“الفيل” يحلّق في سماء درعا

أضرار مادية في حي طريق السد بمدينة درعا جراء القصف بصاروخ "فيل"- الخميس 9 شباط (نبأ)

camera iconأضرار مادية في حي طريق السد بمدينة درعا جراء القصف بصاروخ "فيل"- الخميس 9 شباط (نبأ)

tag icon ع ع ع

درعاعنب بلدي 

ليس “الفيل الطائر” عنوان لقصة خيالية للأطفال، وليست مشهدًا تصويريًا من أحد أفلام الكرتون، بل هي قصة حقيقية باتت تشهدها أحياء مدينة درعا بشكل شبه يومي، إنها أحدث الأسلحة التدميرية، التي باتت الأحياء السكنية ومنازل المدنيين حقلًا لتجاربها.

نئيم الفيل أم زئير الأسد؟

منذ أكثر من عام، باتت الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا، والمتمثلة بأحياء درعا البلد وحي طريق السد ومخيمات درعا، مسرحًا لتساقط عشرات الصواريخ الثقيلة محلية الصنع، والمعروفة محليًا باسم صواريخ “الفيل”، إشارة إلى الصوت الذي يرافق انطلاقه، والذي يشابه صوت نئيم الفيل، ويُعرف كذلك في صفوف قوات الأسد باسم “زئير الأسد”.

ويبلغ طول الصاروخ الواحد أربعة أمتار تقريبًا، ويتم إطلاقه من خلال سيارة متحركة تحتوي على منصة إطلاق، تتسع بين صاروخ واحد وأربعة صواريخ، ولا يتجاوز مدى الصاروخ 1.5 كيلومتر كحد أقصى، وهو ما يفسر كثافة استخدامه ضد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا، والتي لا تبعد عن الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات الأسد إلا أمتارًا قليلة، مقارنة ببقية المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة.

يمتاز صاروخ “الفيل” بقدرته التدميرية الكبيرة، التي تجاوزت القدرة التدميرية للبرميل المتفجر الملقى من الطائرات المروحية، كما تعتبر تكلفته أرخص ثمنًا من تكلفة تحليق الطائرات المروحية بهدف إلقاء البراميل المتفجرة، لتلجأ قوات الأسد له، كبديل عن البراميل، بهدف التخفيض من المصاريف.

عدّ الثواني

“العجز الكامل، وعدّ الثواني فقط”، بهذه الكلمات تحدث أبو محمد المسالمة، من أهالي درعا البلد، لعنب بلدي عن اللحظات الأولى بعد انطلاق صاروخ “الفيل”، باتجاه الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا.

وأوضح المسالمة “تهتز المنازل عند سماع صوت انطلاق الصاروخ، ولا يكون أمامك إلا 15 ثانية على أبعد تقدير للاختباء”.

الثواني القليلة بين لحظة الانطلاق ولحظة السقوط ليست كافية للأهالي للبحث عن ملاذ آمن، فيكتفي معظمهم بالانتظار فقط، يقول المسالمة “هذه الثواني القليلة تكاد لا توصف، تشعر أن جميع حواسك توقفت، إلا حاسة السمع، بانتظار سماع صوت الانفجار، الذي ربما يكون آخر ما تسمعه في هذه الدنيا”.

ورغم محاولات فصائل المعارضة تحذير الأهالي قبل عمليات القصف بتكثيف عمليات الرصد، إذ تحاول اكتشاف حركة السيارة المخصصة لإطلاق صواريخ الفيل، وإطلاق صفارة الإنذار عند رصدها لتحذير الأهالي، لكن حتى الآن مازالت قوات الأسد قادرة على إطلاقها فجأة، دون أن يتم اكتشاف التوقيت.

ويعتبر عنصر المفاجأة أحد عناصر القوة الإضافية لصواريخ “الفيل” مقارنة بالبراميل المتفجرة، فقد استطاعت فصائل المعارضة خلال السنوات الماضية رصد حركة الطيران الحربي والمروحي، وهو ما منحها الوقت الكافي لتحذير الأهالي لاتخاذ إجراءات السلامة من الغارات المحتملة.

الرحيل إلى السهول

إلى السهول المحيطة في مدينة درعا، توجه الآلاف من أهالي الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة، في محاولة للابتعاد عن المدى الذي قد تطالهم فيه صواريخ “الفيل”.

أحمد السويدان، من أهالي حي طريق السد في مدينة درعا، نزح برفقة عائلته إلى السهول المجاورة لمدينة درعا، بعد تعرض منزله للقصف بصاروخ “فيل” أدى إلى تدميره، ويقول “تحولت السهول المحيطة بدرعا إلى مجمعات سكنية كبيرة، يتجاوز عدد سكانها الآلاف، رغم أن القصف المدفعي قد يطالنا في هذه المناطق أيضًا، لكنه أهون من القصف المتواصل على أحياء المدينة”.

ويصف السويدان حال منزله بعد أن تعرض للاستهداف “كنا خارج المنزل عند القصف الذي أدى إلى تدميره بالكامل، ورغم أن الصاروخ لم يسقط عليه بشكل مباشر، بل على مسافة قريبة منه، إلا أن جميع جدران المنزل سقطت، ولم يبق أي شيء من محتوياته”.

تنخفض وتيرة قصف الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا بصواريخ “الفيل” وترتفع، وفقًا للتصعيد العسكري الذي تعيشه هذه الأحياء.

ووثق ناشطون محليّون، استهداف أحياء درعا البلد وحي طريق السد ومخيمات درعا، بأكثر من 50 صاروخًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، بينما انخفضت الوتيرة بعد إعلان نظام التهدئة بين قوات الأسد والمعارضة بداية العام الجاري.

لكن سرعان ما عادت الوتيرة للارتفاع من جديد مع انتشار إشاعة عن معركة مرتقبة في مدينة درعا، لتستهدف قوات النظام خلال الأيام الأولى من شهر شباط 2016، أحياء مدينة درعا بأكثر من خمسة صواريخ “فيل”.

وماتزال الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة درعا، تدور في حلقة مفرغة من القصف بمختلف أنواع الأسلحة، فتكاد هذه المنطقة من محافظة درعا، تكون الوحيدة التي جربت، ومازالت، مختلف أنواع القصف وبشكل شبه يومي، فلم تنجح الهدن على كثرتها من إيقاف هذا القصف إلا لأيام معدودة، سرعان ما يعود بعدها من جديد، من قذائف الهاون الصغيرة، وقذائف الدبابات، وصولًا إلى صواريخ “الفيل”، ليبقى السؤال الذي يطرحه الأهالي في مدينة درعا اليوم، إلى متى؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة