
يقتصر الوجود الفلسطيني في سوريا، حالًيًا، على حركة "الجهاد الإسلامي" والفصائل التابعة لمنظمة "التحرير الفلسطينية" (تعديل عنب بلدي)
يقتصر الوجود الفلسطيني في سوريا، حالًيًا، على حركة "الجهاد الإسلامي" والفصائل التابعة لمنظمة "التحرير الفلسطينية" (تعديل عنب بلدي)
عنب بلدي – عمر علاء الدين
هز خبر اعتقال الأمن السوري قياديين في حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، في 22 من نيسان الماضي، الأوساط السورية والعربية.
وتراوحت ردود الفعل بين مؤيد للفكرة على افتراض أن “الجهاد” لها علاقات وثيقة مع إيران، وجرى الاعتقال بناء على ما قيل إنه “تخابر معها”، وبين من وصف القرار بـ”الخيانة للدم الفلسطيني”، كما قال الباحث بالشأن الفلسطيني سعيد زياد، على حسابه بمنصة “إكس”.
قيادي في “الجهاد الإسلامي” (لم يفصح عن هويته) نفى لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية أن يكون للموضوع علاقة بإيران إذ قال، “علاقة حركة (الجهاد الإسلامي) بإيران معروفة للجميع، والتواصل يتم فقط بين قيادة الحركة وإيران، وليس بين عناصر من الحركة وإيران”، مؤكدًا أن “العناصر ليس لهم تواصل مباشر مع إيران”.
وبعيدًا عن حركة “الجهاد الإسلامي” التي يقتصر عملها في سوريا على الجهد الإنساني والإغاثي، بحسب ما تقوله، يبقى مصير الفصائل الفلسطينية في البلاد مثارًا للتساؤل، خصوصًا أن لتلك الفصائل حضورًا قويًا بالمخيمات الفلسطينية في سوريا.
في هذا التقرير، تبحث عنب بلدي عن إجابات بشأن مصير هذه الفصائل في سوريا، في ظل ضغوط إقليمية ودولية تُمارس على دمشق لإخراجها.
سربت مجلة “المجلة” السعودية، في 19 من نيسان الماضي، ثمانية شروط أمريكية لرفع العقوبات عن سوريا وإعادة العلاقات الدبلوماسية، ومن بينها “إصدار إعلان رسمي عام يحظر جميع الميليشيات الفلسطينية والأنشطة السياسية، وترحيل أعضائها، لتهدئة المخاوف الإسرائيلية”.
وأعقب ذلك رد سوري، عبر رسالة من أربع صفحات، إلى الولايات المتحدة، كشفت عنها “رويترز”، في 26 من نيسان، جاء فيها أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.
إن صح هذا التسريب، بحسب الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي، فهو مؤشر على نية السلطات ضبط كامل الملف الفلسطيني ومراقبة أنشطة الفصائل وحصرها بالنشاط السياسي.
ولهذا الأمر بعدان، وفق ما قاله عرابي لعنب بلدي، الأول داخلي، يتمثل بأن السلاح خارج الدولة لم يعد مقبولًا، وخارجي يشي بأن سوريا الجديدة ليست منصة للابتزاز العسكري المنضبط ضد دول الجوار.
بدوره، يرى الباحث في الشأن الفلسطيني الدكتور وسام عفيفة، أن العلاقة بين الإدارة السورية والفصائل الفلسطينية، تعاد صياغتها وفق معايير تعتمد إرساء دعائم حكم جديد يعكس مصالح الشعب السوري، و”تجنب أي استثمار سياسي للقضية الفلسطينية كما كان الحال في العقود السابقة”.
ومع ذلك، تبدو عملية الفرز محفوفة بالمخاطر، بحسب ما قاله عفيفة لعنب بلدي، خاصة في ظل الضغوط الإقليمية والدولية التي قد تُمارس على دمشق لإعادة ترتيب تحالفاتها وفق أجندات تتجاوز مسألة حضور الفصائل في سوريا، إلى “محاولات جرها إلى مربع التطبيع مع الكيان (إسرائيل) مقابل الحصول على الشرعية الدولية”.
في هذا المناخ، تواجه الفصائل الفلسطينية تحديًا وجوديًا بين إرثها الطويل في علاقتها مع النظام البائد واستيعاب بعضها للواقع الجديد في ظل سلطة الثورة، التي لطالما أكدت على علاقتها الإسنادية مع القضية الفلسطينية قبل الوصول للحكم باعتبارها مشروعًا تحرريًا يعيد الاعتبار للعلاقة التاريخية مع سوريا، بحسب عفيفة.
وهناك خشية، بحسب الباحث الفلسطيني، من أن تدفع هذه الفصائل ثمنًا سياسيًا باهظًا تحت ضغط أطراف دولية أو تسويات إقليمية لا تُراعي خصوصية الحالة الفلسطينية في سوريا، بل تستخدمها كورقة مساومة للضغط على سلطة دمشق.
الباحث والمدير التنفيذي في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، يرى أن الحكم الجديد في سوريا لن يسمح بتحركات تضر بالمصلحة الوطنية السورية، فضلًا عن أنها قد تكون مدفوعة بأجندات غير وطنية على المستوى العربي، واصفًا قرار الإدارة الجديدة بـ”الحكيم”
ولن يُسمح للفصائل الفلسطينية العمل في سوريا، بنطاق العمل الأمني والعسكري، لأنه سيؤثر على علاقات سوريا الجديدة مع الأطراف الإقليمية والدولية، بحسب ما قاله علوان لعنب بلدي.
ويتفق مع هذا الطرح المحلل السياسي السوري سامر أبو عدنان، الذي وصف وجود الفصائل الفلسطينية في سوريا بـ”المضر”، رغم أن وجودها “معنوي جدًا” بالنسبة للقضية الفلسطينية.
ويعتقد أبو عدنان أن على الفصائل التي وقفت في صف “محور إيران ضد الشعب السوري”، إنهاء عملها في سوريا، من باب الأخلاق والحفاظ على العلاقات التاريخية بين البلدين، دون التسبب بمزيد من الإحراج للحكم في دمشق.
ولم تشارك أي أطراف فلسطينية كـ”فصائل” بالثورة السورية، بحسب الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، بل اقتصرت هذه المشاركة على المستوى الشعبي والفردي، مؤكدًا أن دافع المشاركة كان نظام “البعث” بحد ذاته، الذي نكّل بالفلسطينيين وتاجر بقضيتهم على مدى عقود.
وباعتقاد علوان، فلن يكون هناك تفريق بين فصيل وآخر، فجميع الفصائل الفلسطينية ستُمنع من ممارسة أي عمل على المستوى الأمني والعسكري والتنظيمي، لكن سيسمح لهم بالعمل المدني. ويتفق مع هذا الطرح المحلل السياسي السوري سامر أبو عدنان، إذ يتوقع حل جميع هذه الفصائل ومنعها من النشاط السياسي.
يقتصر الوجود الفلسطيني في سوريا، حاليًا، على حركة “الجهاد الإسلامي” (جهد إغاثي وإنساني) والفصائل التابعة لمنظمة “التحرير الفلسطينية” (حركة فتح) باعتبارها فصائل تابعة للسلطة الفلسطينية.
وكان الوجود الفلسطيني قبل سقوط النظام يتمثل بقرابة 20 فصيلًا فلسطينيًا، بحسب مركز “جسور“، بعضها له وجود سياسي وعسكري، ولبعضها الآخر وجود سياسي فقط.
وتختلف هذه الفصائل فيما بينها من ناحية مصادر التمويل ودرجة الارتباط بالنظام السوري والفاعلية في فلسطين، وتموضعها بعد حرب غزة التي اندلعت بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 من تشرين الأول 2023.
تمتعت فصائل فلسطينية بعلاقات وثيقة مع نظام الأسد، واعتبرت جزءًا من جهازه الأمني اعتمدت عليه بالتمويل والتسليح ومنها:
بينما بقيت “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) دون تمثيل سياسي أو عسكري طيلة السنوات السابقة في سوريا لموقفها من الثورة، وعلى الرغم من ضلوع الفصائل الفلسطينية الموالية لنظام الأسد في ارتكاب جرائم متنوعة، فإن معظمها لم يغادر الأراضي السورية بعد سقوط النظام، واقتصر الأمر على مغادرة بعض القيادات من الصفين الأول والثاني.
وفي 28 من كانون الأول 2024، نقلت صحيفة” العربي الجديد” عن مصدر في حركة “فتح الانتفاضة”، أن إدارة العمليات العسكرية استولت، في الشهر نفسه، على مقر “قيادة الصاعقة” العسكري في منطقة العباسيين بدمشق، ومكتب أحمد جبريل، إضافة إلى مقر العقيد زياد الصغير مسؤول حركة “فتح الانتفاضة”.
بينما هرب قياديو المجموعات الفلسطينية التي نشأت مع اندلاع الثورة السورية إلى لبنان، في محاولة لتسوية أوضاع بعضهم مع السلطات الجديدة في دمشق، بعد تسليم المعسكرات وسحب جميع الأسلحة والاكتفاء بحمل السلاح الفردي داخل مكاتبهم.
إلا أن منصة “قدس برس”، نقلت عن مصادر إعلامية فلسطينية، أن السلطات السورية الجديدة وضعت قادة عدد من الفصائل الفلسطينية الذين قاتلوا إلى جانب النظام تحت الإقامة الجبرية في دمشق، ومن بينهم محمد سعيد (قائد لواء القدس الفلسطيني)، مشيرة إلى أن هذه الاجراءات مؤقتة.
في المقابل، اتخذت عدد من الفصائل الفلسطينية إجراءات تنظيمية، إذ أعلنت “الجبهة الشعبية- القيادة العامة” تجميد عضوية خالد جبريل من اللجنة المركزية بسبب مخالفات تنظيمية ومالية جسيمة، وإحالته إلى لجنة تحقيق، حسب “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”.
بينما جمَّد الأمين العام لحركة “فتح الانتفاضة” عمل اللجنة المركزية للحركة، وفصل قياديين بارزين، هما رميض أبو هاني في لبنان، وياسر أبو عمر في سوريا، بسبب المخالفات لأنظمة الحركة، بينما أعفت اللجنة المركزية للحركة زياد عودة الصغير أبو ياسر من منصب الأمين العام بسبب المخالفات التنظيمية.
أما منظمة “الصاعقة” فأزالت اسم حزب “البعث” من المعرفات الرسمية لتقتصر على تسمية منظمة “الصاعقة”، بينما أعلن الأمين العام للمنظمة إعادة تشكيل قيادة المنظمة لتعزيز دورها الفلسطيني.
أما حركة “فلسطين الحرة” فقد استأنفت عملها الإنساني بعد سقوط النظام السابق، الموجه للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وأعلنت تبرؤها من شخصيات كانت تقود الحركة، وهما سائد عبد العال وعبد القادر حيفاوي، لأنهما لم يكونا ممثلين رسميين للحركة، معتبرة أن تعيينهما كان بيد النظام السوري السابق.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى