دمشق.. ملتقى “آيريكس” يبحث تحديات الاستثمار العقاري في سوريا

من جلسات الملتقى الدولي للتطوير العقاري في سوريا - 11 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ أحمد المسلماني)

camera iconمن جلسات الملتقى الدولي للتطوير العقاري في سوريا - 11 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي/ أحمد مسلماني)

tag icon ع ع ع

انطلقت فعاليات “الملتقى الدولي للتطوير العقاري في سوريا (آيريكس)، الذي يتناول المحاور المتعلقة بالقطاع العقاري في سوريا بعد الحرب، ودراسة خطوات إعادة الإعمار من جميع الجوانب المرتبطة به، وذلك بإشراف الشبكة التقنية للأعمال والفعاليات، بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة والإسكان.

المؤتمر، الذي بدأ الثلاثاء 11 من تشرين الثاني ويستمر يومين، يركز على واقع قطاع العقارات اليوم، من حيث جاذبية السوق العقاري السوري، وخصوصية الواقع السوري، والمحور القانوني والتمويلي والتأميني، وتحديات شركات التطوير العقارية، واستخدام التكنولوجيا والتسويق العقاري.

جاذبية السوق العقاري

المتحدثون بجلسة “جاذبية السوق العقاري السوري”، كشفوا أن متطلبات المستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية اليوم تختلف عمّا كانت عليه في الماضي، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية والظروف التي تمر بها سوريا، ولا بد من إيجاد آليات جديدة تضمن تجاوز العقبات أمام الاستثمار العقاري والصناعي، وتفتح الباب أمام فرص حقيقية، خصوصًا على المستوى المحلي.

معاون وزير الأشغال العامة والإسكان، ماهر خلوف، أوضح أن الوزارة تعمل على تطوير التشريعات والقوانين لتأمين بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، شبيهة بتلك الموجودة في الدول المجاورة، ولكن بما يتناسب مع خصوصية الواقع السوري.

واعتبر أن هذه الخطوات تهدف إلى تحقيق الاستدامة القانونية وضمان ثقة المستثمرين القادمين من الخارج.

بدوره، المدير العام لمجموعة “بوزانت يعقوبيان”، ناظو يعقوبيان، أشار إلى أن من المهم الاستفادة من الكفاءات السورية المنتشرة في الخارج، سواء من رجال الأعمال أو الخبرات الفنية والهندسية التي أسهمت في بناء دول أخرى خلال السنوات الماضية، معتبرًا أن “هؤلاء يشكلون رصيدًا بشريًا واقتصاديًا مهمًا، يمكن أن يسهم في إعادة إعمار سوريا، ونقل المعرفة والخبرة إلى الداخل السوري”.

وطرح فكرة إنشاء مراكز تدريب متخصصة، بالتعاون مع الجاليات السورية في الخارج، لتأهيل العمالة المحلية ومواكبة التطور التكنولوجي السريع في مجالات البناء والصناعة.

الرئيس التنفيذي لمجموعة “مدار ألمنيوم الصناعية”، محمد دعبول، أكد أنه يجب حماية الصناعة السورية الداخلة بإعادة الإعمار، ووضع رسوم للمنتجات الأجنبية، لحماية نظيرتها المحلية.

وشرح أن الدعم الحكومي لا يعني إغلاق باب الاستيراد، بل إيجاد توازن بين حماية الصناعي الوطني وتوفير المواد بأسعار مناسبة للمستهلك، فحتى في الدول الكبرى كالولايات المتحدة، تفرض رسوم جمركية لحماية المنتج المحلي عندما تتدفق بضائع أرخص من الخارج، هذا النموذج يمكن أن يكون مرجعًا لتصحيح السياسات الاقتصادية في سوريا.

رئيسة مجموعة “غلوري العالمية”، مجد شربجي، أكدت أن المستثمر السوري اليوم تعوقه مشكلة الملكيات، والبيرقراطية المرتبطة بها، كما ترى أن أبرز المشكلات اللوجستية تتمثل بالكهرباء والماء.

وتطرق المتحدثون إلى أن المشكلة الأساسية على مستوى إعادة الإعمار، تكمن في إعادة توطين السكان في المناطق المهدمة، وتنظيم المناطق العشوائية، فالكثير من الأسر لا تستطيع مغادرة مناطقها المدمرة، ولا تملك بديلًا للسكن، لذلك، فإن عملية التعويض وإعادة التنظيم العمراني تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين من الدولة، لضمان العدالة في إعادة الحقوق، سواء عبر الأسهم أو التعويضات المالية أو السكن البديل.

التكنولوجيا الحديثة في مجال البناء والتشييد أصبحت متطورة جدًا، كما هو الحال في الإمارات ومصر ولبنان، لذلك من الضروري نقل هذه التقنيات إلى سوريا وتطوير النظم والمعايير الهندسية المعتمدة، رغم أن “النورمات السورية” الحالية (المعايير أو المواصفات الفنية والهندسية المعتمدة) تعد جيدة ومبنية على معايير دولية، لكنها بحاجة إلى تحديث مستمر يواكب التطور التقني العالمي، وفق ما أجمع عليه المتحدثون.

واشتكوا من فروقات تكاليف الطاقة بين سوريا ودول الجوار، إذ يبلغ سعر الكهرباء والغاز الصناعي في سوريا أضعاف ما هو عليه في مصر مثلًا، وهذا يجعل الإنتاج المحلي أكثر تكلفة، ويضعف تنافسيته أمام البضائع المستوردة، لذا من الضروري أن تُعاد هيكلة الرسوم الجمركية لتشجع الصناعة الوطنية وتحميها من المنافسة غير العادلة.

دور الدولة

تحدث في جلسة “خصوصية الواقع السوري” كل من رئيس مكتب دولة الإمارات في الاتحاد العربي للاستثمار، خميس المزروعي، والرئيس التنفيذي في شركة مراسي العمانية القابضة، خالد المحروقي، والخبير الإقليمي في مجال الاستثمار والتسويق العقاري، زيد الشيخ نجيب.

المتحدثون لخصوا عدة نقاط، يتعين على الحكومة القيام بها لكي تتعامل بشكل جيد مع الأزمة العقارية باعتبارها قضية وطنية ذات مصالح مشتركة، تجمع بين المستثمرين والمطورين والمشترين.

تتمثل النقاط بـ:

  • مراجعة بعض القوانين العقارية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر في السوق.
  • التدخل عند الضرورة عبر إجراءات تنظيمية أو مالية للحد من الخسائر.
  • الإبقاء على مستوى ثابت من النشاط العقاري حتى تتحسن الظروف الاقتصادية العامة.

إن غياب التوازن في هذا القطاع قد يؤدي إلى تراجع الثقة في بيئة الاستثمار، ويؤثر سلبًا على جميع الأطراف الاقتصادية المرتبطة به، وفق ما يعتقده المتحدثون.

كما تطرقوا إلى التجارب الدولية، كالتجربة الإماراتية والعمانية في إدارة الأزمات العقارية، وأسقطوا خطوات المعالجة على السوق السورية المستفيدة من الدروس العربية والدولية، والتي تتطلب:

  1. ضرورة وجود خطة حكومية طارئة لتنظيم السوق العقارية عند الأزمات.
  2. تأسيس محاكم عقارية متخصصة للبت السريع في النزاعات.
  3. تطوير القوانين العقارية لضمان الشفافية وحماية المستثمرين.
  4. إدخال التكنولوجيا الرقمية لتوثيق الملكيات وتسهيل المعاملات.
  5. توفير تسهيلات تمويلية من خلال المصارف المحلية وفق ضوابط مدروسة.
  6. مراقبة المشاريع الكبرى لضمان استدامتها وتوافقها مع الخطط الوطنية.

ماذا عن المحور القانوني؟

تناولت جلسة المحور القانوني، الجوانب القانونية المتعلقة بالقطاع العقاري في سوريا، وخاصة بإعادة الإعمار، وضمت الجلسة كلًا من: المدير العام للمديرية العامة للمصالح العقارية، التابعة لوزارة الإدارة المحلية والبيئة، عبد الكريم إدريس، رئيس لجنة الاستثمار والتطوير العقاري في غرفة تجارة دمشق، محمد مروان أورفه لي، ورئيس مجلس إدارة مركز دمشق الإقليمي للتحكيم الدولي، المحامي فراس صنوفي، ورئيس اللجنة القانونية في الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري، كمال عدنان ملص.

أجمع المتحدثون على أن المرحلة الحالية التي تمر بها سوريا، خصوصًا بعد انتهاء الحرب ودخول مرحلة إعادة الإعمار، تتطلب إصلاحات تشريعية جذرية تشمل قوانين الاستثمار، وحقوق الملكية، والتطوير العقاري.

وأكدوا أن الاستقرار التشريعي هو الأساس لضمان جذب المستثمرين العرب والأجانب، وأن القوانين الحالية بحاجة إلى تحديث يراعي المرونة والسرعة في التطبيق، مع الحفاظ على العدالة القانونية وحماية الأطراف المتعاقدة.

وأشاروا إلى أهمية:

  • إنشاء مراكز تحكيم عقارية وطنية في سوريا تُدار من خبراء متخصصين.
  • اعتماد العقود النموذجية التي تتضمن بنود التحكيم بشكل واضح وصريح.
  • تدريب الكوادر السورية في مجال التحكيم الدولي والعقود الإنشائية.

وأجمعوا على أن المستثمر، سواء كان محليًا أو خارجيًا، يبحث عن:

  • بيئة استثمارية آمنة.
  • قوانين واضحة تنظم العلاقة بين الأطراف.
  • جهة قضائية أو تحكيمية عادلة وسريعة البت.

كما تمت الإشارة إلى أن حوالي 50% من المساكن في سوريا بحاجة إلى إعادة تأهيل أو تنظيم قانوني، مما يجعل الحاجة إلى تشريعات عقارية حديثة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

خلصت الجلسة إلى مجموعة من التوصيات المهمة، أبرزها:

  1. ضرورة تحديث القوانين العقارية لتنسجم مع متطلبات الاستثمار الحديث.
  2. العمل على إصدار قانون للتحكيم العقاري يواكب التطورات الدولية.
  3. دراسة إمكانية تطبيق العقود الإسلامية النموذجية في المشاريع العقارية السورية.
  4. تأسيس مراكز وطنية للتحكيم والتوفيق العقاري بإشراف الدولة والقطاع الخاص.
  5. تعزيز التعاون مع الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري لنقل الخبرات الإقليمية الناجحة إلى السوق السورية.

تكلفة إعمار سوريا

قدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار سوريا بنسبة وسطية، بنحو 216 مليار دولار، وفق تقرير صدر له في 21 من تشرين الأول الماضي.

وعرض التقرير تقييمًا للأضرار المادية وإعادة الإعمار في سوريا على مستوى البلاد للأصول المادية من بنى تحتية ومبانٍ، يغطي الفترة من 2011 حتى 2024.

ووفق التقرير، تسبب النزاع في تضرر ما يقرب من ثلث رأس المال الثابت الإجمالي لسوريا قبل الحرب، حيث قُدّرت الأضرار المادية المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية والمباني السكنية وغير السكنية بنحو 108 مليارات دولار.

وكانت البنية التحتية من بين الفئات الأكثر تضررًا، حيث شكلت 48% من إجمالي الأضرار (52 مليار دولار)، تلتها المباني السكنية (33 مليار دولار)، ثم المباني غير السكنية (23 مليار دولار).

وتشكل محافظات حلب وريف دمشق وحمص، المناطق الأكثر تضررًا من حيث إجمالي الأضرار.

وتُقدّر تكاليف إعادة إعمار الأصول المادية المتضررة بما يتراوح بين 140 مليار دولار و345 مليار دولار، مع تقدير متحفظ يُقدَّر بـ216 مليار دولار.

إعمار سوريا.. حلم مؤجل



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة