تأجيلات متكررة وأهالي غاضبون..

تبادل أسرى بين “قسد” والحكومة في حلب

الحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) يتبادلون الدفعة الثانية من الأسرى في حلب - 2 حزيران 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)

camera iconالحكومة السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) يتبادلون الدفعة الثانية من الأسرى في حلب - 2 حزيران 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)

tag icon ع ع ع

نفذت الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية”  (قسد) عملية تبادل الأسرى الثانية في حلب شمالي سوريا، اليوم، الاثنين 2 من حزيران.

وشهد معبر الجزيرة عند مفرق العوارض، الفاصل بين مناطق سيطرة “قسد” والحكومة السورية في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، عملية التبادل التي تأخر تنفيذها نحو ساعة ونصف بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.

تأخر العملية وتأجيلات سابقة، أثارت التذمر لدى الأهالي المنتظرين لخروج ذويهم.

لا أرقام دقيقة

بحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من نائب محافظ حلب، ملهم العكيدي، شملت العملية تبادل مابين 460 و470 أسيرًا من الجانبين.

ووفق مصدر حكومي رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالتصريح للإعلام، تسلمت حكومة دمشق 167 أسيرًا كانوا محتجزين لدى “قسد”، في حين تضاربت الأنباء حول العدد الدقيق للأسرى الذين أطلقت الحكومة سراحهم بالمقابل.

وكان من المقرر أن تطلق “قسد” سراح نحو 250 أسيرًا من عناصر فصائل “الجيش الوطني السوري”، فيما تطلق الحكومة السورية سراح ثمانية من أسرى “وحدات حماية المرأة” (YPJ) و170 عنصرًا من “قسد” كانوا محتجزين لدى الحكومة السورية.

لا قوائم رسمية

قبل بدء عملية التبادل بساعات، التقت عنب بلدي عددًا من ذوي الأسرى المحتجزين لدى “قسد”، والذين تجمعوا قرب معبر “الجزيرة” الذي تمّت فيه عملية التبادل، بانتظار أي خبر عن مصير أبنائهم، وسط حالة من الغموض وغياب القوائم الرسمية بالأسماء.

طه إبراهيم الحسين قال لعنب بلدي إن ابنه عمر اعتقل على طريق الكاستيلو، في 8 من كانون الثاني الماضي، ولم يحصل حتى الآن على أي تأكيد حول إدراج اسمه ضمن صفقة التبادل.

وأضاف، “نحن نعلم فقط أن هناك عملية تبادل اليوم، لكن لم نتسلم أي قائمة بالأسماء، لا من جانب (قسد) ولا حتى من الأمن العام، كل شيء مجهول”.

بينما ذكرت شقيقة الأسير محسن عبد الرحمن هلال، أن شقيقها أوقف قبل عيد الفطر الماضي بيوم (نهاية آذار الماضي)، بعد أن أخطأ الطريق بين منطقتي الباب ودير حافر في الريف الشرقي، وهو عنصر في أحد التشكيلات العسكرية.

وتابعت أنه مضى على اعتقاله شهران و10 أيام، آملة أن يكون من بين من سيفرج عنهم اليوم.

من جهته، تحدّث مخزيم فهد الموسى عن وجود خمسة من أقاربه بين المحتجزين، بينهم اثنان من أبنائه، اعتقلوا منذ قرابة أربعة أشهر بعد أن ضلّوا طريقهم قرب حي الشيخ مقصود، معتقدين أنهم اقتربوا من حاجز تابع للحكومة الجديدة.

 وأوضح أن ثلاثة من أبنائه وأبناء إخوته خرجوا في عملية التبادل السابقة التي جرت مطلع نيسان، وكان من المفترض أن يُفرج عن الباقين بعدها بيومين، إلا أن المفاوضات تعثّرت.

وأضاف أنه لا يعلم إن كان سيُطلق سراحهم اليوم، إذ لم يصله أي خبر عنه، إن كانوا أحياء أم أموات، مشيرًا إلى أن إخوتهم الذين خرجوا أخبروهم أنهم ما زالوا محتجزين في “ظروف سيئة”، فالأكل سيئ والمكان غير نظيف داخل السجن.

“كأنه صيدنايا” 

والتقت عنب بلدي عددًا من المفرج عنهم، الذين وصفوا ظروف احتجازهم بـ”القاسية”، مشيرين إلى ما تعرضوا له من سوء معاملة في الأيام الأخيرة التي سبقت الإفراج عنهم.

محمد عبوس، أحد المفرج عنهم، قال لعنب بلدي إن معاملة عناصر “قسد” في الأيام الخمسة الأخيرة كانت “قاسية”، مضيفًا: أنهم تعرّضوا للضرب قبل إطلاق سراحهم.

وذكر يحيى إسماعيل يحيى، أنه أمضى قرابة ستة أشهر في أحد مراكز الاحتجاز التابعة لـ”قسد”، واصفًا ظروف الاعتقال بأنها “قاسية وغير إنسانية”، داعيًا الجهات المعنية إلى الإسراع في إطلاق سراح من تبقى في سجون مدينة الحسكة، “نظرًا لما يعانونه من أوضاع سيئة”.

بدوره، قال أحمد عريان إن اعتقاله جرى بعد أربعة أيام من سيطرة الحكومة الجديدة على مناطق في شمالي سوريا، مشيرًا إلى أنه أمضى فترة احتجازه في “ظروف صعبة”، دون معرفة واضحة بمكان اعتقاله.

محمد قدور، وهو أحد الذين أُفرج عنهم في العملية، اختصر وصفه لتجربته بالقول: “وكأنها صيدنايا”، في إشارة إلى ما رافق فترة احتجازه من قسوة وسوء معاملة مشابهة للسجن سيئ الصيت.

 وقال إنه اعتُقل خلال أيام عيد الفطر الماضي، دون أن يعرف اسم السجن أو موقعه طوال فترة احتجازه.

بينهم مصابون

وعن الظروف الصحية للأسرى المفرج عنهم قال إبراهيم كنعان، منسق العمليات المدنية التابعة للهلال الأحمر السوري، إن عددًا من الأسرى الذين أُفرج عنهم يعانون من إصابات جسدية متوسطة، بينها كسور في الأضلاع ورضوض متفاوتة، مشيرًا إلى أن التقييم الطبي لا يزال جاريًا نظرًا لاستمرار توافد المحررين إلى نقاط الاستقبال.

وأوضح كنعان، لـعنب بلدي، أن أحد كبار السن المفرج عنهم، والمصاب بمرض السكري، انقطع عن تناول أدويته لفترة خلال فترة احتجازه، كما تم رصد حالات إصابة بمرض السل بين بعض المفرج عنهم.

وأضاف أن فرق الهلال الأحمر عملت أيضًا على تأمين الاتصال بين الأسرى وذويهم، لاسيما في ظل انقطاع شبكة الإنترنت في مدينة حلب خلال ساعات تنفيذ الاتفاق، مما صعّب من عملية التواصل بين المحتجزين وأسرهم.

وبحسب مراسل عنب بلدي، نقل جهاز الأمن العام، التابع لوزارة الداخلية السورية، الأسرى المفرج عنهم من “قسد” إلى ملعب الرعاية والشباب، لتلقي الإسعافات الأولية، تمهيدًا لتسليمهم لذويهم.

الدفعة الثانية

وتعد هذه العملية الثانية من نوعها، إذ سبقتها عملية تبادل مماثلة جرت مطلع نيسان الماضي، إلا أن تنفيذ العملية الحالية تأخر مرارًا بسبب خلافات على التفاصيل اللوجستية والأمنية، ما أدى إلى تأجيلها عدة مرات خلال الأسابيع الماضية، دفعت ذوو بعض المحتجزين إلى تنظيم احتجاجات للمطالبة بالإسراع في تنفيذ التبادل.

وفي بداية نيسان الماضي عقدت الحكومة اتفاقية مع “قسد” تضمنت 14 بندًا، أبرزها خروج القوات العسكرية التابعة للأخيرة، مع بقاء “قوى الأمن الداخلي” (أسايش)، وتبادل الأسرى بين الجانبين، وصولًا إلى تبييض السجون.

الاتفاق هو امتداد للاتفاق الذي تم توقيعه في 10 آذار الماضي بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد “قسد”، مظلوم عبدي، والذي نص على دمج الهياكل المدنية والعسكرية التابعة لـ”قسد” مع مؤسسات الدولة.

وبدأ تنفيذ الاتفاق بحلب بعد يومين من التوقيع، بتبادل نحو 250 موقوفًا من الجانبين، وكان الهدف الوصول إلى أكثر من 600 موقوف، إلا أن العملية توقفت مؤقتًا بسبب تبادل الاتهامات بين الطرفين حول عرقلة التنفيذ.

مصادر مطلعة أشارت إلى أن التأجيلات كانت نتيجة خلافات حول قوائم المعتقلين، حيث لم يتم تسليم قوائم واضحة بالأسماء، مما أثار احتجاجات من ذوي الأسرى، كما أن الإجراءات الأمنية المشددة ساهمت في تأخير تنفيذ الاتفاق.

وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي، رفضت “قسد” إخراج نحو 70 معتقلًا من “الجيش الوطني”، وطالبت بإخراج معتقلين موجودين في سجن “حوار كلس” شمالي حلب، والذي تديره تركيا.

ورغم هذه التحديات، فإن الأطراف المعنية تواصل العمل على حل الخلافات، مع التأكيد على أهمية تنفيذ الاتفاقات المبرمة لضمان الاستقرار في المنطقة.

مفاوضات دمشق- “قسد” تصطدم بعقبة المعتقلين في حلب



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة