الذهب تحت الرمال.. البادية السورية تستقطب أطماع الدول

مصنع في البادية تابع لشركة اسمنت البادية السورية (albadiacement)

camera iconمصنع في البادية تابع لشركة اسمنت البادية السورية (albadiacement)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

أهمية اقتصادية، لا تقل عن الأهمية العسكرية، كانت وراء المواجهات والمعارك بين الدول المؤثرة في الملف السوري، التي احتضنتها “الرمال السورية” خلال الأشهر الثلاثة الماضية بهدف السيطرة على مساحات من البادية.

وتشمل البادية مناطق واسعة تمتد من شرق السويداء وريف دمشق الجنوبي وريف حمص وحماة، وصولًا إلى المنطقة الشرقية (دير الزور).

أهداف كبيرة وراء “معركة الرمال” ظاهرها عسكري، وسط تحليلات تقول إن من يسيطر على البادية يفرض سيطرته على المنطقة، لكن احتضان البادية لمعظم ثروات سوريا، وخاصة حقول النفط والغاز، أكسبتها أهمية كبرى وجعلتها محطّ أنظار الدول الكبرى.

ثروات باطنية تحت الرمال

حجة واحدة علّقت عليها الأطراف المتصارعة (دول روسيا وأمريكا وإيران التي تدعم قوىً  محلية وأجنبية) هجومها على المنطقة، وهي محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكن لا يمكن إغفال المنفعة الاقتصادية والثروات الموجودة في المنطقة، إن كانت آبار نفط وغاز أو طاقة شمسية أو أمور أخرى كالزراعة وصيد الطيور الحرة، بحسب معاون وزير المالية في الحكومة السورية المؤقتة ونقيب الاقتصاديين في درعا، عبد الكريم المصري.

وتعتبر حقول النفط في البادية من الحقول الرئيسية في سوريا، التي تعتمد عليها في إنتاجها المحلي، والذي كان يبلغ 380 ألف برميل نفط خام قبل الثورة في 2011، إضافة إلى وجود دراسات علمية سابقة تشير إلى وجود آبار نفط واعدة في المنطقة.

وتتركز احتياطيات الغاز السوري في منطقة تدمر في البادية، وقارة في القلمون الغربي، وساحل طرطوس وبانياس، وإذا تم استخراج هذا الغاز ستصبح سوريا ثالث بلد مصدّر للغاز في العالم، بحسب مركز “فيريل” الألماني للدراسات والمقرب من النظام السوري، وقد قدّر احتياطي الغاز السوري بـ28.5 بليون متر مكعب.

وأوضح المركز أن ثلاثة حقول غاز متوسطة الحجم موجودة شمال تدمر تكفي لتزويد سوريا كاملة بالطاقة الكهربائية 24 ساعة يوميًا لمدة 19 سنة.

المصري قال لعنب بلدي إن هناك دراسات تقول إن احتياطي سوريا من الغاز والبترول يتركز في البادية السورية والساحل بنسبة 83% من مجمل الاحتياطي السوري، بينما توجد في الجزيرة السورية نسبة 12% فقط.

وبحسب الدراسات فإن آبار الجزيرة ستبدأ بالنضوب اعتبارًا من 2022، بينما ستبقى حقول البادية والساحل، حتى عام 2051 على الأقل، إن بدأ استغلالها العام المقبل.

من جهته، اعتبر المنتدى الاقتصادي السوري في تقرير له في حزيران الماضي، أن “قضية الغاز من القضايا الحساسة في الملف السوري، إذ تشير العديد من الدراسات، ومنها تابعة لحكومة النظام السوري، إلى وجود العديد من الأحواض النفطية التي تحتوي على الغاز والنفط موزعة على مناطق في البادية السورية وعلى السواحل السورية أيضًا، ولكن لم يتم التنقيب عنها بعد لتدخلات دولية عديدة.

وإلى جانب وجود آبار النفط والغاز، أشار المصري إلى أهمية تركيب ألواح شمسية في البادية، بسبب مساحاتها الواسعة التي تتعرض للشمس دائمًا، الأمر الذي يولد طاقة ويمدّ المناطق القريبة بطاقة بديلة “ثمينة”.

حلمٌ بـ “طريق الحرير”

الهجوم على البادية بدأته قوات الأسد والميليشيات الإيرانية بدعم جوي روسي، في محاولة إيرانية لفتح معبر بري من طهران إلى الساحل السوري مرورًا بالعراق والبادية، بهدف نقل إنتاجها من الغاز والنفط الخام.

وكانت إيران وقّعت، في تموز 2011، اتفاقًا مع النظام السوري والعراق لمدّ أنبوب عبرهما إلى البحر المتوسط ثم أوروبا ينقل 110 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا.

كما تحاول إيران تحقيق حلمها في التحول إلى مركز اقتصادي يصل شرق آسيا بأوروبا وإفريقيا بخطوط برية عبر مشروع “إيران قلب طريق الحرير”، الذي طرحه الرئيس الأسبق، هاشم رفسنجاني، أواخر الثمانينيات القرن الماضي، وأعاد طرحه في 2013 الرئيس الصيني، شي جينينغ، بحلم ربط بلاده مع أوروبا وإفريقيا بشبكة طرق يمر أحدها من إيران إلى العراق وسوريا، الأمر الذي لاقى ترحيبًا من قبل طهران.

أما روسيا، التي سيطرت على الثروات في الساحل السوري عبر اتفاقيات طويلة الأمد مع النظام السوري، فتكمن مصلحتها في تحقيق إيران هدفها في الممر البري، بحسب المنتدى الاقتصادي، لأن ذلك يعطي موسكو قوة سياسية واقتصادية أكبر عبر تسويق الممر حسب مقتضى الحاجة، والتحكم بسوق الغاز وتسويقه في دول الاتحاد الأوروبي.

صدام مع أمريكا وبريطانيا

المشروع الإيران والروسي لاقى تصادمًا مع المصالح الأمريكية والبريطانية التي تدخلت في المنطقة وأقامت قاعدة عسكرية في التنف، على الحدود السورية العراقية، بحجة محاربة تنظيم “الدولة”.

وبدا هدف واشنطن بالقضاء على مشروع إيران واضحًا في خطاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في قمة الرياض عندما أكد على ضرورة تحجيم مشروع إيران وكبح جماحه، إضافة إلى الهدف الاقتصادي بالسيطرة على ثروات المنطقة، فأمريكا تاريخيًا لا تدخل حربًا دون فائدة اقتصادية.

وبين رحى الحرب بين الدول المتصارعة يبقى السوريون خارج الحسابات، فالدول لا تأبه بالآثار والخسائر الاقتصادية التي يمكن أن يتعرض لها السوريون لسنوات طويلة نتيجة وضع يدها على ثروات بلادهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة