الصنمين تحت الحصار الغذائي.. هل بدأ الأسد حرب الجوع أو الخضوع؟

بدء نفاد المواد الغذائية بأسواق مدينة الصنمين في درعا (إنترنت)

camera iconبدء نفاد المواد الغذائية بأسواق مدينة الصنمين في درعا (إنترنت)

tag icon ع ع ع

محمد قطيفان – درعا

تخضع مدينة الصنمين، منذ 12 تشرين الثاني الجاري، إلى حصار جزئي من قبل قوات الأسد، شمل المنع الكامل لدخول المواد الغذائية والمحروقات، بالإضافة للأدوية وعدد من المواد الأساسية، مع السماح، حتى الآن، بحركة عبور الأهالي إلى داخل وخارج المدينة.

ومع الحالة التي تعيشها العديد من المناطق في سوريا، بداية من حصار مدينة حلب، وحي الوعر في حمص، وصولًا إلى المعارك المشتعلة في الغوطة الغربية، يخشى أهالي الصنمين اليوم أن يكون هذا الحصار تمهيدًا من قوات الأسد، لبدء معركة إخضاع المدينة بالجوع.

الملامح الأولى لهذا الحصار، بدأت بالظهور في أسواق المدينة، مع تراجع ملحوظ في كمية المواد الغذائية المتوفرة في الأسواق، بالتزامن مع ارتفاع طفيف في الأسعار.

تعتبر مدينة الصنمين، أكبر مدن ريف درعا الشمالي، ويقدّر عدد سكانها اليوم بأكثر من 100 ألف نسمة من سكانها الأصليين ومن النازحين إليها.تخضع أجزاء من المدينة لسيطرة فصائل المعارضة، ويخضع الجزء الأهم منها ومن محيطها لسيطرة قوات الأسد، حيث تتمركز في الفرقة التاسعة، التي تضم مجموعة من الكتائب العسكرية التي تحيط بالمدينة وتعتبر أكبر وأقوى القطع العسكرية في الجنوب السوري.

دفع ذلك فصائل المعارضة في المدينة، للاتفاق مع الفعاليات الأهلية، وإنشاء لجنة مصالحة مشتركة مع قوات النظام، استطاعت خلال السنوات الماضية، تحييد المدينة عن الأعمال العسكرية، والحفاظ على نسق الحياة المدنية فيها.

عنب بلدي سألت أبو محمد اللباد، أحد أهالي مدينة الصنمين، عن الحالة التي يعيشها الأهالي مع بدء هذا الحصار، واعتبر أن “المدينة لم تدخل حتى الآن بمرحلة الأزمة، أو الجوع، ولكننا نسير بهذا الاتجاه إن استمر الوضع على ما هو عليه”. وأضاف أن الأهالي بدأوا التقنين في استخدام المواد الغذائية، مع فقدان العديد منها من أسواق المدينة، مؤكدًا “معظم أنواع الخضراوات أصبحت مفقودة، وأسعار المعلبات بدأت بالارتفاع بشكل ملحوظ”.

وتسود حالة من القلق أوساط الأهالي في المدينة، بحسب ما نقل أبو محمد، الذي أضاف أن الأهالي يجهلون حتى الآن ما يريده النظام من هذا الحصار، أو ما هي الحلول المطروحة، “نخشى أن يطول هذا الحصار، فالمدينة يقطنها عشرات آلاف المدنيين، وسنكون أمام مأساة حقيقية بعد أسابيع قليلة”، لذلك يطالب الأهالي، باستعجال المعنيين ولجنة المصالحة في المدينة، لإيجاد الحل وإعادة فتح الطرقات من جديد.

سرقة سيارات قبل الحصار

بدوره قال مصدر إعلامي في المدينة، طلب عدم كشف اسمه، في حديث إلى عنب بلدي، أن مجموعة مسلحة داخل المدينة، وصفها بـ “الزعران” أقدمت على سرقة مجموعة من السيارات من إحدى المكاتب في المدينة، مضيفًا “كان من بين السيارات، اثنتان تتبعان لأشخاص في الأمن العسكري في المدينة، وهو ما دفع قوات الأسد للرد وفرض حصار كامل على المدينة”.

المصدر أضاف أن فعاليات أهلية عملت على إعادة السيارات وحل المشكلة، “لكن قوات الأسد رفعت الحصار بشكل جزئي، حيث سمحت بحركة مرور الأهالي، ومنعت مرور المواد الغذائية والمحروقات وبقية المواد الأساسية”.

لجنة المصالحة في المدينة تعمل خلال الفترة الماضية على التواصل الدائم مع ممثلي النظام في المدينة، والبحث عن حلول لفك هذا الحصار، بحسب المصدر، الذي استدرك بالقول “لكن النظام حتى الآن، لم يوضح طلباته، لفك الحصار، ومازالت اللجنة تسعى لمعرفة شروطه خلال هذه المرحلة”.

الفصائل تهدّد

بدورها أصدرت فصائل عسكرية تعمل في المدينة، بيانًا موحدًا، هددت من خلاله القطع العسكرية التابعة لقوات الأسد في المدينة، وطالبت بفك الحصار، والسماح بمرور المواد الغذائية، وإلا فإنها ستقوم بقصف القطع العسكرية.

وأوضح المصدر أن قوات الأسد ردت على هذا البيان، بإبلاغ المعنيين في المدينة، أنها سترد على القصف بقصف، مشيرًا إلى أن “المدينة تعيش في حالة ترقب، واستبعد أن تتوجه في هذا الوقت نحو التصعيد العسكري”.

وحول السيناريوهات المطروحة أمام المدينة في المستقبل، لم يستبعد المصدر أي سيناريو، سواء تكرار ما حصل في معضمية الشام، من إخلاء للمقاتلين، والإبقاء على المدنيين، أو أي سيناريوهات أخرى، لكنه أضاف “في الوقت الراهن، لا يوجد أي ترجيح لأي سيناريو، ولا نستبعد أن تقوم قوات الأسد، بطرح مثل هذه الخيارات، لكنها حتى الآن، لم تفعل”.

الترقب والانتظار هو ما يسود الصنمين في الوقت الراهن، في الوقت الذي تسير فيه عجلة “قتل” الثورة في المناطق المحاصرة بشكل متسارع، حيث بدأتها قوات الأسد في داريا، وسارت خلفها مناطق واسعة في ريف دمشق، ويبدو أن هذه العجلة، حطت رحالها اليوم في درعا، فهل ستكون الصنمين الخطوة الأولى، وهل ستكون مناطق أخرى محطة هذا التصعيد، في مرحلة ما بعد الصنمين، حيث تماثلها في الظروف بلدتا غباغب ومحجة، أم أن درعا تختلف عن حمص وريف دمشق؟ الإجابة بيد فصائل المعارضة في درعا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة