كتاب عدالة المكان للباحثة سلمى كريم
عدالة المكان.. قصص لتهجير نساء سوريات
“لو كانت روحي كافية لأهديتها للبيـت مقابـل أن يعـود كل شيء كمـا كان، الكثير من أصحاب وصاحبات البيــوت ماتــوا، أو اختفــوا، وإن عاد منا من بقي على قيد الحياة فسنعود مكسورات ومكسورين، وفي القلوب حزن كبير”.
هكذا بدأت الباحثة سلمى كريم مقدمتها في كتاب “عدالة المكان”، الصادر عن منظمة “النساء الآن لأجل التنمية”، والذي يوثق شهادات لسيدات من مناطق الزبداني ومضايا وداريا بريف دمشق، التي شهدت عمليات تهجير قسري ممنهجة منذ عام 2011، في سياق الحملة العسكرية التي شنّها النظام السوري السابق وحلفاؤه ضد مناطق الحراك الشعبي في ريف دمشق.
يتضمن الكتاب ست روايات ذاتية لنساء مهجرات هنّ: نسرين العبد الله (الزبداني ومضايا)، فيروز (مضايا)، “الدمشقية” و”شعاع الأمل” (اسمان مستعاران لسيدتين من الزبداني)، سمية الخولاني وياسمين شربجي (داريا).
الشهادات أعدّتها باحثتان من وحدة البحث النسوي هما سلمى كريم وأمل عمار، ضمن مشروع بحثي سردي يستند إلى الحكايات الشخصية كوسيلة لفهم أعمق لانتهاكات الحرب السورية.
يهدف الكتاب إلى استعادة الذاكرة الفردية والجمعية للضحايا، ورفض اختزالهن في أرقام أو تقارير جامدة، مسلطًا الضوء على البعد الإنساني والسياسي والاجتماعي للتهجير القسري.
لا يركز الكتاب فقط على التنقل القسري من منطقة إلى أخرى، بل يتناول ما هو أعمق، كضياع البيوت والأراضي، وتفكك النسيج الاجتماعي، واندثار الروابط الثقافية والتاريخية للمكان، فضلًا عن الأذى النفسي والمعنوي الذي ما زال يرافق النساء حتى بعد سنوات من التهجير.
وتحدثت الكاتبة أن جريمة التهجير القسري لا يمكن اختصار آثارها بفعل التهجير فقط، بل هي جريمة لها أبعاد سياسية على صعيد المكان والصعيد الجمعي والفردي، جريمة لها أبعاد وآثار تلقي بظلالها الثقيلة على حياة ضحاياها في كل ساعة من كل يوم.
تمثل الروايات النسائية خطوة في مسار توثيقي طويل يسعى نحو تحقيق “عدالة تحولية”، تنصف النساء، وتمنحهن مساحة لسرد معاناتهن وتجاربهن الخاصة، بعيدًا عن لغة التقارير التقنية والمنصات السياسية التي لا تعترف غالبًا بهذه التفاصيل الدقيقة.
يعد هذا العمل توثيقًا لما عاشته النساء السوريات من عنف وتهجير قسري، ويعيد إليهن حق السرد، ويضعهن في قلب السردية السورية، لا على هامشها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :