“وردة إشبيلية” بين صراع الحب ووقائع الحرب
“وجيدة” فتاة إشبيليّة، تجد نفسها في دائرة الانهيار بعد سقوط المدينة الأندلسية، وتتشابك حياتها بين حب الحاكم الإسباني “ألفونسو الغازي” وحب “خابيرو” الغجري الذي يخطف قلبها، ليشكل هذا الصراع خلفية تراجيدية تعكس ضياع التاريخ والعاطفة.
هذا التعريف يختصر فكرة مسرحية “وردة إشبيلية”، التي عُرضت في دار “الأوبرا” بين 3 و5 من تشرين الثاني الحالي، وهي تدور ما بين الماضي والحاضر، إذ تعكس أجواء الأندلس وتربطها بقضايا معاصرة مثل الهجرات غير الشرعية إلى السواحل الإسبانية، وتُختتم بلوحة رمزية تبرز دمشق كامتداد حضاري لإشبيلية.
وبعد أن كانت “وجيدة” تمثل زهرة من زهور إشبيلية، عاشت صراعات عديدة وذبلت مع وقائع الحرب، خاصة مع رفضها الزواج من “ألفونسو” وهروبها إلى مغارة “خابيرو”، لتواجه مصيرها وتعيش ظلام السراديب الضيقة ليكون مصير حكايتهما الموت.
الموسيقا والرقص.. مزيج فني فريد
العرض المسرحي ينتمي لنوع “الميوزكال”، الذي تتداخل فيه عناصر فنية عدة لرسم الصورة المقدمة، ويتنوع فيه الفن التمثيلي بين الأداء الحركي للتعبير عن المشاعر والذي قام به الراقصون، وبين التمثيل الدرامي، وتضمن العرض مجموعة عروض راقصة، مصحوبة بموسيقا تنوعت بين الأنماط الإسبانية والغجرية والعربية والتعبيرية.
شاركت في المسرحية مجموعة من الفنانين السوريين، منهم نوار بلبل بدور “ألفونسو”، وناهد الحلبي التي جسدت شخصية “الأم الحكيمة”، أما دور “وجيدة” فقدمته الراقصة رنيم ملط، والراقص محمد ديبان قدم شخصية الغجري “خابيرو”.
العمل من تأليف محمد عمر، وإخراج أحمد زهير، الذي أعطى جمالية فنية للمحتوى المطروح، فبينما كانت “السينوغرافيا” تستخدم ديكورًا متحركًا وستائر هابطة تعكس تنوع المشاهد، أسهمت الإضاءة التي صممها ماهر هربش البصرية في رفع مستوى التوتر الدرامي.
تفاعل عميق مع التاريخ
الفنان نوار بلبل، قال لعنب بلدي، إن شخصية “ألفونسو” تتطلب تفاعلًا عميقًا مع التاريخ والدراما الإنسانية، كونها تناقش الصراع الداخلي بين الحب والخيانة في فترة انهيار الأندلس.
الهدف الأسمى للمسرحية هو تقديم عرض مميز ومتكامل للجمهور السوري، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها، “أردنا إيصال الفرح والأمل”، وفق تعبيره، مضيفًا، “كان العرض بمثابة تجسيد لسوريا بكامل مكوناتها وطوائفها، وهو ما ظهر بشكل رائع على خشبة المسرح”.
“المسرحية عرضت حقبة من تاريخ الأندلس، وقدمت رسائل إنسانية، اختتمت برسالة سلام، كون سوريا هي بلد السلام، وجمعت بين الاستعراضات المميزة والأداء الفني المتقن من قبل الممثلين والفنيين، والعمل ليس مجرد عرض فني، بل هو لحظة فرح للجمهور الذي كان يفتقد هذه اللحظات”، وفق ما قاله مخرج العمل أحمد زهير لعنب بلدي.
بدوره، أعرب الفنان مظهر الحكيم عن دهشته من العرض، قائلًا لعنب بلدي، “تفاجأت بشدة بهذا العمل المتكامل الذي نفتقده في سوريا منذ فترة طويلة، لقد كانت المسرحية فعلًا عرضًا مميزًا يستحق أن يُعرض لعدة أشهر”، واعتبر أن هذا النوع من العروض المتكاملة يسهم في رفع مستوى الفن المسرحي في سوريا.
أشادت الفنانة روبين عيسى بالمستوى البصري والسمعي للعرض، مشيرة في حديث لعنب بلدي إلى أن نوار بلبل كان “شعلة من الطاقة، وكان أداؤه مميزًا للغاية”، وهذه المسرحية هي بداية لافتتاح عروض جديدة ومهمة في المسرح السوري.
أعربت الفنانة سحر فوزي عن سعادتها في هذا العرض، وقالت لعنب بلدي، “أعتقد أن هذا العرض تم العمل عليه بشكل غير عادي وبمستوى فني متكامل من حيث الديكور والإضاءة والموسيقى والأداء، كان كل شيء مميزًا”، مضيفة أن ما يميز هذا النوع من العروض هو أنه يوصل الفكرة من خلال الحركة والصورة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :