
الرئيس السوري أحمد الشرع في معهد الشرق الأوسط للأبحاث بنيويورك - 23 أيلول 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)

الرئيس السوري أحمد الشرع في معهد الشرق الأوسط للأبحاث بنيويورك - 23 أيلول 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)
عنب بلدي ـ عمر علاء الدين
في ثالث لقاء مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وثاني زيارة إلى الولايات المتحدة، يحمل الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن في 10 من تشرين الثاني الحالي، ملفات يناقشها على طاولة ترامب.
وستبحث الزيارة مسار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، إضافة إلى ترسيخ العلاقات مع واشنطن، بحسب مستشار الرئيس السوري، أحمد موفق زيدان.
تحاول عنب بلدي في هذا الملف، البحث في آثار الزيارة على العلاقات مع روسيا والصين، ومسارات الاتفاق الأمني مع إسرائيل، وعلى دور “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في المرحلة المقبلة، على اعتبار أن الشرع سيوقع على الانضمام للتحالف الدولي، الذي تبنى محاربة تنظيم “الدولة” في سوريا، ودعم “قسد” في هذه المهمة.
بين عامي 1949 و1970، تعلم السوريون اللعب بالسياسة مع الولايات المتحدة بالطريقة الصعبة، من خلال التجربة والخطأ، وفق المؤرخ السوري سامي المبيض.
ويشير المؤرخ، في كتابه “سوريا والولايات المتحدة.. من ويلسون إلى أيزنهاور”، إلى أن النيات الحسنة والسياسة النبيلة لم تكن كافية لبناء علاقة سورية- أمريكية سليمة.
ووفق المبيض، كانت الولايات المتحدة حاضرة في المشهد السوري بكل تعقيداته وتجاذباته في فترات بداية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وسياسة الأحلاف (مثل حلف بغداد).
وطيلة تلك الفترة، كانت تحاول واشنطن، وفق الكتاب، إبعاد سوريا عن المعسكر السوفييتي- الشيوعي بدعم الانقلابات وتحسين صورتها في سوريا، عبر استمالة الشباب والمثقفين، رغم أن هذا لم يكن يحصل بسبب دعم واشنطن المستمر لإسرائيل.
الباحث في “المركز العربي للدراسات بواشنطن” رضوان زيادة، وصف زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن بـ”التغير الكبير” في طبيعة العلاقات السورية- الأمريكية، بعد أن كانت سوريا على لائحة الدول الداعمة للإرهاب.
وفي حديث إلى عنب بلدي، اعتبر زيادة أن من المهم ” تطبيع العلاقات السوريةـ الأمريكية”، إذ إن سوريا تحتاج إلى الولايات المتحدة كقوة عظمى في إعادة الإعمار، وبالتالي فإن سوريا تحتاج إلى ترميم علاقاتها مع المجتمع الدولي وخاصة مع الولايات المتحدة بشكل رئيس.
الصحفي السوري، المقيم في الولايات المتحدة، محمد عبد الرحيم، يرى أن زيارة الرئيس السوري، أحمد الشرع، تبدو “خطوة مهمة”، لما يحيط بها من أشياء كانت تبدو “سريالية” قبل وقت قصير.
وبحسب ما قاله عبد الرحيم في حديث إلى عنب بلدي، فإن الزيارة تحمل معاني متعددة، ليس باعتبار الرئيس الشرع أول رئيس سوري يزور واشنطن، بل بالنظر إلى ماضٍ حمله الشرع الذي كان معاديًا للولايات المتحدة في سوريا والمنطقة.
وقال، “إلى وقت قصير، كانت الولايات المتحدة قد رصدت عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمكان الشرع، ويوم الاثنين المقبل ستتعرف واشنطن إلى مكان وجوده، إنه في 1600 شارع بنسلفانياـ واشنطن- البيت الأبيض”.
تتناول الزيارة، بحسب مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، أحمد موفق زيدان، عدة ملفات، في مقدمتها “رفع العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون (قيصر)، والدور المنتظر من إدارة الرئيس ترامب في دعم هذا المسار”.
وأشار زيدان، في حوار مع قناة “العربية”، إلى أن “الدعم العربي والخليجي، ولا سيما من المملكة العربية السعودية والأمير محمد بن سلمان، أسهم بشكل كبير في إقناع الولايات المتحدة بضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا”، مثمنًا دور الأردن وقطر والإمارات وتركيا في دعم هذا التوجه العربي الموحد”.
قانون “قيصر” هو مشروع قانون أقره مجلس النواب الأمريكي في 15 من تشرين الثاني 2016، ووقّع عليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 21 من كانون الأول 2019 (خلال ولايته الأولى).
الباحث السوري رضوان زيادة، اعتبر أن الزيارة تضع “خطوة متقدمة في مسألة رفع العقوبات”، خصوصًا أن الإدارة الأمريكية تدعم إزالة قانون “قيصر” بشكل رئيس، معتبرًا أن هذا الدعم يضغط على الكونجرس الأمريكي لإزالة العقوبات نهاية العام.
وعلى الجانب الآخر، تبدو الفرصة أمام سوريا من خلال هذه الزيارة “لا تعوض”، وفق الصحفي السوري محمد عبد الرحيم.
فسوريا التي تحتاج إلى الأموال لإعادة الإعمار، بحسب عبد الرحيم، لن تأتي ما لم تتم إزالة “قيصر”، لذلك فإن الفرصة لن تكون طويلة لتحقيق “إنجازات في هذا الملف”.
ويعود ذلك، بحسب الصحفي المقيم في الولايات المتحدة، إلى أن “الطريقة التي تسير بها الأمور في الولايات المتحدة قبل عدة أشهر من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس تقول، “إن أوضاع الإدارة الجمهورية سيئة”.
وأضاف عبد الرحيم، “إذا عاد الديمقراطيون للسيطرة على الكونجرس سيعطلون كل مشاريع الرئيس حتى نهاية ولايته. يعني أمامنا أقل من عام لتحقيق الاستقرار في سوريا، عبر رفع العقوبات”.
في 31 من تشرين الأول الماضي، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تدعم إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون “قيصر” من خلال مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني الذي يناقشه المشرعون الأمريكيون.
وأضاف أن الولايات المتحدة على تواصل منتظم مع شركائها في المنطقة، وترحب بأي استثمار أو مشاركة في سوريا بما يدعم إتاحة الفرصة لجميع السوريين في بناء دولة يسودها السلام والازدهار، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.

الرئيس السوري أحمد الشرع يبحث مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى جانب وفد حكومي أمريكي في نيويورك موضوع رفع العقوبات – 22 أيلول 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)
ستكون سوريا العضو رقم 90 في “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب”، حال توقيع الرئيس الشرع على اتفاقية الانضمام خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن.
تشكّل التحالف بقيادة الولايات المتحدة في أيلول 2014، ويضم في عضويته اليوم 89 عضوًا من بينها 36 دولة أوروبية، و11 دولة عربية، وشركاء آخرون مثل “الإنتربول”، ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وجامعة الدول العربية.
ويسهم الانضمام، بحسب ورقة لمركز “جسور للدراسات”، في حل مشكلة مناطق شمال شرقي سوريا، وإعادة “بسط سلطة الدولة، ونشر مؤسساتها فيها، وسيطرتها على حدودها الدولية”، حيث ستفقد “قسد” ميزة كونها الشريك السوري الوحيد للتحالف، ونقل الشراكة للحكومة، وفق المركز.
الباحث السوري سمير العبد الله، اعتبر أن انضمام سوريا للتحالف الدولي، يُعد بمثابة “اعتراف دولي بشرعية الحكومة السورية الجديدة، وتأكيد على انتقالها إلى موقع الشراكة الأمنية والسياسية”.
ويعكس هذا الانضمام، وفق ما قاله العبد الله لعنب بلدي، “إعادة تموضع سوريا ضمن المنظومة الغربية بعد أن كانت لسنوات مرتبطة بالمحور الروسي- الإيراني”، وهذا ما يعني عمليًا “بداية مرحلة جديدة من الترتيبات الأمنية الإقليمية”، ويُؤهل سوريا لاستعادة دورها في ملفات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
ويضع انضمام دمشق إلى التحالف الدولي “قسد” أمام معادلة جديدة تمامًا، وفق الباحث السوري.
فبعد أن كانت “قسد” الحليف الميداني الأبرز للتحالف، ستجد نفسها الآن “مهددة بفقدان احتكارها للعلاقة السياسية والعسكرية معه”، وهذا يعني تراجع “الدور المستقل” لـ”قسد” كقوة محلية تدير مناطق شرق الفرات.
الباحث السوري سمير العبد الله، يرى أن إنهاء دور “قسد” لن يكون فوريًا أو كاملًا، لأن التحالف وعلى رأسه الولايات المتحدة لا يزال يُقدّر كفاءتها القتالية ويخشى أن “يؤدي تهميشها السريع إلى اضطرابات أمنية شرق الفرات”.
لذلك، من المتوقع بحسب العبد الله أن تسعى واشنطن إلى لعب دور الوسيط بين “قسد” ودمشق لضمان عملية دمج تدريجي ومنضبط لها ضمن مؤسسات الدولة السورية الجديدة.
ورسم الباحث السوري سمير العبد الله مسارين للمستقبل السياسي لـ”قسد” في ضوء انضمام سوريا للتحالف الدولي، الذي وصفه بـ”نقطة تحول استراتيجية في المشهدين السياسي والأمني للبلاد”.
يتم بموجبه دمج وحدات “قسد” ضمن الجيش الوطني الجديد مع ضمان تمثيل سياسي وإداري لـ”قسد” في مؤسسات الحكم المحلي، برعاية وضمانات أمريكية، هذا السيناريو يحافظ على استقرار شرق الفرات ويمنح “قسد” دورًا مؤسسيًا داخل الدولة الجديدة.
قد يحدث إذا شعرت “قسد” أن انضمام دمشق إلى التحالف يُستخدم كذريعة لتصفية وجودها السياسي والعسكري دون ضمانات، خاصة إذا مارست دمشق ضغوطًا لحلها قسرًا، إلا أن هذا الاحتمال يبقى ضعيفًا، لأن التحالف سيحرص على منع الصدام المباشر، وسيدفع الأطراف نحو تسوية تدريجية تقوم على شراكة ثلاثية (دمشق- قسد- التحالف) تضمن الاستقرار وتعيد هيكلة المشهد الأمني السوري.
انضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة”، سيمنح الجيش السوري فرصة لتطوير قدراته عبر الاستفادة من الخبرات التقنية والاستخبارية المتقدمة التي يمتلكها التحالف، خصوصًا في مجالات الاستطلاع الجوي والمراقبة الإلكترونية، وفق ما يرى الباحث في “المركز السوري لدراسات الأمن والدفاع” (مسداد) معتز السيد.
هذا التعاون، بحسب ما قاله السيد لعنب بلدي، سيعزز من قدرة سوريا على “ضبط الحدود، وملاحقة الخلايا الإرهابية، ويعيد الثقة بمؤسساتها العسكرية التي يتم بناؤها حديثًا”.
وعلى الرغم من تعاون الحكومة السورية مع التحالف الدولي في ثلاث عمليات ضد تنظيم “الدولة”، فإن تقريرًا لمعهد “الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية في واشنطن”، نشر في 27 من تشرين الأول الماضي، يرى أنه إضافة للفوائد المنتظرة فإن هناك عقبات تواجه هذا الانضمام، وتدركها دمشق.
ومن هذه العقبات:
وهنا يرى الباحث معتز السيد، أن الطرح الذي يشير إلى ضعف القدرات العسكرية أو هشاشة وزارة الدفاع يتجاهل حقيقة أن “الجيش السوري الحالي قد خاض معارك شرسة ضد الإرهاب سابقًا في مناطقه، وحافظ على مؤسسات الدولة رغم الظروف القاسية”، مشيرًا إلى أنه تقييم سياسي أكثر منه عسكريًا.
وأما المخاوف المتعلقة بتسرب المعلومات، فاعتبر الباحث في مركز “مسداد” أنها “أمر مبالغ فيه”، معتقدًا أن الأجهزة الأمنية في سوريا “قادرة على حماية أي تعاون استخباراتي”.
وأشار إلى أن الثقة “بدأت تتشكل تدريجيًا” بعد تنفيذ عمليات مشتركة على الأرض حتى قبل الإعلان الرسمي عن الانضمام، وهو ما يعكس جدّية الطرفين في بناء شراكة قائمة على المصالح المشتركة لا على الشكوك، وفق قوله.
وبالنسبة لـ”قسد”، يرى الباحث معتز السيد، أن الحكومة ستعمد إلى دمجها ضمن مؤسسات الدولة، سواء بترتيبات أمنية محلية، أو إدخال عناصرها إلى الجيش السوري، بعد عمليات “تدقيق وتصفية”.
ومع ذلك، تدرك الحكومة الدور المحوري لـ”قسد” في محاربة تنظيم “الدولة”، وتثمين التحالف لهذا الدور، بحسب السيد.
وقال الباحث، إنه خلال المفاوضات، طرحت “قسد” فكرة إنشاء لواء مستقل يعمل تحت راية التحالف في مهام مكافحة الإرهاب، مع الاحتفاظ بخصوصية بعيدة عن هياكل الدولة، مضيفًا، “أعتقد أن دمشق تنظر لهذا الطرح بحذر، إذ تراه محاولة لإبقاء (قسد) خارج السيطرة الكاملة للدولة، لكنها تدرك أيضًا أن هذا الترتيب قد يكون مقبولًا مرحليًا إذا ضمن استمرار الضغط على تنظيم (الدولة) وخدمة مصلحة مشتركة مع التحالف”.
توقع المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، عقد جولة خامسة من المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وسوريا، بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد زيارة الشرع إلى واشنطن، خلال حديثه عن أهمية الزيارة إلى موقع “أكسيوس” في 1 من تشرين الثاني الحالي.
هدف الولايات المتحدة هو التوصل إلى اتفاق أمني على الحدود بين البلدين بحلول نهاية العام الحالي، وفق المبعوث الأمريكي.
ويرى الصحفي المقيم في الولايات المتحدة محمد عبد الرحيم، أن واشنطن تحتاج إلى تعزيز العلاقات مع سوريا، من أجل الحفاظ على “الزخم” الذي أنتجته مبادراتها في الشرق الأوسط (التوصل إلى اتفاق في غزة، قصف البرنامج النووي الإيراني، هزيمة “حزب الله ” في لبنان)، إذ إن هزيمة المشروع الإيراني في المنطقة سيخلق فراغًا تملؤه قوى أخرى ما لم تتدخل واشنطن.
وقال عبد الرحيم، إن المبادرة تجاه سوريا وتوقيع الاتفاق الأمني مع إسرائيل وكذلك انضمام سوريا إلى التحالف الدولي، ستصب بتقريب دمشق من “الاتفاقات الإبراهيمية” وبالتالي المنطقة، مما يعني “تحقيق نجاح في السياسة الخارجية الأمريكية يحجب الأنظار عن مشكلات السياسة الداخلية الأمريكية”.
يتوقع الباحث في مركوز “جسور للدراسات” محمد سليمان، أن تتخلل الزيارة جلسات وجولات حوارية تهدف إلى التوصل إلى صيغة أو رؤية لمسودة اتفاقيات أمنية تضمن الحفاظ على السيادة السورية، وتحد من التدخلات الإسرائيلية في الشأن السوري الداخلي.
وتبقى أبرز العقبات التي تحول دون تحقيق تقدم ملموس نحو اتفاق، بحسب ما قاله سليمان لعنب بلدي:
وتنظر إسرائيل إلى الوضع السوري، وفق ما يرى الباحث في مركز “جسور”، على أنه “ضعيف ولا يسمح بإبرام اتفاق سلام أو خفض للتصعيد”، كما تفسر تل أبيب عدم الرد العسكري السوري على انتهاكاتها بأنه دليل على “ضعف وليس حرصًا على تجنب الانخراط في مواجهة عسكرية واسعة”.
وربما توجد رغبة أمريكية “حقيقية” في الضغط على إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام أو اتفاق خفض تصعيد، يوقف عمليات التوغل الإسرائيلية مؤقتًا حتى تهيئة الظروف لعقد “اتفاقيات أشمل”، غير أن ذلك يتطلب، وفق الباحث محمد سليمان، “وقتًا طويلًا”.
ويرى سليمان أن سوريا لا تستطيع في ظل “الظروف الراهنة” إبرام أي اتفاق من هذا النوع إلا بوجود أطراف دولية ضامنة قادرة على إلزام إسرائيل بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
الرئيس السوري، أحمد الشرع، قال في مقابلة مع شبكة “CBS” الأمريكية، نشرت في 15 من تشرين الأول الماضي، إن على إسرائيل العودة عن أي نقطة تقدمت إليها بعد 8 من كانون الأول 2024، معتبرًا أن ذلك هو “الوضع الطبيعي”، وأن سوريا “لم تقم بأي استفزازات تجاه إسرائيل منذ وصول الحكومة الحالية إلى دمشق”، بل أعلنت بوضوح أنها “لن تكون منصة لتهديد أي دولة مجاورة، بما في ذلك إسرائيل”.
يرى الباحث في “المركز العربي للدراسات بواشنطن” رضوان زيادة، أنه لا يمكن لسوريا الجديدة أن تتبنى سياسة “صفر مشاكل”، على اعتبار أنها كانت في المعسكر الشرقي وعلى رأسه روسيا والصين إلى جانب إيران، خصوصًا أن روسيا وإيران كانتا جزءًا من المشكلات.
واعتبر زيادة أن الشيء الطبيعي أن تعمل سوريا على تغيير تحالفاتها الاستراتيجية.
وزار الرئيس السوري، أحمد الشرع، روسيا والتقى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 15 من تشرين الأول الماضي، حيث اعتبر الشرع أن سوريا وروسيا تجمعهما “علاقات جادة”.
وعقب الزيارة إلى روسيا بأيام، أعلن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إجراء زيارة رسمية إلى بكين مطلع تشرين الثاني الحالي.
على الجانب الآخر، لا يعتقد الصحفي السوري محمد عبد الرحيم، أن سوريا ستنتقل من المعسكر الشرقي إلى المعسكر الغربي، قائلًا، “نحن لسنا في زمن الحرب الباردة”.
وأضاف أن ما يُعرف بالمعسكر الغربي يعاني منافسة شديدة من روسيا والصين والهند ولا يعنيه إلا موضوع اللاجئين لوقف تقدم اليمين المتطرف.
وأشار عبد الرحيم إلى العلاقات الجيدة مع موسكو على المستوى التجاري والعسكري، ورفض سوريا سياسة الأحلاف التي فرضتها الولايات المتحدة في الخمسينيات، مثل “مشروع أيزنهاور” و”حلف بغداد”.
وقال، “قدر سوريا أن تناور بين الكبار وألا تلتحق بأحدهم، وليس من الحكمة الالتحاق بمعسكر لم يعد موجودًا وليس لديه شيء ليقدمه”.
الباحث الروسي ديمتري بريجع، يعتقد أن روسيا تدرك جيدًا الأهمية الجيوسياسية لسوريا في الحفاظ على توازن علاقاتها في الشرق الأوسط، ولذلك فهي تنظر إلى زيارة الرئيس السوري إلى واشنطن بـ”برودة محسوبة لا تخلو من المتابعة الدقيقة”.
بريجع وفي حديث إلى عنب بلدي، قال إن روسيا ترى أن انفتاح سوريا على الغرب، “لا يمكن أن يكون على حساب التحالف الاستراتيجي الذي تأسس بين البلدين منذ عقود”.
غير أن روسيا “حاولت في حقبة التسعينيات بناء العلاقات مع الغرب لكن فشل الأمر، ونجاح سوريا في بناء علاقات متوازنة سوف يعطي الكثير من الفرص”، وفق الباحث الروسي ديمتري بريجع.
وأشار إلى أن روسيا تحترم سيادة الدولة السورية، وتستند في ذلك إلى الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، والتي تضمن بقاء العلاقة في إطار من الالتزام والتنسيق لا التبعية.
وفيما يخص العلاقات السورية مع الصين، يرى الباحث الروسي أن تطور علاقات دمشق مع واشنطن “لا يعني بالضرورة تراجعها مع الصين”، ذلك أن السياسة الخارجية السورية بعد الحرب باتت أكثر “براغماتية وتعددية الاتجاهات”، بحسب تعبيره.
وباعتقاد بريجع، فإن دمشق تحاول اليوم “الموازنة بين القوى الكبرى للاستفادة من كل طرف دون الدخول في محاور مغلقة”، مشيرًا إلى انتهاجها سياسة “الانفتاح المتعدد” على أن تبقى شراكتها مع موسكو وبكين ركيزة ثابتة، لما تمثله من ضمانة سياسية وأمنية أمام أي ضغوط غربية مستقبلية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى