
البوابة الصفراء التي نصبها الجيش الإسرائيلي في قرية الصمدانية الغربية - 2 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي)

البوابة الصفراء التي نصبها الجيش الإسرائيلي في قرية الصمدانية الغربية - 2 تشرين الثاني 2025 (عنب بلدي)
عنب بلدي – محمد كاخي
نصب الجيش الإسرائيلي، في 31 من تشرين الأول الماضي، بوابة حديدية عند مدخل قرية الصمدانية الغربية بريف القنيطرة، لفصل القرية عن محيطها في إطار تشديد السيطرة على المنطقة المحاذية لخط وقف إطلاق النار.
الخطوة الإسرائيلية اعتبرها ناشطون وأهالٍ في الصمدانية ومحافظة القنيطرة، شكلًا جديدًا من المحاولات التي تهدف إلى فرض واقع جديد في المنطقة.
ونقلت قناة “الإخبارية السورية” الحكومية، أن الجيش الإسرائيلي نصب بوابة حديدية بين قرية الصمدانية الغربية وبلدة الحميدية في ريف القنيطرة، لفصل الأهالي عن أراضيهم الزراعية وقطع الطريق الذي يستخدمونه يوميًا للتنقل والعمل.
وتحدث الأهالي، لعنب بلدي، عن معاناة يعيشونها بشكل يومي في مناطق تشهد أصلًا قيودًا أمنية وتضييقًا مستمرًا من قبل قوات الاحلال الإسرائيلي.
وضع البوابة عند مدخل قرية الصمدانية يشكّل نوعًا من الاستفزاز، كما أنها تعوق كثيرًا من أعمال الأهالي، بسبب فصل القرية عن منطقتي الحميدية والقنيطرة المهدّمة، اللتين تعتبران شريانًا حيويًا بالنسبة للصمدانية، بحسب مصدر في بلدية الصمدانية، فضّل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية.
وتابع المصدر لعنب بلدي، أن التأثير الآخر هو أن أهالي القرية لن يستطيعوا الاستفادة من الأراضي الرعوية في منطقة الحميدية لرعاية مواشيهم، كالأبقار والأغنام.
وتلك المناطق لا تؤثر على عمليات الجيش الإسرائيلي إطلاقًا، “لكن إسرائيل وضعت البوابة كنوع من الفتنة، أو محاولة استفزاز الناس في المنطقة”، بحسب المصدر.
الباحث في “المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة” نوار شعبان، قال لعنب بلدي، إن هناك نقطة يجب الانتباه إليها دائمًا، وهي نفسية ورمزية في الوقت ذاته، فالبوابة أو الحاجز الحديدي يخلق إحساسًا بالعزلة، ويجعل الشريحة المستهدفة من المجتمع في تلك المنطقة تشعر بأنها موضوعة تحت المراقبة والتقييد، ما يؤثر على شعورها بالانتماء، وكذلك على وصول الخدمات إليها وعلى حركتها اليومية.
تواصل قوات الجيش الإسرائيلي إجراءاتها التصعيدية في قرى وبلدات محافظة القنيطرة الواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح، من خلال إقامة حواجز وسواتر ترابية على مداخل القرى.
الناشط الإعلامي في مدينة القنيطرة الهيثم ظاهر، قال لعنب بلدي، إن الطريق الذي وضعت إسرائيل البوابة عليه هو أحد المسارات التي تسلكها آليات الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي في أثناء تحركاتها باتجاه الطريق المؤدي إلى بلدة خان أرنبة.
وبحسب ظاهر، تأتي عملية وضع البوابة بعد نحو شهرين من قيام الجيش الإسرائيلي برفع ساتر ترابي على مدخل قرية الصمدانية الغربية وإغلاق الطريق المؤدي إليها، كما شهدت المنطقة سابقًا وضع بوابة حديدية على مدخل قرية الرواضي بريف القنيطرة القريب من المدينة المهدمة.
وقال ظاهر، إن الأهالي أعربوا في أكثر من مناسبة عن خوفهم من استمرار الجيش الإسرائيلي في إنشاء حواجز جديدة بين القرى، بما يشمل عمليات تدقيق وتفتيش تحدّ من حركة المدنيين وتزيد من معاناتهم اليومية.
مصدر في المكتب الإعلامي بمحافظة القنيطرة، قال لعنب بلدي، إن الجيش الإسرائيلي يهدف من خلال هذه البوابة إلى حصر الدخول إلى قرية الصمدانية بأبناء الصمدانية فقط، وهي محاولة لفصل القرية جغرافيًا واجتماعيًا عن المحافظة.
انتشرت مئات البوابات الحديدية في الضفة الغربية والقدس منذ تشرين الأول 2023، واستخدمها الجيش الإسرائيلي لتقييد الحركة، وبناء بيئة قهر يومية تُبقي الفلسطيني في حالة انتظار دائم بين الخوف واللايقين.
وثّق معهد “أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني” (ماس) أثر الحواجز والبوابات الحديدية على الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية، ووفقًا لدراسة للمعهد، يخسر الفلسطينيون يوميًا 191,146 ساعة عمل نتيجة اضطرارهم لسلوك طرق التفافية طويلة بفعل الحواجز والإغلاقات العسكرية.
ويُقدَّر مجموع ساعات العمل المهدورة شهريًا بأكثر من 4.2 مليون ساعة، ما يعادل 526 يوم عمل على مستوى سوق العمل العام.
وهو أمر مماثل يخشى منه سكان الصمدانية، فبحسب ما قالته المعلمة رهام محمود، من قرية الصمدانية لعنب بلدي، يضطر أهالي القرية الآن لسلوك طريق أطول للوصول إلى منطقة الحميدية، التي تعتبر الشريان الذي يغذي الصمدانية بالبضائع والمواد الاستهلاكية التي يحتاج إليها السكان يوميًا.
كما صار على طلاب المدارس أن يسلكوا طرقًا أطول للوصول إلى مدرستهم، بعد أن كان الطريق مختصرًا وقصيرًا قبل أن يغلقه الجيش الإسرائيلي بالبوابة الصفراء.
وبات على الموظفين والأهالي الذين يريدون الطبابة أو قضاء أعمالهم في مناطق خارج الصمدانية سلوك طريق واحد لا بديل عنه، أطول مما كان عليه، الأمر الذي يؤخرهم عن أعمالهم، وفي بعض الحالات قد يعرض حياتهم للخطر إذا كانت الحالة إسعافية، بحسب رهام.
وفي منشور على منصة “إكس“، أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، أن ألوان البوابات التي يضعها الاحتلال في الضفة الغربية ترمز إلى درجات مختلفة من القيود:
استعملت إسرائيل، في السابق، السواتر الترابية لإغلاق بعض الطرقات وفصل بعض المناطق في الجنوب السوري، وهي المرة الأولى التي تضع فيها بوابة كالتي استعملتها في الضفة الغربية في قرية الصمدانية.
الباحث في “المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة” نوار شعبان، قال لعنب بلدي، إن هذه البوابات تُستعمل عادة عند مداخل الأحياء أو القرى، بغرض التحكم بحركة السكان والمركبات.
والهدف المعلن لإسرائيل غالبًا ما يكون أمنيًا، ففي معظم الحالات تقول إسرائيل إنها تتحرك لمنع عمليات تسلل أو تهريب أو أعمال مسلحة.
وبالنظر والتحليل الأعمق، تُستخدم هذه البوابات لتحويل تدفق الحركة، أي لعزل المناطق عن بعضها وخلق مناطق شبه محاصرة أو معزولة عن الخدمات أو عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي، فالبوابة الحديدية بالنسبة للجيش الإسرائيلي تُصنّف ضمن ما يُعرف بنظام الإغلاق أو العزل، وهو يشمل بوابات، وحواجز، وجدرانًا، وأسلاكًا شائكة، وأحجارًا، أي أنهم يستخدمون كل الوسائل الممكنة للعزل، وغالبًا ما تُستخدم هذه الوسائل لتقييد الوصول والخروج بين منطقتين، بحسب شعبان.
ومن الناحية الجغرافية الاستراتيجية، وفق حديث شعبان إلى عنب بلدي، يتيح هذا الأسلوب للقوات الإسرائيلية فرض نوع من أنواع التقسيم الطبوغرافي، أي خط فصل بين مناطق مختلفة أو بين منطقة رئيسة ومحيطها، وما حصل في الصمدانية يمكن إدراجه، إلى حد ما، ضمن هذا النمط، لأننا نقيسه على الأنماط التي يتبعها الاحتلال في مناطق أخرى.
فتركيب بوابة حديدية أو بوابة مغلقة كمدخل أو مخرج يهدف في النهاية عمليًا إلى فصل المنطقة عن محيطها، وتقييد حركة الدخول والخروج، أو فرض شروط إضافية على السكان، تابع شعبان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى