ماذا وراء خطة إزالة الحواجز؟

سكان دمشق متفائلون وخائفون

عنصر على حاجز تفتيش في شارع بغداد بدمشق - 21 آب 2013 (AP)

camera iconعنصر على حاجز تفتيش في شارع بغداد بدمشق - 21 آب 2013 (AP)

tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – ر. ك

في طريقها نحو تجسيد مظهر يوحي بـ “استعادة الأمان” وتحقيق “راحة أكبر” للمواطنين، عمدت الجهات المعنية إلى تطبيق خطة أعلنتها حكومة النظام السوري، مؤخرًا، لإزالة الحواجز “غير الضرورية” من شوارع العاصمة دمشق وغيرها من المحافظات السورية.

وفي حين بلغ عددها 300 حاجز ثابت في العاصمة ومحيطها، حسب تقديرات الناشطين، بدأت محافظة دمشق، يوم الأربعاء 28 حزيران، بإزالة الأول منها والموجود في الطريق الممتد من شارع الثورة باتجاه شارع البحصة إلى مبنى المحافظة، إضافة إلى إزالة الكتل الإسمنتية المطلة على ساحة المحافظة.

تفاؤل يعمّ الشارع.. بانتظار الوعود

لم تخفَ علامات التفاؤل في الشارع السوري حول الخطة الجديدة، التي أعطت المواطنين أملًا باستعادة حريتهم في الحركة، والتخلص من زحمة السير التي تسببها الحواجز ونقاط التفتيش، ورغم عدم ملامستهم لذلك على أرض الواقع، سوى في الحاجز المذكور سابقًا، اعتمدوا في تفاؤلهم على تصريحات محافظ ريف دمشق، علاء منير إبراهيم، في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، الخميس 29 حزيران.

إبراهيم أوضح أن خطة إزالة العديد من الحواجز والكتل الإسمنتية هدفها فتح الشوارع لـ “تحقيق الراحة” للمواطنين، وخاصةً في مناطق ريف دمشق التي عاد إليها الأمان، حسبما قال، مشيرًا إلى أن الحكومة ستبقي على الحواجز “الضرورية” فقط المحيطة بالعاصمة والتي “تحقق الأمن”.

من جهتها، عبّرت صفاء (اسم مستعار)، إحدى ساكنات حي الزاهرة في دمشق، عن تفاؤلها بالخطة الجديدة لإزالة الحواجز من الشوارع، واعتبرتها خطوة مهمة لتلافي ما أسمتها “معاناة” في التنقل من منطقة إلى أخرى، وأضافت “نتمنى أن يصدق ذلك، فالناس تعبت من هذا الخناق”.

صفاء أوضحت لعنب بلدي أن الناس، ومنذ البدء بتشييد الحواجز الأمنية، أصبحوا يتجنبون الزيارات والتنقلات غير الضرورية بين مناطق العاصمة حتى لا يقضوا نصفها على الحواجز، في حين يفضل معظمهم قضاء مشواره سيرًا على الأقدام أو على الدراجة الهوائية لتجنب طوابير السيارات المنتظرة على نقاط التفتيش.

وذكرت صفاء قصة حدثت معها عندما تأخرت على عرس قريبتها، وقالت “تأخرت على العرس، فاضطررت إلى النزول من التكسي عند زحمة الحاجز والسير على الأقدام لما بعد الحاجز، ثم ركوب تكسي آخر والنزول عند كل حاجز، وهكذا حتى وصلت”.

ويتراوح عدد العسكريين على كل حاجز بين خمسة إلى 20 عنصرًا، يلبس معظمهم الزي الميداني كاملًا، ويقفون داخل ستار صنع من أكياس الرمل أو التراب، ويفتشون صندوق السيارات ذهابًا وإيابًا، بالإضافة إلى طلب إبراز الهوية الشخصية وطرح بعض الأسئلة الأمنية، لتبدأ طوابير السيارات تباعًا بالتزايد.

هل أمّن النظام السوري على العاصمة؟

تزداد مخاوف المؤيدين للنظام السوري حول قدرته على تأمين العاصمة ممن يصفونهم بـ “المسلحين”، في حال إزالة الحواجز الأمنية من شوارع دمشق.

إلا أن محافظ ريف دمشق قال إن وزارة داخلية النظام السوري تنسق مع الجهات الأمنية المختصة لتطبيق خطة إزالة الحواجز بشكل دقيق “تفاديًا لأي خروقات”، مشيرًا إلى أنه في اجتماع اللجنة الأمنية تجري دراسة المناطق تباعًا ومدى حاجة تخفيف الحواجز فيها.

وتعكس إزالة الحواجز التطورات الميدانية التي شهدها العام الماضي حين أمّنت قوات الأسد بغطاء جوي روسي، حزام العاصمة، عبر استردادها مناطق سيطرت عليها المعارضة سابقًا في ريف دمشق، سواء عسكريًا أو عبر ما يعرف بـ “تسويات التهجير”.

وبدأت عمليات النظام لتأمين العاصمة عبر إفراغ مدينة داريا من أهلها بعدما توصلت لجنة ممثلة لفصائل وفعاليات مدينة داريا إلى اتفاقٍ مع النظام يقضي بإفراغ المدينة، في 26 آب 2016، وخروج جميع المقاتلين إلى شمال سوريا.

وتابع النظام السياسة نفسها في كل من برزة والقابون ومضايا ووادي بردى والزبداني وخان الشيح وقدسيا وغيرها من مناطق ريف دمشق، وسط ما أشيع عن تأمينه للعاصمة بشكل “شبه تام”، في حين مازالت الغوطة الشرقية وحي جوبر بأيدي فصائل المعارضة، ومخيم اليرموك جنوب العاصمة بأيدي تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ويتوقع ناشطون أن إزالة الحواجز من شوارع العاصمة سيليه تشديد على حواجز المناطق القريبة من أماكن سيطرة فصائل المعارضة السورية.

حواجز “طيارة” تثير القلق أكثر من “الثابتة”

في حين تفاءل البعض بإزالة الحواجز من شوارع دمشق، يرى “أبو مازن” وهو من سكان حي ركن الدين أن الأمر صعب التحقيق في الوقت الراهن، مؤكدًا أن خطة إزالة الحواجز “غير ملموسة” حتى الآن بالنسبة للمواطنين، فإزالة حاجز واحد فقط ليس كافيًا، معبرًا عن ذلك بقوله “غيض من فيض”، في إشارة منه إلى أنه مهما بلغ عدد الحواجز المزالة فإن المشيّدة ستبقى أكثر.

إلا أن ابنه الوحيد مازن كان له وجهة نظر أخرى، تتحدث عن “خوف” أصدقائه من انتشار الحواجز المؤقتة أو المعروفة محليًا بالحواجز “الطيارة”، بعد إزالة الثابتة.

ويعتبر بعض السوريين أن خطة النظام لإزالة الحواجز “مدروسة” ولها “مآرب أخرى”، إذ ينوي من خلالها إعطاء حرية الحركة في الشوراع للشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية، ثم سحبهم من خلال الحواجز المؤقتة.

وقال مازن (28 عامًا)، وهو موظف في شركة هندسية، إن الحديث عن تلك الفكرة شاع بين الناس وأربك الشباب المطلوبين للاحتياط، وتابع “الحاجز الثابت يمكن تجنبه بسهولة من قبل المطلوبين، أما الطيار فلا يُتوقع في أي زمان ومكان يمكن أن يظهر فجأة”.

ولا تقتصر خطة النظام السوري في إزالة الحواجز على العاصمة فقط، بل شملت كلًا من طرطوس واللاذقية وحمص وحماة، حيث أزال ثلاثة حواجز على الأقل في حماة، اثنان منها في منطقة ساحة العاصي وسط المدينة، والثالث عند دوار المهندسين في حي الشريعة.

كما أزال حواجز مماثلة في مدينة طرطوس، وفق ما نشرت صفحات محلية موالية عبر “فيس بوك”، في 28 حزيران.

وكان أول حاجز عسكري نشره النظام في سوريا في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، وذلك بتاريخ 24 نيسان 2011، حيث قررّت الأجهزة الأمنية قطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى المدينة في ريف دمشق بعد حركة الاحتجاجات الشعبية المناوئة للنظام مع انطلاق الثورة في آذار من العام نفسه.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة