“الصيام” ليس ما يعاني منه أهالي دير الزور في رمضان

“الصيام” ليس ما يعاني منه أهالي دير الزور في رمضان

camera iconشارع_التكايا_في_ديرالزور_-_2013_(عنب_بلدي)

tag icon ع ع ع

 أورفة – برهان عثمان

يزور رمضان آخر مدينة دير الزور الممزقة بين الحرب والحصار، وسط قذائف تنظيم “الدولة الإسلامية”، وغارات طيران النظام السوري، التي تقتل المدنيين بشكل شبه يومي، ويرى أهالي المدينة أن الشهر “فقد بريقه”، وسط صعوباتٍ مختلفة إلى جانب الصيام.

يعيش من بقي من الأهالي في شطري دير الزور، بعيدًا عن الطقوس الرمضانية، وتقول المرأة السبعينية لطفية إنها لا تتذكر آخر مرة “تناولت فيها وجبة إفطار حقيقية مع عائلتها”، ورغم ذلك تُحاول مع الكثيرين من الأهالي البقاء على قيد الحياة، متعلقين بصور وذكريات، وفق تعبيرها.

ذكريات لا تُنسى

تعيش لطفية في منزلها وحيدة، بعد رحيل إخوتها وعوائلهم من الأحياء المحاصرة، قبل أكثر من عام، وتضيف لعنب بلدي أنها تشعر بالوحدة “أعرف الجميع والمنازل والأشجار والأزقة والحارات هنا وأخرج يوميًا لتفقدهم”.

مرتديةً عباءتها التي بدا عليه القدم، تقص السبعينية القصص على الأطفال في حي الجورة، وتروي ذكرياتها الرمضانية القديمة على مسامعهم، وكيف كان الأهالي يجهزون أشهى المأكولات، وتطمئنهم أن تلك العادات لن تبلى وستعود.

احتوت المدينة في وقت سابقٍ، حوالي 400 ألف نسمة، بينما يُقدّر ناشطون عدد من يقطنها اليوم بحوالي 150 ألفًا، يعيشون بين مناطق النظام وتنظيم “الدولة”.

ومنذ بداية حصار التنظيم لأحياء الجورة والقصور وهرابش، في 15 كانون الثاني 2015، أسفرت معارك الحصار عن الكثير من الدماء، التي ماتزال تجري حتى اليوم.

 امتحان الصبر

يتزامن رمضان هذا العام مع امتحانات الشهادة الثانوية، ويقول المُدرّس أبو أمجد، بلغة يمزج فيها الألم بالاستهزاء “وضع التعليم مزرٍ فالمدارس شبه فارغة، كما أن الطلبة يحتاجون الطعام واللباس قبل التعليم، فبعضهم يأتي إلى المدرسة حافيًا”.

“الدمار والفقر والقهر والحرمان تشابكت مع الصبر والرضا وقليل من شقاوة الصغار”، يضيف المُدرّس، ويشير إلى أن عدد الطلاب الذين أنهوا امتحان التعليم الأساسي مؤخرًا، لم يتجاوز 118 طالبًا وطالبة، مردفًا “تعبنا كثيرًا ونعيش امتحاني الصبر والجوع سواءً في رمضان أو غيره”.

صعوبات إلى جانب الصيام

لا تكمن صعوبة الصيام في رمضان بطول الساعات وحرارة الشمس، بل تتجاوزها إلى نقص الأدوية في المدينة، في ظل انتشار أمراض نقص التغذية وفقر الدم، وبعض حالات التهاب الكبد، داخل الأحياء المحاصرة، وفق “أبو عبد الله” الممرض العامل في المدينة.

يُقدّر الممرض عدد قاطني الأحياء المحاصرة، بحوالي 100 ألف نسمة، ويقول لعنب بلدي إنها تُعاني من نقص “حاد” في المواد الطبية والكوادر، إذ تضم المنطقة طبيب داخلية وطبيبة نسائية من ضمن أطباء لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.

ودمّرت هجمات التنظيم المتكررة على المشفى العام، الكثير من الأدوات والأجهزة وتسببت بأضرار “يصعب إصلاحها”، ويقول الممرض إن النسبة العظمى من قاطني الأحياء تتجاوز أعمارهم 40 عامًا، ويليهم الأطفال تحت سن 12 عامًا، بينما يُشكّل اليافعون نسبة لا تتجاوز 20% من السكان، وفق ما نقل عن منظمة “الهلال الأحمر” في المدينة.

“عشنا أيامًا جميلة إلا أن الجيل البائس اليوم، لم يعرف شيئًا من لذة الشهر الفضيل”، تختم المرأة السبعينية حديثها، معتبرة أن كثيرًا من العادات التي كانت تميز أهالي المدينة، أصبحت من الماضي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة