
واجهة محل لبيع الذهب في مساكن برزة بدمشق - 8 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/أنس حاج حسين)

واجهة محل لبيع الذهب في مساكن برزة بدمشق - 8 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/أنس حاج حسين)
عنب بلدي – وسيم العدوي
في ظل التحديات الاقتصادية التي تعصف بسوق الذهب السوري، يواجه أصحاب محال الصاغة صعوبات متزايدة في تأمين المشغولات الذهبية الحديثة، لتلبية طلبات الزبائن، وسط توقف العديد من الورشات منذ ما قبل سقوط النظام السابق، وقلة المعدات والتصاميم الجديدة، ما دفعهم للاعتماد على المخزون القديم من المسبوكات والمشغولات الذهبية.
يروي خالد ع. (رفض نشر اسمه كاملًا) وهو صاحب محل للذهب في ريف دمشق، تفاصيل معاناة مستمرة يعيشها العاملون في هذا القطاع، مشيرًا إلى أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى ما قبل سقوط النظام، حين بدأت الورشات بالتوقف تدريجيًا، وتراجعت حركة الإنتاج، وغابت الرؤية الاقتصادية الواضحة.
وبحسب خالد، فإن أبرز المشكلات التي تواجه أصحاب محال الذهب هي:
لإنعاش سوق الذهب، أكد خالد أهمية استيراد معدات تصنيع حديثة، وتوفير أدوات ومستلزمات السباكة الخاصة بالذهب، واستيراد الذهب الخام والمشغولات الجاهزة بتصاميم جديدة، وتشجيع إقامة مشاغل جديدة بدعم حكومي أو استثمارات خاصة.
وحول آليات دفع قيمة المشغولات الذهبية، أشار خالد إلى أن أغلبية الصاغة باتوا يسعّرون الذهب بالدولار، رغم عدم قانونية ذلك، وذلك بسبب:
وأشار خالد إلى أن حذف صفرين من العملة السورية قد يكون خطوة فعالة نحو إعادة الثقة بها، وتشجيع الصاغة على التعامل بها مجددًا.
في دمشق، يشارك عمار هـ.، صاحب محل آخر، رؤيته حول أسباب تراجع الطلب على المشغولات الذهبية، مؤكدًا أن المواطنين باتوا يفضلون الادخار عبر الليرات الذهبية والأونصات، بدلًا من الحلي والمجوهرات.
ويرى عمار أن أسباب انخفاض الطلب تتمثل بـ:
التاجر عمار أشار إلى ظاهرة مقلقة بدأت تتزايد في سوق الذهب وهي بيع مشغولات ذهبية غير مدموغة أو غير موثقة من قبل جمعيات الصاغة، وبعض المحال تقبل هذا الذهب مع خصم من سعر الغرام، وبعضها الآخر يطلب فاتورة شراء أو إثبات استيراد نظامي.
ويرى التاجر ذاته أن انتشار ذهب أجنبي أو غير نظامي في الأسواق، يهدد نزاهة القطاع ويزيد من تعقيدات الرقابة على محال ومشغولات الذهب.
المدير العام للهيئة العامة للمعادن الثمينة، مصعب الأسود، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن هناك تحسنًا ملحوظا طرأ على واقع صناعة المشغولات الذهبية في سوريا بعد سقوط النظام، ولا سيما أن خوف الصاغة من الفروع الأمنية عطّل صناعة الذهب لعقود وزادت التحديات البنيوية لتعوق تطوره الكامل.
وأشار الأسود إلى أن حالة الخوف الدائم من قرارات النظام السابق ووزارة المالية لدى أصحاب الورشات والمحال التجارية والصاغة دفعت الكثير منهم إلى إغلاق مشاغلهم أو السفر خارج البلاد، بينما اضطر بعضهم للعمل بكميات قليلة من الذهب وبشكل سري، خشية تغوّل الأجهزة الأمنية على نشاطهم التجاري والصناعي.
المدير العام للهيئة العامة للمعادن الثمينة أشار إلى أن الهيئة تعمل على تذليل العقبات التي تواجه الصاغة، إلا أن هذه التحديات عميقة، وتتمثل في تخلف الصناعة نفسها، حيث لم تكن هناك إمكانية لجلب الأجهزة والمعدات الحديثة و”الموديلات” الجديدة والذهب نصف المشغول ومستلزمات الصناعة الذهبية.
وقال مدير عام الهيئة، إن هذا الواقع أدى إلى بقاء إنتاج المشغولات الذهبية محدودًا، في ظل استخدام معدات قديمة لا تواكب التطورات العالمية.
المدير العام للهيئة العامة للمعادن الثمينة، أكد أنه بعد تحرير سوريا بدأت الحكومة بتقديم تسهيلات مهمة، وتعديل تشريع يتعلق بصناعة واستيراد الذهب الخام أبرزها:
– إعفاء مستوردي المعدات الصناعية من الرسوم الجمركية.
– دعم ومتابعة لعمل الورشات من وزارة الاقتصاد والصناعة.
– تعاون مع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية لتسهيل عمليات الاستيراد.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات شجعت على استيراد كل ما يسهم في تطوير صناعة الذهب، والارتقاء بمستوى العمل، بهدف مواكبة دول الجوار على الأقل، ولكن الحركة بهذا الاتجاه ما زالت في حدودها الدنيا.
ويرى الأسود أن رفع العقوبات عن سوريا سيكون له أثر إيجابي على صناعة المشغولات الذهبية، من خلال “تسهيل استيراد المستلزمات، وإمكانية تحويل ثمنها بالعملات الصعبة”.
وتابع، “المعاناة ما زالت مستمرة، لأن التحويلات غير ممكنة عبر مصرف سوريا المركزي أو المصارف الخاصة المرخصة، ما يخلق صعوبات في التبادل الصناعي والتجاري مع دول كانت قد أحجمت عن التعامل مع سوريا”.
وأكد الأسود أن الدعم الحكومي متوفر، وأن الجهات المعنية، بما فيها مديريات الصناعة بوزارة الاقتصاد والصناعة والمصرف المركزي والهيئة العامة للمعادن الثمينة، بدأت بإعادة النظر في جميع القوانين والقرارات التي تعوق عمل الصناعيين وتبطئ حركة التجارة في قطاع الذهب.
كشف مدير عام الهيئة أن العدد الكلي للورشات المرخصة يبلغ نحو 1000 ورشة في دمشق و1000 ورشة في حلب، لكن الورشات الفعالة على الأرض والتي تُختم مصوغاتها الذهبية لا تتجاوز 100 في دمشق و100 ورشة في حلب تقريبًا، وتدني العدد ناجم عن المخاوف السابقة أيام النظام السابق، وعدم القدرة على استيراد معدات جديدة والإقلاع بالعمل مجددًا.
ويعمل في هذه الورشات نحو 3000 عامل، يعيلون 3000 عائلة بشكل مباشر، بينما يصل عدد العاملين بشكل غير مباشر من سماسرة ومتدخلين بالصناعة إلى نحو 6000 شخص، بحسب ما كشف الأسود.
كشف الأسود أن متوسط الإنتاج الشهري للمشغولات الذهبية يبلغ حوالي 600 كيلوغرام في دمشق وحلب، ويصل سنويًا إلى نحو 7000 كيلوغرام، مؤكدا أن الهيئة تعمل حاليًا على تطوير الجوانب المتعلقة بشغل الذهب وصياغته.
وأشار إلى أنه لا يوجد تصدير حاليًا للمشغولات الذهبية السورية، وأن سبب ذلك هو:
لكنه أوضح أن هناك بعض المشاغل الحديثة بدأت بإنتاج مصوغات وموديلات تضاهي ما يتم إنتاجه في أسواق دول الجوار والأسواق العالمية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه لا توجد تقديرات دقيقة للقيمة السوقية للذهب المحلي، والهيئة تعمل على تحديد هذه القيمة، وهذا أمر يحتاج إلى وقت.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى