مزارعو القصير يحاولون العودة: “حزب الله” في دارنا

شاب على دراجة في مدينة القصيركانون الثاني 2013(AFP)

camera iconشاب على دراجة في مدينة القصيركانون الثاني 2013(AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ضياء عودة

بعد سيطرة النظام السوري وحزب الله اللبنانيعلى مدينة القصير والأراضي المحيطة بها في أيار 2013، هُجّر المزارعون من أراضيهم، فمنهم من أجبر على ذلك خوفًا من قوات الأسد، وآخرون طردوا من قبل عناصر الحزب، التي اتبعت فور دخولها المنطقة سياسة الفرز الطائفي.

وعُرفت أراضي منطقة القصير وما حولها بوفرة مياهها ومساحتها الزراعية الواسعة، التي استقطبت فلاحين من المناطق والقرى في مدينة حمص في السنوات السابقة، إذ اتجه البعض منهم إلى استئجار الأراضي أو شراء بضع الدونمات، نظرًا لكمية المياه الجوفية التي تساعدهم في زراعة المحاصيل.

العودة لكن بشروط

وبعد حوالي ثلاث سنوات من المغادرة،  عاد بعض المالكين إلى أراضي المدينة، لكن قبل العودة إليها تواصلوا مع عدد من الضباط ومسؤولي الحواجز العسكرية في المنطقة، إذ فرضت عليهم شروط في حال الرغبة بالعودة.

الشروط بدأت من الأتاوات المالية التي يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين، وصولًا للمشاركة على الإنتاج  في الأرض نفسها.

وفي حال رغبة الشخص الرجوع إلى الأراضي التي كان قد استأجرها في وقت سابق، يدفع مبلغًا ماليًا على مساحة الأرض، إضافةً لكمية المزروعات التي ينتجها محصوله.

عنب بلدي تحدثت مع أحد المزارعين العائدين إلى الأراضي في محيط القصير، والذين انحصروا بعدد محدود من الناس.

يقول عوض، وهو واحد من أهالي الريف الشرقي لمدينة حمص، وسبق أن استأجر أرضًا بالقرب من مطار الضبعة قبيل الثورة السورية، “عدد كبير من أبناء الريف الشرقي والشمالي كانوا قد اتجهوا إلى استئجار الأراضي في المنطقة الغربية لحمص، نظرًا للمحاصيل الكبيرة التي تنتجها الأراضي هناك، إذ تركزت الزراعة فيها على محاصيل السقاية، عدا عن امتداد الأراضي الزراعية على مساحات واسعة، إذ وجدت مساحات واسعة غير مستثمرة جيدًا”.

خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، تواصل المزارع، مع أحد الضباط في “الفرقة 18”  المتمركزة في مدينة حمص (لم يذكر اسمه)، للعودة إلى الأرض، فكانت الشروط الأولى مبلغًا ماليًا يدفعه عن كل محصول ينتجه من الأرض، مقابل إعطائه الموافقة على إعادة استثمارها، مشيرًا إلى “صعوبة الحصول على الموافقات خاصة في هذه المناطق، فنفوذ قوات الأسد يكاد أن ينعدم بوجود عناصر الحزب”.

تركزت المزروعات التي بدأ بها المزراع، بعد عودته في آب من العام الماضي، على البطاطا، وشجر العنب (العريشة)، ونقل كافة المعدات الزراعية من مولدات، وموتورات لرفع المياه من الآبار.

“عملية نقل المعدات اللازمة لإعادة الاستثمار، تمت جميعها بمساعدة الضابط الذي تم الاتفاق معه، إذ كلف عسكريين من قطعته العسكرية، من أجل مرافقتي على الطريق الواصل إلى المنطقة، لتسهيل المرور على الحواجز المنتشرة”، بحسب عوض.

استيلاء في الطرف المقابل

الاتفاق الذي توصل إليه عوض، دفع أولاد عمومته للتفكير في العودة أيضًا، فالأراضي التي يملكونها في المنطق  تتجاوز مئات الدونمات المزروعة، إضافةً إلى الأبنية التي أنشؤوها في المنطقة.

اتجه عوض للضابط ذاته، للاتفاق على عودة أبناء عمومته إلى أراضيهم، إلا أن الأراضي التي يملكونها سيطرت عليها ميليشيات من القرى السورية الحدودية مع لبنان والتابعة لـ “حزب الله”.

يضيف عوض “رفض الضابط إعطاء أي تصريح للعودة إلى الأراضي التابعة لأولاد عمومتي، فهي تقع في منطقة دحيرج بريف مدينة القصير، وتحولت هذه المنطقة برمتها لأهالي المناطق الشيعية كبلدة زيتا، بالتشارك مع عناصر لبنانيين من حزب الله”.

ويضم التصريح بحسب المزارع، تسهيل الوصول إلى الأراضي المذكورة، وسهولة الدخول والخروج، وإدخال كافة المعدات بتزكية الضابط.

ويشير إلى أراض تم الاستيلاء عليها وتعود لضباط من المنطقة ذاتها، كضابط من آل خلوف، الذي غادر المنطقة في بداية “احتلال القصير”، وحاول عدة مرات أواخر العام الماضي الرجوع إلا أن عناصر من “حزب الله”، بمشاركة سكان زيتا منعوه من ذلك، بحجة أن “الأرض مزروعة منذ فترة طويلة ومن الصعب الخروج منها”.

حزب اللهيشتري

ترددت في الأشهر الماضية أنباء عن شراء عناصر من الحزب أراضي في المناطق المتركزة في ريف مدينة القصير، والمتصلة مع الأراضي اللبنانية، في محاولة منه رسم خريطة جديدة للمنطقة بعد أن استفرد في السيطرة عليها، ونشر أغلب قواته فيها.

عملية الشراء عزاها محللون إلى نية الحزب تحويل مدينة القصير كمقر أساسي له  غرب سوريا، يستطيع من خلالها إدارة عملياته في المدن السورية الأخرى، منفقًا على ذلك ملايين الدولارات.

يقول عوض “سكان المنطقة مضطرون لبيع جميع أملاكهم سواء الأراضي أو البيوت، لأن عملية الشراء تتم بالتهديد والوعيد، والتأكيد على أن المنطقة عسكرية ولا مكان لهم فيها بعد اليوم، فالقصير وأراضيها لم تعد كما كانت سابقًا… الحواجز العسكرية للحزب موجودة على كافة طرقات المنطقة”.

الشراء لم يكن مركزًا على عناصر لبنانيين فحسب، يتابع عوض، بل من قبل سكان سوريين من القرى الحدودية، إلا أنهم انتسبوا للحزب وأصبحوا من قواته الأساسيين.

أصبحت القصير خارج الخريطة السورية ديموغرافيًا، بعد خروج الأهالي منها واستيلاء الحزب عليها، وتحولت لأراض تقام عليها عروضه وقواته العسكرية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة