواق.

وقال إن عمل حماية المستهلك لا يقتصر على الجولات الميدانية، بل يشمل متابعة الشكاوى حتى في حال عدم وجود الدوريات في الموقع، مشيرًا إلى أن التنسيق يجري بشكل دائم بين مديريات التموين والمحافظات لضمان الرقابة المستمرة، خصوصًا في الأسواق الأكثر ازدحامًا.

وحول مسؤولية ضبط الأسواق، أكد أن المديرية تتحمل الجزء الأكبر من هذه المسؤولية، بالتعاون مع الجهات المحلية في المحافظة، وأن العمل الرقابي يعتمد على مبدأ “التشاركية” بين المؤسسات، لضمان تطبيق القوانين ومحاسبة المخالفين.

وكشفت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا، في 14 من تشرين الأول الماضي، عن إحصائية بعدد المخالفات التموينية، منذ بداية العام الحالي حتى نهاية أيلول الماضي.

وبلغ عدد المخالفات لتلك الفترة 34308، منها 380 محلًا تم إغلاقه بسبب مخالفات جسيمة، و81 إحالة قضائية.

وتنوعت المخالفات بين تقاضي سعر زائد، والتدليس في بطاقة البيان، ومواد منتهية الصلاحية، ومخالفة الشروط الصحية، وعدم الإعلان عن الأسعار، وعدم تداول الفواتير، ومخالفة التعليمات الإدارية.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة