استراتيجية الاعتماد على الذات

مظاهرات لسوريين في غازي عنتاب التركية نصرة لحلب 17 كانون الأول 2016 (عنب بلدي)

camera iconمظاهرات لسوريين في غازي عنتاب التركية نصرة لحلب 17 كانون الأول 2016 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

نور الدين الرفاعي

“بلشنا بالبمبكشن طلقة تطلع وطلقة ما تطلع، ومنرجع لهداك الوقت وما منخلي حدا من كل دول العالم يفرض علينا شي”.

كلمات قالها الراحل عبد القادر الصالح قبل عدة سنوات، منتقدًا فيها محاولات “الداعمين” للتحكم في مسار الثورة السورية، واختصر بذلك أحد العوامل التي أدت في نهاية المطاف لتعثر الثورة السورية، وسقوط حلب الشرقية بيد النظام وحلفائه من جديد، بعد أن كان حجي مارع قد حررها من قبضة النظام قبل أربع سنوات ونيف.

لا نبالغ إن قلنا أن من أسباب هذا المصير، هو عبث “الداعمين” بمسار الثورة السورية، وافتقار معظم قوى المعارضة السورية سياسيةً كانت أم عسكرية لاستقلالية القرار، ما أفقدها جزءًا كبيرًا من مصداقيتها وأعاق توحيد جهودها على مختلف الصُعُد، ولو طبقت فصائل المعارضة مضمون هذه الكلمات فعلًا وحولتها إلى سياسة واقعية، فحافظت على استقلالية قرارها دون ارتهانه لصالح الدول “الداعمة”، لما وصلت إلى حالة التشرذم والضعف وانحسار الدعم الشعبي الذي تعاني منه اليوم، ناهيك عن تجميد جبهات بأكملها كالجبهة الجنوبية، التي تم تدجين معظم فصائلها عن طريق غرف “الدعم” العسكري.

يجادل البعض بأن الخيارات محدودة، وأن معظم الثورات الناجحة في التاريخ تلقت دعمًا خارجيًا، وبعضهم يضرب المثل بالثورة الفيتنامية التي تلقت دعمًا سخيًا من الاتحاد السوفياتي، لكن يغفل هؤلاء أن الفيتناميين حافظوا على استقلالية قرارهم السياسي والعسكري، ولم يرتهنوه للاتحاد السوفياتي الذي لم يكن أمامه من خيار سوى تقديمه لدعمٍ غير مشروط إلى حليفٍ بالضرورة في مواجهة عدو مشترك.

كان على فصائل المعارضة أن تدرك أنه إذا كان ثمن “الدعم” الخارجي، ارتهان قرارها السياسي والعسكري للجهة “الداعمة”، فإن ذلك الثمن سيكون باهظًا وستكون الصفقة خاسرة، لأن ذلك الارتهان سيقودها عاجلًا أم آجلًا للدخول في معارك “دونكشوتية” عبثية، تخدم مصالح الأطراف الداعمة ولا تخدم مصالح المعارضة والثورة بالضرورة.

وكان على قوى المعارضة أن تدرك أن استراتيجية “الاعتماد على الذات” هي من أقوى مقومات نجاح الثورة على المدى البعيد، وهي الضامن لحفاظ الثورة على مشروعها الوطني، ولقدرتها على الاستمرار ومراكمة الزخم والقوة مع توسعة القاعدة الشعبية، التي تعتبر الداعم الأهم والأقوى للثورة، بما يغنيها عن أي داعمين خارجيين.

ولربما قاد اتباع المعارضة لهذه الاستراتيجية لأن تقوم دول عدة في نهاية المطاف بتقديم دعمٍ غير مشروط، لما ستراه حليفًا قويًا يمتلك مقومات النجاح الذاتي متمثلًا في الثورة السورية الصاعدة.

بقي أن نقول: الله يرحمك يا حجي مارع، ونسأل الله أن لا تضيع تضحياتك.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة