"الموت ولا المذلة" تغيير قواعد اللعبة جنوب سوريا

خسائر كبيرة للأسد وعين الفصائل على درعا البلد بالكامل

دبابة لفصائل المعارضة في مدينة درعاكانون الثاني 2017(AFP)
tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – خاص

عملية عسكرية كبيرة بدأتها فصائل درعا البلد، المتمثلة بغرفة عمليات البنيان المرصوص، بعد توقف شبه كلي للعملياتالنوعيةضد قوات الأسد والميليشيات المساندة له في المنطقة، في خطوة جاءت كعملية لتغيير مسار اللعبة جنوب سوريا، والتي حاولت القوى الدولية رسمها على مدار سنوات الثورة الماضية.

تستمر معركة “الموت ولا المذلة”، التي انطلقت في 12 شباط الجاري، بهدف السيطرة على حي المنشية في درعا بالكامل.

في أقل من عشرة أيام حققت الفصائل المقاتلة تقدمًا كبيرًا وسريعًا على حساب قوات الأسد والميليشيات المساندة له، سيطرت فيه على ثلاثة قطاعات رئيسية في أطراف المنشية، بعد معارك نوعية في اليوم الأول والثاني، وهي حواجز “أبو نجيب، الدادا، الهنداوي”، إذ تعد الخطوط الدفاعية الأولى لحي المنشية في المدينة.

الجيش الحرو تحرير الشامأساس العمليات

في سياق البيانات المتتالية المرافقة للأحداث الميدانية، وخريطة السيطرة في المدينة، وبعد تكرار الحديث عن الدور الواسع لـ “هيئة تحرير الشام” في المعركة، ورفض غرفة “تنسيق الدعم العسكري” (موك) استمرارها، وانتقاد تعاون “الجيش الحر” مع “جبهة فتح الشام” المنضوية في “تحرير الشام”، كشفت غرفة عمليات “البنيان المرصوص” العاملة في مدينة درعا، عن الفصائل المشاركة في معركة “الموت ولا المذلة”، وتركزت على 35 فصيلًا عسكريًا داخل المدينة.

وبينت “البنيان المرصوص” في اليوم الأول للمعركة المعلنة أن السيطرة على القطاعات جاءت عقب عمليتين تفجيريتين لمقاتلين من “هيئة تحرير الشام”، استهدفتا نفقًا لقوات الأسد استخدمته لأغراضها العسكرية داخل المدينة.

وبحسب البيان المعلن، فإن الفصائل المشاركة هي كل من “جيش اليرموك”، و”فرقة 18 آذار”، و”لواء فجر سوريا”، و”قوات شباب السنة”، و”فرقة صلاح الدين”، وفصائل أخرى.

كذلك تشارك فصائل ذات صبغة إسلامية في المعركة، أبرزها “جيش الإسلام”، وحركة أحرار الشام الإسلامية”، و”هيئة تحرير الشام”، و”جماعة بيت المقدس”، و”جند الملاحم”.

المعارضة ترفض أوامر الموكوالأردن تضغط

في اليوم الرابع من بدء العملية العسكرية الهادفة لـ”تحرير” درعا البلد بالكامل، ذكر مصدر عسكري في المدينة لعنب بلدي، أن مركز “تنسيق الدعم العسكري”، المعروف اختصارًا “موك”، أرسل أوامر لقياديي فصائل درعا بضرورة إيقاف معركة الموت ولا المذلة، إلا أن ذلك جوبه بالرفض.

وأوضح المصدر (طلب عدم ذكر اسمه) أن الـ “موك” ومقره العاصمة الأردنية عمّان، أرسل الأوامر مع قياديي فصائل في درعا إلى غرفة عمليات “البنيان المرصوص” في 14 شباط الجاري، الأمر الذي رفضته الغرفة وأكدت على استمرار المعركة.

ويعتبر مركز “موك” المنبثق عن مجموعة “دول أصدقاء سوريا” المسؤول عن تسليح فصائل “الجبهة الجنوبية” التابعة لـ “الجيش الحر”، وتشرف عليه دول أبرزها الولايات الأمريكية والإمارات المتحدة وبريطانيا والأردن المسؤول وغيرها.

المصدر الذي تحدثت إليه عنب بلدي لم يحدد الأسباب المباشرة خلف رفض الـ “موك” للمعركة، مرجحًا أن التعاون بين “هيئة تحرير الشام”، والتي تضم “جبهة فتح الشام”، مع فصائل “الجيش الحر” في المعركة، أثار سخط مركز “تنسيق الدعم”.

وبالتزامن مع التسريبات حول الضغوط الدولية لإيقاف المعركة المعلنة، أغلقت الأردن شريطها الحدودي في وجه الجرحى من المدنيين والعسكريين، في ثالث أيام الإعلان عن المعركة، وهو ما عزاه المصدر إلى نوع من الضغوط الممارسة لإيقاف المعركة، والتي قد تتطور إلى أشكال أخرى، بحسب وصفه.

بعد أسبوع من المعارك أين وصلت الفصائل في درعا البلد؟

يتمركز مقاتلو المعارضة حاليًا في زاوية مكشوفة على مواقع النظام، ويتطلب تقدمهم السيطرة على مناطق أعلى من نقاط تمركزهم الحالية، وفق خارطة السيطرة، وهذا ما جعل التقدم بطيئًا منذ السيطرة على الجامع ومنطقة الفرن.

إلا أن البيانات الصادرة من غرفة العمليات، تؤكد استمرار المعركة والتقدم المستمر.

وعقب وصولها إلى آخر نقطة انكشفت الفصائل على الجهة الثانية من الوادي في حي السحاري، إذ يقصف النظام بشكل مكثف انطلاقًا تلك المنطقة.

بينما تستهدف قوات الأسد في كل من الوحدة الإرشادية والخزان، مواقع الفصائل أيضًا.

أبنية السكن الشبابي في أقصى الغرب، تتمركز داخلها قوات الأسد، والتي تمنع التقدم من الجهة الجنوبية لحي المنشية، كونها مجموعة عالية من الأبنية وتكشف مساحات واسعة في المنطقة.

وبحسب خريطة السيطرة الحالية، فإن المناطق التي تقع غرب المنشية، وبالأخص الجسر الذي يفصلها عن الضاحيتين الأولى والثانية، وضاحية الصحفيين، أهم أهداف المعركة الجارية حاليًا.

ويعتمد دعم حي المنشية على جسر وحيد، وإن فقد النظام السيطرة عليه، أو دمرته فصائل “الجيش الحر”، فستفقد قوات الأسد جميع خطوط الإمداد التي تصله إلى حيي المنشية وسجنة المجاور، من درعا المدينة.

غطاء جوي روسي لا يفارق أجواء المدينة

لم تتوقف الطائرات الحربية الروسية على مدار الأيام القليلة من عملية فصائل المعارضة العسكرية عن القصف الجوي بالصواريخ الفراغية والموجهة على الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل، ما أدى لسقوط عشرات الضحايا من المدنيين ومئات الجرحى.

وترافقت الغارات الجوية الروسية مع قصف بالبراميل المتفجرة من قبل مروحيات الأسد على خطوط الاشتباكات، والأحياء السكنية من المدينة، لتخرج غالبية النقاط الطبية عن العمل بشكل كامل.

المجلس المحلي في المدينة أعلن درعا “منكوبة” جراء الهجمات المتواصلة، وناشد الهيئات والمنظمات للتدخل السريع لإنقاذ الأهالي داخل المدينة، فالبنية التحتية دمرت بشكل كامل من قبل الطائرات الحربية، و”خزانات المياه والمشافي الطبية خارج الخدمة، عدا عن الأهالي النازحين إلى السهول والجبال المحيطة بالمدينة دون مأوى أو غذاء”.

ولم يهدأ التصعيد العسكري من قبل الطائرات الروسية وطيران الأسد على المدينة، ليمتد إلى الريف الشرقي في خطوة للضغط على الحاضنة الشعبية في المنطقة، إذ  تركزت الغارات الجوية في أيام 16 و17 و18 شباط الجاري على مدن وبلدات بومدن وبصرى الشام، ومنطقة غزر، والمزيريب، وتسببت بمقتل عوائل كاملة، إضافةً إلى بلدة أم المياذن في الريف الشرقي.

هل المعركة سياسية أم عسكرية؟

تساؤلات وشكوك أُطلقت بالتزامن مع المعركة الحالية في درعا البلد، عن الهدف وراء هذه المعركة بعد التوقف وركود المعارك الجزئي على الجبهات مع النظام السوري في مدينة درعا.

رسالة أمريكية إلى روسيا

السيناريو الأول للمعركة في مدينة درعا، بحسب عدد من المتابعين، هو “تغير بسيط بدور غرفة الموك”، إذ تعتبر هذه المعركة “رسالة أمريكية للروس أننا مازلنا لاعبين في الساحة السورية، وقادرين على قلب الموازين السياسية والعسكرية في المنطقة”.

محللون رأوا أن النفوذ الروسي في سوريا امتد في الأشهر القليلة الماضية تزامنًا مع الانتخابات الأمريكية، لذلك تحاول الولايات المتحدة أن تفرض نفسها من جديد في خطوة للظهور بموقف “اللاعب الأساسي” في المنطقة، الأمر الذي دفعها لتحريك ملف المنطقة الجنوبية التي تدعمها.

الأردن تمهد للدخول في المنطقة

ضمن تزاحم التحليلات السياسية والعسكرية عن المعركة الحالية في المدينة، اعتبر فريق من المحللين أن الأردن تمهد لعملية بالاتفاق مع روسيا وأمريكا، من أجل مرحلة جديدة تقوم باستلامها في مدينة درعا.

العملية المفترضة ترتكز على تسريبات نشرتها صحيفة الحياة اللندينة، تشير إلى أن “الأردن يسعى إلى نسخ تجربة درع الفرات في ريف درعا عبر دعم فصائل الجبهة الجنوبية في الجيش الحر، لمطاردة تنظيم جيش خالد بن الوليد المتهم بمبايعته لداعش، والدخول عبر بوابة نصيب الحدودية إلى ريف درعا كما دخلت درع الفرات والجيش التركي عبر بوابة جرابلس شمال البلاد”.

وهذه العملية، التي تسعى وراءها الأردن، تلقى دعمًا وترحيبًا أمريكيًا وروسيًا، وتقوم حاليًا بتغيير مجريات المعارك والمواقع العسكرية في المدينة، إيذانًا بتسليم المنطقة الجنوبية للأردن.

وأكدت هذه الطروحات تسريبات من قبل سياسيين أردنيين، مفادها أن الأردن مقبل على استلام ملف إعادة إعمار المنطقة الجنوبية من سوريا، وتسلم أمور المنطقة بشكل كامل، وذلك ضمن مؤتمر “إعمار سوريا” المقرر عقده منتصف تموز المقبل.

ضغط كبير على فصائل درعا البلد

غرفة عمليات “البنيان المرصوص” أعلنت أن السبب المباشر لتشكيلها هو مواصلة النظام خرق الهدنة في المدينة واستهداف الأحياء السكنية بالقصف، ومحاولته التقدم للسيطرة على جمرك درعا القديم.

واستمرت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها على مدار الأشهر الماضية باستهداف أحياء درعا البلد بشكل مركز بالطيران الحربي وقذائف المدفعية الثقيلة، وطلقات القناصة، على خلاف المناطق الأخرى من مدينة درعا وريفها.

كما ترافق القصف مع تسريبات تقول إن “النظام سيبدأ عملية عسكرية بالتنسيق مع روسيا، ودول إقليمية للسيطرة على معبر نصيب الاستراتيجي، والشريط الحدودي مع الأردن”، الأمر الذي دفع فصائل المعارضة في درعا البلد لعملية استباقية قبل بدء قوات النظام بالعملية المعاكسة.

استعادة النصرةلحاضنتها

فريق آخر من المتابعين لسير العمليات العسكرية قال إن هدف معركة “الموت ولا المذلة” هو “استعادة جبهة النصرة حاضنتها في درعا من جديد”.

وضمت منطقة درعا البلد سابقًا فصائل معارضة عدة، إذ تنوعت ما بين “أحرار الشام” و”فتح الشام” والجبهة الجنوبية، إلى أن تم الاتفاق فيما بينهم على الاندماج في غرفة واحدة تحت اسم “البنيان المرصوص”.

الفريق استند في هذا الطرح على عمليات “التحجيم” السياسي والشعبي الذي اٌتبع في المرحلة السابقة، بعد اندماجها في “هيئة تحرير الشام”، وانشقاق عدد من القياديين من حركة “أحرار الشام” والفصائل الأخرى لينضموا إلى هذه الهيئة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة