العميد أحمد بري: النظام أصبح بحكم الساقط في المدينة
“الدواليب” تغلب “البراميل” في حلب.. والمعارضة تقلب الموازين
عنب بلدي – خاص
“ملحمة حلب الكبرى”، “الغضب لحلب”، مسميات أطلقها المقاتلون والناشطون في حلب، تزامنًا مع سحابة سوداء غطت سماءها، في 31 تموز الماضي، وكانت إيذانًا ببدء المعركة لفك الحصار عن أكثر من 350 ألف مدني حاصرهم النظام السوري.
“الملحمة” لم تدم طويلًا حتى حققت نتائجها الأولية بفك الحصار، السبت 6 آب، وشهدت معاركها انسحابات سريعةً لقوات الأسد من عددٍ من المناطق الاستراتيجية جنوب حلب وغربها.
وبعدما خيم شبح الحصار على أحياء المدينة الشرقية، وتخوّف الأهالي من تكرار صوره في مضايا والزبداني، إضافة إلى تخوف قوات المعارضة من خنقها وقطع الإمداد العسكري عنها، أعلنت الفصائل فكّ الحصار، بعد معركة وصفت بأكبر معارك الثورة السورية، بتنسيقٍ عالٍ بين غرفتي عمليات “جيش الفتح”، و”فتح حلب”.
منفذٌ جديدٌ للمحاصرين يغني عن الكاستيلو
350 ألف مدني محاصرون في الداخل وجدوا في انطلاق المعركة أملًا في تخليصهم من شبح الحصار، ربما كان استمراره سيشكل كارثة إنسانية، عن طريق فتح منفذ جديد مغاير تمامًا عن المنفذ القديم الممثل بطريق الكاستيلو.
المنفذ الجنوبي، الذي يصل أحياء الشيخ سعيد والسكري بالريف الجنوبي والغربي للمحافظة مرورًا بالراموسة، يحمل أهمية عسكرية واستراتيجية واقتصادية، كونه يصل أحياء حلب مباشرةً بمدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، ما يسهل دخول المواد الغذائية والأساسية للأحياء، بعد أن كانت تدخل عن طريق إدلب وريف حلب الغربي ثم إلى الكاستيلو الذي كان يعتبر الشريان الرئيسي للسكان.
كما تكمن أهمية المنفذ الجنوبي بعدم وجود قوىً تهدد استقراره، على عكس طريق الكاستيلو، الذي تصارعت عليه قوى تريد بسط سيطرتها عليه، وهي: الوحدات الكردية، التي هدفت إلى توسيع نفوذها في الشيخ مقصود ذي الأغلبية الكردية، وقوات الأسد التي تحاول محاصرة فصائل المعارضة، ومنع وصول الإمدادات إليها، إضافة إلى قرب تنظيم “الدولة الإسلامية” شرق الطريق.
غرفتا عمليات وستة آلاف مقاتل
24 فصيلًا شارك في معركة فك الحصار، واندمجوا في غرفتي عمليات رئيسيتين، بتعداد بلغ حوالي ستة آلاف مقاتل، وفقًا لمعلومات حصلت عليها عنب بلدي.
الغرفة الأولى هي غرفة “جيش الفتح”، وهي ذات الثقل الأكبر في العملية، وتضم سبعة فصائل رئيسية: جبهة “فتح الشام”، حركة “أحرار الشام الإسلامية”، “فيلق الشام”، تجمع “أجناد الشام”، “الحزب الإسلامي التركستاني”، “لواء الحق”، “جيش السنة”.
أما الغرفة الثانية فهي عمليات “فتح حلب”، وينضوي معظم فصائلها تحت “الجيش الحر”، وتعمل على محوري الراموسة جنوبًا، وطريق “الكاستيلو” ومخيم “حندرات” شمالًا، ومن أبرز فصائلها: “كتائب ثوار الشام”، ”الجبهة الشامية”، جبهة “أنصار الدين”، حركة “نور الدين زنكي”، “جيش الإسلام”، “جيش المجاهدين”، “جيش النصر”، “الفرقة الشمالية”، “الفرقة الوسطى”، ”الفرقة 13”، “لواء صقور الجبل”، “الفوج الأول”، تجمع “فاستقم كما أمرت”، “أنصار العقيدة”، كتائب “أبو عمارة”، لواء “السلطان مراد”.
وجرى تقسيم المعارك إلى ثلاث مراحل: الأولى كانت مفصليّة كونها ساهمت في رفع معنويات المقاتلين واستمرارهم بالزحف بعد انهيار لقوات الأسد وميليشياته، فخلال الساعات الأولى من انطلاق المعركة تمكنت الفصائل من السيطرة على ثكنة مدرسة الحكمة الاستراتيجية.
المرحلة الثانية شهدت سقوط المناطق تباعًا بيد المعارضة ابتداء من تلة مؤتة، تلة أحد، تلة الجمعيات، فقرية العامرية، وكتيبة الصواريخ، ومشروع 1070، وصولًا إلى قرية المشرفة.
سقوط “حصن النظام” فتح أبواب حلب
أهم المراحل كانت الثالثة، التي انتهت بإعلان الفصائل فك الحصار عن الأحياء الشرقية، وبدأت فيها جبهة “فتح الشام” بعملية وصفتها بـ “الاستشهادية”، كسرت الخطوط الدفاعية الأولى لكلية المدفعية، ليتمكن المقاتلون خلال دقائق معدودة من السيطرة على كتيبة التسليح وكتيبة البيانات.
“جيش الفتح” أعلن السيطرة نهائيًا على الكلية نهائيًا بعد عملية “استشهادية” ثانية استهدفتها، وهي تضم 24 مدفعًا (122 ميليمتر)، وعتادًا مخصصًا لتدريب الطلاب والتلاميذ (ثلاث مدافع فوزديكا، وثلاثة عيار 122 ميلميتر، ثلاث راجمات صواريخ 40 سبطانة، إضافة إلى مدافع هاون من كافة الأنواع من 60 وحتى 160 بمعدل ثلاثة من كل نوع)، حسبما نقله رئيس أركان “الجيش الحر” أحمد بري، لعنب بلدي.
ويضمّ مجمع الكليّات، بحسب بري، قواعد إطلاق الصواريخ (م.د)، وقاعدة تدريبية خاصة، إلى جانب عرباتٍ وعددٍ كبير من الضباط والمدربين يتراوح بين 100 و150 بين عامل ومجند، إضافة إلى صف الضباط المدربين.
وتؤمن الكلية الرمي المباشر وصولًا إلى قلعة حلب ومطار النيرب ومعظم مناطق المحافظة، كما تؤمن رماية بكافة الاتجاهات بشكل غير مباشر حتى مسافة 40 كيلومترًا، وبإمكانها استيعاب حتى ثلاثة آلاف مقاتل.
كما تطل الكلية على تلة الراموسة التي تمكنت الفصائل من السيطرة عليها عقب سيطرتهم على الفرن الآلي، ودوار الراموسة، ليعلن المقاتلون فك الحصار بشكل نهائي عن أحياء حلب الشرقية.
المعارضة تحاصر الحصار
الأهداف الأولى لإطلاق المعركة كانت فك الحصار عن الأحياء الشرقية، لكنّ هذه الأهداف تحولت إلى السيطرة على المدينة بشكل كامل عقب الانهيارات في صفوف النظام السوري والميليشيات الموالية له، بحسب تصريحات قادة الفصائل.
ولم يعد لقوات الأسد منفذٌ للأحياء الغربية سوى طريق الكاستيلو، الذي تحول من شريان رئيسي للمعارضة في الأحياء الشرقية، إلى منفذ وحيد لمناطق النظام في المدينة، وبالتالي فإن سيطرة المعارضة على الكاستيلو سيؤدي إلى حصار النظام في أحيائه الغربية.
واعتبر أبو محمد الجولاني، في رسالةٍ صوتية لأهالي حلب أن ”نتائج معركة فك الحصار ستتجاوز فتح الطريق عن المحاصرين إلى قلب موازين الصراع في الساحة الشامية، وقلب طاولة المؤامرات الدولية على أهل الشام”.
وأوضح أن فك الحصار سيرسم ملامح ما وصفها بمرحلة جديدة لسير المعركة، مؤكدًا وجود لحمة بين الفصائل واجتماع بينها.
في حين اعتبر، أحمد بري، رئيس أركان “الجيش الحر”، أنه بسيطرة المعارضة على كلية “المدفعية” يعتبر النظام في حلب بحكم الساقط والمنتهي عسكريًا.
لماذا لم ينجح الطيران في إيقاف الهجوم؟
المستشار القانوني للجيش الحر، أسامة أبو زيد، عزا في حديثٍ إلى عنب بلدي، عدم قدرة الطيران الحربي (الروسي والسوري) على إيقاف مدّ قوات المعارضة، إلى خطّ طول المعركة، والذي يصل إلى 20 كيلومترًا. على عكس ما حصل على جبهة الكاستيلو الضيقة التي تمكّن الطيران من تمشيطها كلما حاولت المعارضة التقدم.
كما لعب إشعال المواطنين للإطارات مع انطلاق المعارك داخل حلب وخارجها، دورًا في حجب الرؤية عن الطيران، ريثما يتمكّن المقاتلون من تثبيت نقاطهم الجديدة.
حلب بعيون جنيف
من المتوقع أن يقلب فك الحصار الموازين في المحادثات الدولية، بعدما كان من المتوقع تحديد أوائل آب الجاري موعدًا لمحادثات جنيف، لكن غياب التصريحات السياسية خلال الأيام القليلة الماضية، وخاصة بعد انطلاق المعركة، دفع محللين للاعتقاد بأن إعلان موعد جنيف سيكون فور حسم المعركة أو عند ظهور ملامحه على الأقل، وسيتمكن الطرف الأقوى من امتلاك زمام الأمور سياسيًا وعسكريًا.
فحلب ذات أهمية في تحديد مسار المفاوضات كونها تعتبر ثاني أكبر المدن السورية، ومن أهم المناطق، التي إذا ما سيطرت عليها سيصبج الطريق أمامها مفتوحًا لبسط نفوذها في الشمال السوري.
وبعد محاصرة النظام السوري وحلفائه لقوات المعارضة وإحكام قبضته في حلب، في تموز الماضي، أعلن عن استعداده “مواصلة الحوار السوري- السوري في جنيف دون شروط مسبقة”، وراحت وسائل الإعلام الرسمي تؤكّد أن وجود الوفد في جنيف سيكون قويًا، وهذا يترك سؤالًا مفتوحًا للأيام المقبلة: هل يستمر النظام بتأكيده على حضور جنيف، وما هو دور الروس في ذلك؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :