المجالس المحلية تنظّم البناء.. وتنتظر الدعم

شمال حلب يعمّر بالحديد المستعمل

أساسات لأحد البيوت المبنية حديثًا في بلدة احتيملات شمال حلب - 20 نيسان 2017 - (عنب بلدي)

camera iconأساسات لأحد البيوت المبنية حديثًا في بلدة احتيملات شمال حلب - 20 نيسان 2017 - (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ريف حلب

لم تكتمل فرحة الشاب محمد أبو أحمد بعد عودته إلى بلدة دابق بريف حلب الشمالي بعد خروج تنظيم الدولة الإسلاميةمنها، فالبيت مدمر والحاجة إلى المسكن قائمة، ليبدأ تأسيس الحياة من جديد بـغرفتين ومنافعهم، بشكل تدريجي.

يقول محمد إن القدرة المالية غير كافية لبناء بشكل كامل وسريع، بانيًا آماله على موسم القمح المقبل علّ مردوده يكفيه لبناء مسكن جديد كالذي كان لديه سابقًا.

يطمح العائدون إلى ريف حلب إلى البدء بحياة جديدة “من الصفر”، وإعادة إعمار ما هدمته العمليات العسكرية أثناء طرد تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتفجيرات التي نفذها عند انسحابه، ورغم مؤشرات عودة الحركة التجارية، إلا أن المواطنين مايزالون يتلقّون وعودًا للبدء بأعمال إعاة الإعمار دون المباشرة بها فعليًا.

واستطاعت فصائل “الجيش الحر”، العاملة في غرفة عمليات “درع الفرات”، السيطرة على الباب في 23 شباط الماضي، بعد مواجهات مستمرة منذ كانون الأول الفائت، وأمّنت محيطها من أي وجود لتنظيم “الدولة”.

إعمار بحديد مستعمل

شهدت قرى وبلدات ريف حلب الشمالي في الأيام الماضية التي تبعت طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها بشكل كامل، حركة إعمار وبناء بـ”مفهوم بسيط”، يقوم به بشكل أساسي أهالي ومدنيو المنطقة فقط، اعتمادًا على “يدّخرونه” من الأموال، دون تقديم أي مساعدات أو دعم إغاثي ومالي حتى الآن.

ولا تقتصر هذه الحركة على مدن دون الأخرى، بل انسحب على المساحة الجغرافية الكاملة للريف الشمالي من حلب، بدءًا من قرى دوديان وحرجلة ودحلة وقره كوبري وين يابان، وصولًا إلى مدينة الباب واخترين واحتيملات.

خطوات تدريجية يقوم بها الأهالي الراغبون بإعادة بناء بيوتهم، بحسب الأموال المتوفرة لديهم في الفترة الحالية، إذ تبدأ المرحلة الأولى بغرف صغيرة وبسيطة، تليها فيما بعد توسعة قد تستمر لعدة سنوات بحسب الشاب ابن مدينة دابق محمد أبو أحمد العائد حديثًا إلى بلدته.

وأوضح محمد لعنب بلدي أنه أزال ركام بيته السابق المدمر بفعل العمليات العسكرية أولًا، محاولًا إخراج الحديد الموجود في السقف كي يستعمله في البناء الجديد، نظرًا للأسعار المرتفعة لحديد البناء في ريف حلب.

أسهم الحديد القديم الذي أخرجه الشاب، بشكل كبير في المسكن الجديد، ووفر عليه مصروفًا “كبيرًا” خاصة أن الحديد هو أساس عملية البناء في مختلف أنواعها.

ولا تقتصر هذه العملية على الشاب أبو أحمد فقط، بل لجأ إليها معظم مدنيو الريف الشمالي لحلب، وهذا ما أكده الأربعيني عبد الرحمن أحمد في حديث لعنب بلدي.

وأشار إلى أسلوب انسحب على كافة عمليات بناء المنازل الحديثة، “فاللجوء إلى إخراج الحديد من الأسقف المدمرة، يساهم إلى حد كبير بتخفيف أجور وتكاليف البناء”.

ماذا عن مواد البناء ؟

بلغت الكلفة التي دفعها الأربعيني عبد الرحمن أحمد، لترميم منزله بعد عودته إلى بلدته، حوالي 125 ألف ليرة سورية، وعلى الرغم من “قلّة المبلغ المذكور” قياسًا بالحالة الاقتصادية التي تعيشها المناطق المحررة، والخاضعة لسيطرة النظام السوري، إلا أن أحمد اعتبرها مبلغًا “لا يستهان” به نظرًا للحالة المادية “المعدومة” للأهالي الواصلين حديثًا إلى المنطقة.

تحدثت عنب بلدي مع أحد متعهدي بناء المنازل في ريف حلب، ويدعى أحمد سليم، وعرض “لمحة” عن أسعار مواد البناء في المنطقة.

ويبلغ إيجار بناء المتر الواحد لـ”الأساسات” ستة آلاف ليرة سورية، في حين تتراوح أسعار “الزريقة” (طلاء الجدران بالإسمنت)، بين 300 إلى 500 ليرة للمتر الواحد.

البلوك هو المادة الأساسية وتقدر أسعاره ما بين الـ125 ليرة إلى 150 ليرة سوريا، بينما يبلغ سعر كيس الإسمنت التركي داخل الأراضي المحررة 1500 ليرة سورية.

أما الحديد فيبلغ سعر الكيلو الواحد للجديد منه 280 ليرة سورية، فيما يقدر سعر كيلو الحديد المستعمل 128 ليرة، عدا عن المواد الأساسية من الرمل والجص، التي يترواح سعر ثمانية أمتار منها بين 32 ألفًا إلى 50 ألفًا.

في ذات السياق أوضح المتعهد سليم أن مقالع النحاتة والجص (البحص) التي يُعتمد عليها في عمليات البناء شمال حلب تتركز في قرية عبلة الواقعة إلى الجنوب من مدينة اخترين، إضافةً إلى مقالع أخرى اعتمد عليها سابقًا في منطقة الطامورة القريبة من مدينة عندان والتي سيطرت على قوات الأسد على جزء منها.

أما رمل البناء فيستقدم من مدينة جرابلس، من المنطقة المحيطة بجانبي نهر الفرات.

المجالس المحلية تنظّم وتنذر المخالفين

علاوة عما سبق، تترافق حركات البناء والإعمار في مختلف الأحيان بخروج عن الخطط التنظيمية المرسومة لها سواء على صالح الأملاك العامة، أو المناطق ذات الملكية الشخصية.

يقول رئيس المجلس المحلي في بلدة احتيملات أحمد حياني، إنه “بعد إنشاء المجلس تم تقسيمه إلى قطاعات، كان أحدها مهتمًا بالناحية الخدمية، ويرأسه مهندس مدني، إذ تركزت مهامه بشكل أساسي على إعداد الخطط التنظيمية الكفيلة بتنظيم عمليات البناء في المناطق المحررة حديثًا من قبضة تنظيم الدولة”.

وأوضح الرئيس في حديث مع عنب بلدي أن “حركة البناء عادت تدريجيًا، وشهدت المنطقة إقبالًا كبيرًا من قبل الأهالي المتعبين من النزوح، الأمر الذي خلق عدة مشاكل تعلقت بمخالفات البناء والعمران”.

“بدأنا بتحديد الأملاك العامة وأرصفة الشوارع في المنطقة”، أضاف حياني “وجدت عدة مخالفات بسيطة في بلدة احتيملات، وأيضًا المدن المجاورة، وتم التعامل معها عن طريق توجيه إنذارات للمخالفين، اعتمادًا على الحدود التنظيمية للبلدات”.

المخالفات التي تحدث عنها حياني، أشار إليها الأربعيني عبد الرحمن أحمد، قائلًا “عدد كبير من المدنيين في ريف حلب الشمالي بدؤوا ببناء الأبنية السكنية في مناطق مخالفة مختلفة، وبعضها على الأرصفة والطرقات”، معتبرًا أن “الأعمال التي تقوم بها المجالس المحلية من إنذارات للمخالفين وغيرها، نحتاج لها في الفترة الحالية”.

من جهة أخرى أشار الرئيس حياني، إلى أن “الأماكن التجارية والمقصوفة، تنظّم فيها في الفترة الحالية ضبوطًا خاصة، في خطوة لتوثيق الأضرار التي تساعد بها الشرطة الحرة، وذلك استباقًا لطلب أي منظمة في الفترة المقبلة في حال دخولها للمساعدة”.

واعتبر أنه “من السهولة أن تدخل المنظمات الإغاثية والإنسانية في عمليات إعادة الإعمار في الريف الشمالي، وذلك نظرًا للوضع الأمني الجيد البعيد عن الجبهات العسكرية، وخطوط الاشتباكات”.

وأكد في ختام الحديث مع عنب بلدي أنه “لم تعوّض المنظمات الأهالي المتضررين في المنطقة حتى الآن (…) نحصي الأضرار وننتظر”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة