البطاقات الملونة لاعب أساسي في كرة القدم.. والكرت الأخضر ينتظر تبنّي “فيفا”

tag icon ع ع ع

ماذا لو كانت كرة القدم من دون بطاقات ملونة، صفراء أو حمراء، تعاقب اللاعبين على قدر أخطائهم، وتتدرج بين الإنذار والطرد، لتصل إلى الحرمان من اللعب.

لا شك أنها ستبدو أكثر فوضى، وستكون في المباريات المثيرة والمهمة أقرب ما تكون إلى مصارعة حرة، تعتمد قوانينها على إثخان الخصم ضربًا قدر الإمكان حتى يصبح غير قادر على المقاومة، ومن ثم الفوز بنقاط المباراة.

هذا ليس خيالًا رياضيًا ولكنه حقيقة، إذ لم تخلق البطاقات الملونة مع كرة القدم، ولكنها كانت دخيلة على قوانينها، دعت إليها الحاجة الماسة لضبط إيقاع اللعبة، والتقليل من العنف في اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

كرة القدم قبل الكروت الملونة

في مونديال 1962 قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم توكيل الحكم الإنكليزي كين أستون بمهمة تحكيم مباراة تشيلي وإيطاليا، نظرًا لقدرته على ضبط اللاعبين وقيادة المباراة إلى بر الأمان، فقد كانت الأجواء قبل اللقاء تنذر بمباراة نارية، بسبب هجوم الصحافة على نساء تشيلي ووصفهم بغير الجميلات، وتحولت المباراة إلى شرف وطني بالنسبة للاعبي المنتخب التشيلي، وأطلق على المباراة حينها لقب “معركة سانتياغو”.

وبالطبع شهدت المباراة الكثير من مواقف العنف والشجار بين اللاعبين، حيث اضطرت شرطة مكافحة الشغب للتدخل ثلاث مرات لمساعدة الحكم في ضبط اللعب، وإثر اللقاء الذي انتهى بفوز التشيليين بهدفين دون مقابل، قال الحكم أستون إنه لم يكن حكم مباراة كرة قدم، بل كان يتصرف خلال اللعبة كمسؤول عن مناورات عسكرية. وكان الحكام يستخدمون الإشارات والإنذارات الشفوية للاعبين، ويصعب عليهم إقناعهم بالقرارات التي يتخذونها كما يصعب على الجماهير معرفة قرار الحكم خلال المباراة.

إقرار قانون البطاقات الصفراء والحمراء

تجربة الحكم أستون المأساوية في تحكيم المباريات دون بطاقات تنتهي بطرد اللاعب خارج الملعب، دعته للتفكير بقانون من شأنه أن يحد من شراسة مواجهات الكرة.

عام 1966 كان المدرّس الإنكليزي الذي دخل التحكيم في 1960 عضو لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وقد اضطر في عدة مواقف للتدخل إلى جانب حكام المباريات في كأس العالم، لمساعدتهم في تهدئة اللاعبين، وقد تبادرت إليه فكرة الكروت الملونة خلال قيادته السيارة، من خلال مراقبته للإشارة الضوئية، حيث يكون الضوء الأصفر للتنبيه والأحمر للوقوف، وهذه الألوان لا تحتاج إلى لغة يستخدمها الحكم بل سيفهمها الجميع.

وقرر أستون عرض الأمر على “فيفا” ليتقرر اعتماد البطاقتين رسميًا في مونديال 1970 في المكسيك، وتتطور بعدها بمرور الزمن وتراكم التجربة التحكيمية في كرة القدم، لغة متكاملة لتوضيح قرارات الحكام للاعبين دون اللجوء لاستعمال الكلمات.

البطاقة الخضراء

إن كانت البطاقات الصفراء والحمراء للعقوبة على العنف وسوء الأخلاق في المباراة، فقد فكر عدد من الحكام الطليان في ابتكار شيء مشابه للمكافأة، لتعزيز الأخلاق الحميدة وتشجيع اللاعبين على المبادرة والاعتراف بالخطأ.

قبل عام تقريبًا ظهرت فكرة البطاقات الخضراء للمرة الأولى من قبل الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، وكانت المراهنات كبيرة على إمكانية إدخال بطاقة ملونة جديدة على قوانين كرة القدم، حيث اعتقد بعض المحللين الرياضيين أنها ستزيد من تعقيدها.

البطاقة الخضراء هي بطاقة مكافأة، تمنح للاعب الذي يقوم بتصرف فيه شيء من الروح الرياضية، كأن يعترف بعدم شرعية الهدف الذي أحرزه، أو مساعدة لاعب الخصم في حال تعرضه للإصابة أو ما شابه، والكثير من الحالات الإيجابية الأخرى.

وقد أشهرت البطاقة لأول مرة، الأسبوع الماضي، في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، في المباراة التي جمعت بين فريقي فيتشينزا وإينتلا، وحصل عليها اللاعب كريستيانو جالانو بسبب إخباره الحكم بأن الركلة الركنية التي احتسبها لمصلحته ليست صحيحة.

صرح أندريا أبودي رئيس رابطة “السيري بي” (دوري الدرجة الثانية الإيطالي)، معلقًا على هذه التجربة، أن هناك من أساء فهم البطاقة الخضراء، فهي تحمل قيمة رمزية فقط، دون أن يترتب عليها أي قوانين أخرى، وإلا سيضطر الاتحاد الدولي لتغيير قواعد اللعبة، وأوضح أن الفكرة ناتجة عن لجنة القيم والأخلاق.

وتكمن أهمية البطاقة الخضراء في التركيز على زيادة السلوك الإيجابي بدلًا من التركيز فقط على التقليل من السلوك السلبي، ما يساهم في تنمية الروح الرياضية لدى اللاعبين وتحفيزهم على الظهور بأفضل صورة ممكنة للحصول عليها.

وعن إقرارها كقانون ثابت في الكرة فلا يوجد أي شيء يوحي بذلك إلى الآن، إذ لم يؤكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه يدرس فكرة البطاقة الخضراء، لكن بما أن الفكرة طبقت فمن المؤكد أن هناك من يراقب نتائجها في الاتحاد الدولي، ومن الممكن أن ترفع البطاقة الخضراء في حال أقرها “فيفا” من قيمة مسيرة اللاعب الاحترافية، مثلما تقلل البطاقات الحمراء والصفراء من قيمة مسيرة بعض اللاعبين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة