ضد المقال.. مع أسامة

محمد رشدي شربجي

camera iconمحمد رشدي شربجي

tag icon ع ع ع

محمد رشدي شربجي

كما هو معلوم انتشر مقال جريدة “طلعنا عالحرية” كالنار في الهشيم. في حالة نادرة اتفقت جهات قضائية من مختلف مناطق سوريا على حظر الجريدة من الدخول واستدعاء صاحبها.

الشيخ أسامة الرفاعي لم يكفه بيان المجلس الإسلامي السوري، فخرج بتسجيل مصور طويل يربط به القضية بحزب البعث ونشاطه الإلحادي منذ السبعينيات.

عدة مظاهرات في دوما ضد المقال، وتحريض في بعض خطب الجمعة ضد الجريدة وكادرها في الداخل.

من العجيب بطبيعة الحال أن تنشغل الساحة بأمر كهذا، ونظام الأسد يتقدم على كل جبهاته -وإن كانت حرب الفصائل فيما بينها برغم سقوط حلب لم تبق للعجب مكانًا- وقد كان بالإمكان لو تم تجاهل المقال السيئ من أصله أن يمر كما مر كثير غيره، دون أن يسمع به أحد أو أن يثير ما أثار.

ولكن بالرغم من ذلك يبقى رد الفعل الحاصل مقبولًا في حالة طبيعة، ولا يتوقع أن يثير مقال كهذا في أي بلد مسلم أقل من هذا، فنحن مسلمون في النهاية، وبكل تأكيد فإن مقالًا يصف الله بأوصاف مسيئة سيستفز أي مؤمن، وقد كان الأفضل من بعض المثقفين لو استفادوا من الحالة لإطلاق نقاش عن الحرية المنشودة وحدودها، وهو نقاش مايزال مفتوحًا في معظم دول العالم منذ قرون دون أن يفتح عندنا للأسف.

وبعيدًا عن كل ذلك، فما هو مهم على المستوى الشخصي والعام، أكثر من المقال وكاتبه، هو أسامة نصار وزوجته ميمونة العمار وثائر حجازي، الذين طالهم التحريض بشكل مباشر وهم موجودون داخل دوما الآن، بالرغم من عدم علاقتهم بالموضوع أساسًا.

أسامة نصار هو نائب رئيس تحرير جريدة طلعنا عالحرية، ولمن لا يعرفه فهو أحد أعضاء المجموعة التي بدأت نشاطًا مجتمعيًا في داريا عام 2003، أدت إلى اعتقالها جميعًا، مع بداية الثورة كان من المعتقلين مع زوجته الحامل حينها في اعتصام الداخلية في 16 آذار عشية انطلاق الثورة، ثم اعتقل مرة أخرى خلالها ليخرج ويتابع نشاطه في المجتمع المدني مع رزان زيتونة المغيبة منذ سنوات.

أسامة نصار هو بقية الثورة -كما كانت- في سوريا، وقد أبدى اعتراضه على نشر المقال، ثم استقال من منصبه في الجريدة بعدها، من الغريب أن يزج باسمه بالرغم من ذلك وأن يتحمل مسؤولية مقال لم يكتبه ولم يرض عنه، أما ميمونة العمار وثائر حجازي فليس لهم أي علاقة بالجريدة من قريب أو من بعيد، فيجب على القضاء في الغوطة المحاصرة من كل الجهات، وهو يحكم في القضية، ألّا يأخذ أحدًا بجريرة أحد، فالحالة اليوم غير طبيعية والفوضى عارمة في المناطق المحررة، ومن شأن أي تحريض أن يؤدي إلى كوارث والشواهد على ذلك كثيرة للأسف.

أخطأت الثورة، والتيار الإسلامي الذي تصدرها، بمحاربة التيار المدني داخل سوريا. وسيكون كارثيًا للثورة في هذه المرحلة الحرجة أن يتعرض آخر بقايا هذا التيار داخل سوريا للإلغاء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة