ضريبة الجمرك ترفع سعر الخشب

نجارو داريا يعودون لورشات الموبيليا من إدلب

camera iconنازح من ريف دمشق يعمل في النجارة في السويداء (تعبيرية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

شهدت مدينة إدلب في الشمال السوري، خلال الأشهر الماضية، افتتاح عدد من “ورشات نجارة” تعود إلى نجارين من أهالي داريا، ليعودوا للعمل في مهنتهم التي اشتهروا بها قبل الثورة.

افتتاح الورشات جاء بعد وصول الآلاف من أهالي داريا إلى إدلب، في آب العام الماضي، عقب تهجيرهم من قبل النظام السوري، بعد حصار استمر أربع سنوات وقصف بمختلف الأسلحة، تاركين خلفهم ورشات ومستودعات خشب مدمرة ومحروقة، بحسب ما قاله صاحب ورشة نجارة في جرجناز بريف إدلب، أبو سليمان شحادة، لعنب بلدي.

الخسائر بالملايين نتيجة الاحتراق

المدينة الصغيرة القريبة من دمشق كانت مصدر الموبيليا والمفروشات للعاصمة وريفها، إذ كانت ترفدها باحتياجاتها من الصناعات الخشبية المتنوعة، حتى انتشرت مقولة بين الدمشقيين “إذا كنت تريد أن تشتري الموبيليا والمفروشات فعليك التوجه إلى داريا”.

سوق خاص بالموبيليا و2500 ورشة لتصنيع المفروشات انتشرت في “الحارة القبلية” وشارع “الثورة” في داريا، الذي يصل بين قسمي المدينة القبلي والشمالي وتفرعاته، ويعد سوق الموبيليا الأكبر والأشهر في المدينة، بحسب تصريح رئيس بلدية داريا، محمد مظهر شربجي، لصحيفة “الثورة” في 2005.

وزاد عدد الورشات في سنوات ما قبل الثورة، لا سيما في مناطق المخالفات على أطراف المدينة، ويقدر بعض تجار لوازم النجارين في داريا بأن العاملين في حرفة النجارة في المدينة زاد عددهم عن عشرة آلاف عامل.

شحادة قال إن إنتاج ورشات النجارة بداريا كان “كبيرًا” قبل الثورة، وتنوع بين غرف النوم والديكور والأبواب العربية والمطابخ وغرف الأطفال، حتى باتت داريا ذات شهرة واسعة في سوريا.

وأضاف شحادة أن بعض الورشات كانت تصدّر منتجاتها إلى المحافظات السورية ومنطقة الجزيرة، بعد إثبات نجاري داريا إتقانهم للمهنة.

لكن الورشات والمحلات وصالات البيع والمستودعات الخشبية احترقت “بشكل كامل”، بحسب شحادة، نتيجة القصف على المدينة من قبل النظام السوري على مدى سنوات الحصار الماضية.

حياة مهنية جديدة في مناطق النزوح

نجارو داريا قرروا نقل مهنتهم إلى مدن النزوح، فافتتحوا ورشات نجارة جديدة في مناطق مختلفة من إدلب، من أجل التأقلم مع الحياة ومجاراة ارتفاع الأسعار، بحسب ما قاله شحادة، الذي أكد أن الكثير من أهالي داريا افتتحوا ورشات بدعم من منظمات إنسانية.

وأشار شحادة إلى أن العمل في النجارة تغير عما كان عليه سابقًا، إذ إن أغلب عمله يقتصر على تصليح المستعمل، كالأبواب وغرف النوم، كون سكان المنطقة يرغبون في شرائه لانخفاض سعره، في حين كان الأهالي قديمًا يفضلون صناعة الجديد، الذي أصبح غاليًا في الوقت الحالي.

وأعرب النجار عن دهشته من ارتفاع أسعار الخشب عما كانت عليه سابقًا، إذ أوضح أن بعض الأنواع ارتفع سعر اللوح الواحد منها عشرة أضعاف، خاصة خلال الأشهر الماضية، عندما فرضت حواجز النظام ضريبة دخول على الخشب القادم من اللاذقية إلى إدلب، فأصبح التاجر يرفع سعر الخشب من أجل تعويض الأموال التي دفعها.

الضريبة ترفع سعر الخشب

أنواع الأخشاب المختلفة في إدلب مصدرها من اللاذقية وطرطوس، الخاضعتين للنظام السوري، بحسب ما أكد التاجر حسن عبد الحي، الذي قال لعنب بلدي إن أغلب اعتماد ورشات النجارة في إدلب على الأخشاب القادمة من مناطق النظام السوري وليس من تركيا، لأن “الخشب التركي من الصنوبر، ويعتبر قاسيًا وغير معالج بشكل صحيح، كما أنه مقطّع عن طريق مناشر وليس عن طريق الليزر، وإن وصل يكون غاليًا إذ يبلغ سعر المتر المكعب 220 دولارًا” (كل دولار يعادل 550 ليرة).

وأكد عبد الحي أن الأخشاب التي تأتي من مناطق النظام ارتفع سعرها منذ ثلاثة أشهر بسبب فرض ضريبة جمركية على كل شاحنة داخلة إلى مناطق المعارضة في إدلب.

وأشار إلى أن التاجر كان يدفع للحاجز بين 250 و400 ألف ليرة عن كل شاحنة خشب بحجة “الترفيق”، لكن كلفة وصول الشاحنة إلى إدلب تصل إلى مليوني ليرة، بسبب دفع 500 ألف ليرة أجرة الشاحنة، ومليون و550 ألف ليرة ضريبة جمركية للنظام، ما أدى لارتفاع سعر متر الخشب الواحد ثلاثة أضعاف (من 15 دولارًا إلى 45 أو 50 دولارًا).

وتختلف أسعار الخشب باختلاف نوعه وسماكته، فالمستخدم في مواد البناء وأشهره “المورين” يبلغ 240 دولارًا للمتر الواحد، و”سويد” يبلغ سعره بحسب سماكته بين 350 و 380 دولارًا، و”شوح” ويبلغ سعر المتر المكعب 200 دولار.

في حين يبلغ سعر لوح الخشب نوع “إم دي إف” بين 3.25 و25 دولارًا، بحسب سماكته بين 2 ملم إلى 18 ملم.

أما غرف النوم الجاهزة فيبلغ سعرها، بحسب تاجر خشب في إدلب طلب عدم الكشف عن اسمه، 1300 إلى 1400 دولار للغرفة الواحدة، أما سعر المتر الواحد للباب فيبلغ بين 50 إلى 70 دولارًا.

وكانت مساحات واسعة من الأراضي في سوريا، شهدت قطعًا للأشجار بشكل حوّلها إلى أرض مقفرة، بسبب اعتماد الأهالي على الحطب من أجل التدفئة بعد انعدام مواد التدفئة وخاصة المازوت والكهرباء، إضافة إلى بيعها من قبل عناصر تابعين للنظام السوري.

وفرضت حكومة النظام السوري، في آذار الماضي، غرامة مالية على كل مزارع يقدم على قطع الأشجار أو يقتلعها أو ينقلها دون إذن مسبق.

ويدل إعادة أهالي داريا افتتاح ورشات نجارة في مدن النزوح على إمكاينة عودة نشاط  صناعة المفروشات والعودة إلى الإنتاج والعمل من جديد في حال توفرت الظروف الملائمة  من استقرار أمني ودعم مادي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة