انفتاحٌ واقعي على أوروبا بُعيد التهجير القسري

لاجئون سوريون يدخلون الحدود الألمانية (رويترز)

camera iconلاجئون سوريون يدخلون الحدود الألمانية (رويترز)

tag icon ع ع ع

محمد هرماس البدوي

كثيرًا ما ذكرَ معلّمو العربية في المدارس والجامعات موقف الشارع العربي من الانفتاح على الغرب، فطائفةٌ رفضت كلّ ما قَدِمَ من الغرب، وما يحملهُ جملةً وتفصيلًا، وطائفةٌ تشربت كلّ ما قدم من الغرب وما يحمله، وطائفةٌ نقدت ما قدم ومن يحملُه، فأخذت منهُ وردّت عليه.

نذكر ذلك ونحن نشهد اليوم انفتاحًا جديدًا على العالم الغربي الأوروبي، يتمثل في الهجرة، والمخالطة الواقعيّـة، بعد أن تعدّت التواصل الإلكتروني عبر الإنترنت أو التلفاز. وإنّ ما نراه لدى فئة من المثقّفين هو انبهارٌ كبيرٌ في الجانب الأخلاقي الغربي، من حيث الرتابة والتنظيم والتفكير وأســلوب المعاملة، فتحدث على الفورِ مقارنةٌ ذهنيّة، سـواء تجسَّـدت أم لا، بين الواقع القديم في الحياة الاجتماعية السورية، وبين الواقع الاجتماعي الجديد في الجانب الأوروبي.

والمثير للعجب هو ظهور بعض ردود الأفعال المتجسّدة باتهامات تطعن في الشخصية السورية، وليس المقام لمناقشة صحة هذه الاتهامات أو زيفهـا، بل رصد شيء من انتشار هذا الظاهرة، وانعكاسـاتها في صفوف المهـاجرين والنازحين من السوريين. فكثيرة هي الاتهـامات بوجود مشـاكل نفسية وعقلية لدى الإنسان السوري، والعربي عُمومًا. ويحتاج السوري إلى تطورٍ عقلي بل أخلاقي، وكثيرة هي الأمراض النفسيّة التي يُعاني منها السوريّون!

هذه بعض التجسّدات والصور لنتائج اختلاط السوريين المهاجرين بالأوروبيين، وهي تقابل التيّار الذي تشرّب كلّ ما قدم من الغرب لدى دارسي الأدب وتاريخه قديمًا، نقرّر هذا مع عدم اطّلاعنا على أثر نقدي لمُهاجرٍ عمّا في الغرب، بل العكس حاصل من تخلّي بعضهم عن مرتكزات نظريّة إسلامية كانت أسـاسًا لديهم في سوريا.

وإنّ بعض من يكيل تلك الاتهامات للشخصية السوريّة يعزوهـا لنظام الحكم في البلاد، ويُحمّله مسؤولية التجهيل والكبْت، وقلّة قليلة -بحسن الظن- منهم فقط من يحمل سراج التنوير والإصلاح دون التكبّر والتنظير.

على أنّ الغرب عمومًا، ودول الجوار، قد أفادت كثيرًا من العقل السوري في المجالات العلمية التخصّصية، وقد لفت نظر المسؤولين الأردنيين مؤخرًا تحصيل الطلاب السوريين في الجامعات الأردنية للمراكز الأولى.

ويدفع الغرب مبالغ باهظة للاحتفاظ بالعلماء العرب عمومًا والسوريين خصوصًا، ولكن غالبًا ما تلتزم هذه الشريحة الحياد في الموضوعات السياسـيّة، إذ تُعد “التابو” الأول في سوريا، وتُقدّم هذه الشريحة السلامة من مغبّات الخوض في السياسة وكلّ ما يتصل بها. غير أنّ هذا يحسب عليها، بعد أن تهاجر وتُصبح بمنأًى عن سـطوة الجلاد السفّاح السوري، فتحافظ على حيادها، وتنغس في بناء أمجاد ذاتية دون كرامة جمعيّة وإن وُجدت الكرامة الذاتيّة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة