تعقيدات الحراك السياسي الدولي

camera icon(From L) Russian Foreign Minister Sergey Lavrov (L), UN Special Representative Lakhdar Brahimi and US Secretary of State John Kerry (R), walk on September 13, 2013 towards a meeting at the United Nations offices in Geneva to resume high-stakes talks on Syria's chemical weapons. Russia and the US were on September 13 set to huddle for a second day of key talks on how to secure Syria's chemical weapons amid reports Damascus was scattering the stockpile to frustrate efforts to track the deadly arsenal. AFP PHOTO / POOL / Larry Downing (Photo credit should read LARRY DOWNING/AFP/Getty Images)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 89 – الأحد 3/11/2013

SWITZERLAND-SYRIA-CONFLICT-DIPLOMACY-WEAPONS-US-RUSSIAجمال الزعبي

السعي الحثيث لإيجاد مخرج سياسي للحرب كثيرًا ما طرح على شكل مبادرات من دول عربية وغيرها، وغياب توافق دولي كطرف ثالث كان سببًا في توالي العراقيل لجمع الأطراف على طاولة حوار واحدة.

 يمكننا تقسيم المراحل التي مر بها العمل السياسي إلى ثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى:

تولى المهمة في هذه المرحلة كوفي عنان، والذي تخلى عنها بعد فترة قصيرة، ليقينه باستحالة نجاح المفاوضات بتلك المرحلة، نظرًا لأن المبادرة السياسية العادلة لا يقبل بها الطرف القوي، وهو النظام، لأنه يملك القوة على الأرض ولم يستخدم كل وسائل القمع ضد الطرف الآخر، ويرى أن لديه فرصة للانتصار تغنيه عن الخضوع والتنازل لإرادة أي طرف، فتسليم السلطة لحكومة انتقالية يصبح خارج اللعبة بعدها أمر مضحك، إذ كان النظام لا يزال يمسك بزمام الدولة باستثناء بعض الأحياء والأزقة، ما جعل التفاوض معه للتوصل إلى حل عقيمًا، في مقابل ثوار لا حول لهم ولا قوة، يملكون فقط ما يسد رمقهم ويحمي أنفسهم، ولا يشكلون رقمًا صعبًا على الأرض يحاجون الخارج به كي يتعاونوا معهم لا عليهم، فوفقًا للتجارب في دول مجاورة كالعراق يكشف أن لا إنسانية في السياسة، والتعامل مبني على الأرقام والمصالح، لذلك عزي تفسير سلبية الأطراف الدولية حينها للمصلحة الأنسب والمقدَرة بترك المعارك تأخذ مداها.

 المرحلة الثانية:

في هذه المرحلة تصدَر الأخضر الابراهيمي المشهد السياسي كمبعوث تفاوض وسلام، وهو يدرك استحالة نجاح العملية السياسية، ومع ذلك لم يتوانى عن الاستمرار في خطوة دولية لا ترغب بعزل النظام تمامًا عن الحياة السياسية الدولية كما اتخذ على الصعيد العربي سابقًا، ومن جهة أخرى فانسحابه من هذه المهمة يعتبر بمثابة اعتراف بعجز المجتمع الدولي أمام الكارثة الانسانية الحاصلة، فلا مشكلة من بقائه في هذا المنصب كي يعطي شرعية للقتل بطريقة دبلوماسية عن طريق مساواته القاتل بالضحية، وكما جاء في جنيف1 الذي نص صراحة على تشكيل حكومة انتقالية تتضمن أعضاء من الحكومة الحالية وأعضاء من المعارضة، طبعًا لم يلق جنيف1 ترحيبًا روسيًا لأنه نص أيضًا على استبعاد الأسد والمقربين منه من أن يكون لهم دور في سوريا المستقبل، ومحاكمة من تلطخت أيديهم بالدماء.

وبالطبع ليس فقط من على الأرض السورية هم المعنيون، فالمتناحرين الدوليين كُثر، ما سبب تعقيد العمل السياسي، خصوصًا وسط غياب البديل الذي يضمن استمرار العقود والمواثيق مع حلفاء النظام (المواثيق الضمنية والعلنية) وتحقيق نفس الشروط الموجودة في نظام البعث ولو بهامش تقصير.

المرحلة الثالثة (جنيف 2):

مع بعض التغيرات الاسمية التي أجريت على جنيف1 لنتوصل لجنيف 2 إلا أن النتيجة ذاتها، لكن إذا ارتأى بعض المعارضين ضرورة الذهاب للمفاوضات بجنيف لابدَ من توفر حد أدنى من التنازل وضمانات للشعب الذي يموت يوميًا، فبدون وجود قرار يجيز استخدام القوة وبشروط محددة ولغاية ومدة معينتين فيما لو لم يلتزم النظام بنصوص جنيف2 سنكون أمام عودة على بدء.

الميوعة والتململ في تناول القضية وحديث الأخضر الابراهيمي حول ضرورة وقف الدعم على الثوار من قبل دول الجوار، يكفي لعدم قبول الذهاب للتفاوض، وأيضًا طلب موسكو مواثيق لحماية الأسد من المسائلة والمحاكمة إضافة لبعض الشروط التي وردت في جنيف1 كتشكيل حكومة انتقالية مشكلة من طرفي النزاع وبصلاحيات تنفيذية واسعة.

يقول المفكر الفرنسي روجيه جارودي في حديثه عن صراع الأصوليات الدينية سابقًا (لا بديل للحوار إلا الدمار)، لكن السؤال من يتنازل وينفتح على الآخر؟

فجنيف 2 ولد ميتًا لأن الإرادة الدولية ليس لديها حسن نية في ذلك من جهة، ومن جهة أخرى فكلا الطرفين يرى نفسه على حق ولن يتنازل للآخر لاعتبار التنازل هزيمة، وبموازاة العمل والتحضير السياسي للمؤتمر هناك أعمال عسكرية ومعارك طاحنة تصب في نفس السياق، وسيطرة النظام على السفيرة بحلب وحصار الغوطة الشرقية ومخيم اليرموك والحجر الأسود والمعضمية كان تحضيرًا للمؤتمر، حتى تفكيك الأسلحة الكيميائية كانت لكسب الرضى الدولي والحصول على مزيد من المهل والتجاوزات، النظام أكثر حنكة في هذه النقطة بالتحديد، فهو قام أساسًا –نظام البعث- مقابل صفقة، فلا مانع لديه أو لدى الدول الداعمة له أن يتنازل عن السيادة والثروات مقابل استمرار المصالح المختلفة، بالمقابل لم يقدم الثوار «المعتدلون» كما تسميهم الدول أي شيء يعطيهم الأولوية في الحكم، إلا مزيدًا من الانقسام والتشرذم وفقدانهم لقيادة موحدة تجمع القوى الثورية لتحقيق أهداف محددة واضحة.

الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمآسي، لأن الأزمة مستمرة على نطاق واسع، وأخذت شكلًا طائفيا دمويًا، ناهيك عن الدعم القادم من إيران والعراق على شكل مرتزقة وأسلحة من جهة، والدعم الروسي السياسي والعسكري وحتى المخابراتي من جهة أخرى، وما يقابل هذا الدعم من توافد جهاديين لتشكيل تنظيمات وحركات إسلامية تعمل إلى جانب الجيش الحر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة