تركت وظيفتها قبل التقاعد بأشهر خوفًا من الاعتقال

موظفو تربية إدلب مطلوبون لأفرع النظام السوري

camera iconمعلمة تدرس الإنكليزية في مدينة معرة النعمان بريف إدلب (إنترنت)

tag icon ع ع ع

عفاف جقمورإدلب

راودت سعاد الحيرة بين أن تسلّم نفسها لاحتمال الاعتقال، أو أن تدع وظيفتها وقد أوشكت على التقاعد، لكن خوفها على نفسها كان أكبر منه على وظيفتها.

سعاد معلّمة ابتدائية (56 عامًا) في إدلب، كانت ضمن قائمة المطلوبين لأفرع أمنية لأسباب تجهلها بعد خدمة 30 عامًا في وظيفتها.

قوائم الأسماء رفعتها مديرية تربية إدلب الموجودة في حماة، وتضمنت ما يقارب 300 اسم لموظفيها الموجودين ضمن إدلب لمراجعة أفرع أمنية مختلفة، الكثير منهم خشي الاعتقال وترك وظيفته، آخرون خاطروا بحياتهم وراجعوا الأفرع ما جعل بعضهم يعاني الاعتقال فترة، بينما قام آخرون بـ “تسوية وضعهم” والبقاء في وظائفهم بشكل طبيعي.

كانت سعاد تخطط لإكمال معاملة استقالتها وتقاعدها بعد خدمتها الطويلة، استشارت أصدقاءها وعزمت أمرها على التقاعد لتفاجأ باسمها ضمن قائمة المطلوبين، عادت لتستشير وتستخير من جديد.

“التقاعد” يحظى به الموظفون بعد اجتياز الـ 60 من العمر، أو حين تتجاوز خدماتهم 30 عامًا، ليستمر بعدها سريان الراتب مقطوعًا منه 30%، ومع ذلك غدا اليوم الوسيلة الأكثر تداولًا وراحة وطلبًا تكفي الموظفين عناء دوامهم في الخطر في ظل القصف، وتكفي البعض الآخر عناء السفر إذ يمكنهم الحصول على بطاقة صراف آلي تمكّنهم من قبض رواتبهم دون الحضور شخصيًا.

عملية التقاعد تلك موسومة بالهروب من أعباء الوظيفة بشكل قانوني، لتظهر قوائم أسماء تنشر على جدران مديرية التربية كل شهرين أو ثلاثة من المقدمين عليها، وكانت الدفعة الأخيرة قد احتوت 265 اسمًا.

وتبلغ كلفة معاملة التقاعد ما يقارب 70 ألف ليرة، دون أن يتلقى المتقدم أي تعويضات كما كان سابقًا، بينما تبلغ معاملة التقديم لبطاقة الصراف الآلي مئات الآلاف من الليرات، وتوقف المديرية رواتب المتقدمين لها لستة أشهر حتى يعاودوا قبض رواتبهم من جديد.

قبل موعد السفر إلى حماة، اتصلت زميلات سعاد يخبرنها عمّا جرى معهن في أفرع الأمن التي كانت طلبت منهن الحضور في ذات القائمة، ساعتان من الأسئلة والأجوبة ثم أطلق سراحهنّ، كانت سعاد مطلوبة لدى فرع أمن آخر في “جورين” قرب اللاذقية، لكنها كانت تعرف توجه زميلتيها المواليتين، وتوقعت أنهما كانتا تعطيان أخبارًا لفرع الأمن، ومع ذلك قررت السفر.

السفر إلى حماة أحد أهمّ الصعوبات التي تواجه موظفيّ إدلب، إذ يتمّ صرف رواتبهم كل شهرين على الأقل، الطريق الذي يستغرق ست ساعات على الأقل، يقطعون خلاله أكثر من 40 حاجزًا عسكريًا، قد يطلب بعضهم من المسافرين والموظفين على وجه الخصوص جزءًا من راتبهم.

لا يتجاوز الراتب 35 ألفًا في أحسن حالاته يقتطع منه 13 ألفًا أجور الطرقات ذهابًا وإيابًا، ما جعل العائد المادي من تلك الوظائف محدودًا جدًا مع ارتفاع مستوى المعيشة، المئات ممن طُلبوا لأفرع أمنية تركوا وظيفتهم وتم فصلهم منها اختيارًا.

بعد قرار سعاد بالسفر أتاها هاتف من أحد أقرباء صديقاتها يطمئن عليها دون علمه بقرار سفرها، تحدث لها عن اعتقال زوجته لعشرين يومًا وما واجهته هناك بذات الطريقة، أحجمت سعاد عن قرارها ذاك مفضّلة ترك الوظيفة على وقوعها تحت احتمال الأسر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة