اللافعل الكبيرة المنسيّة

tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – العدد 110 ـ الأحد 30/3/2014

4486126907_c5858e12e8_z copyبلال العلي

حين تذكر الكبائر والفواحش والمنكرات يتبادر إلى ذهننا على الفور أحد الأفعال الفاحشة كالزنى وشرب الخمر وما إلى ذلك، ونحن ندأب على تجنّب تلك المنكرات منذ صغرنا نتيجة كثرة التحذير من مخاطرها وآثارها من قبل الأسرة المتمثلة بالوالدين، ورجال الدين الذين ما برحوا يعظون الناس ويحذرونهم من الاقتراب منها كي لا تودي بهم تهلكة في الدنيا وجحيمًا في الآخرة.

والسؤال، هل فكر هؤلاء يومًا بما هو أكبر وأعظم من ذلك؟ هل فكروا يومًا بما يودي بالفرد والمجتمع في الحضيض وينخر فيه حتى يغدو هشًا ضعيفًا لا يقوى على شيء؟ هل فكروا باللافعل؟ نعم اللافعل.. تلك الكبيرة المنسية.

لن أبالغ إن قلت إن هذه الكبيرة ربما تكون في وقت من الأوقات، إن لم أقل في كل الأوقات، من أعظم الكبائر، ولن أتخطى حدود المعقول إن قلت إن كل فعل منكر وراءه لافعل، كيف لا والقرآن ربط خيرية الأمة بمبدأ الفعل، ونقيض ذلك لا شك شر مستطير (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ). لن أخوض في تفصيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ليس موضعه، ولكني سأؤكد على فكرة الفعل الإيجابي، هذا الفعل الذي يحمي المجتمعات ويسهم في تطورها ويأخذ بيد أفرادها إلى النجاة والسعادة والرخاء، صحيح أن الإيجابية هي فعل (مواجهة) يتطلب المخاطرة وقد يحتمل الربح والخسارة كما يقول أحد المفكرين، بينما السلبية تراهن على الاستقرار، ولو في بناء آيل للسقوط.. وهذا بالضبط ما كنا نراهن عليه قبل الثورة، استقرار زائف نتيجة عقود من السلبية واللافعل.

رب قائل، هل تعجبك الحال التي وصلنا إليها نتيجة الفعل الذي تدعو إليه؟ بالطبع حالنا هذه لا تسرّ ولكنها نتيجة حتمية لسلبية طال أمدها ولزمتنا حتى غدت من طبائعنا، ثم جاء الفعل (المواجهة) فكان كالزلزال المدمّر الذي يأتي على أبنية هشة فيتركها أثرًا بعد عين، وهنا يأتي دورنا بإعادة بناء المجتمع بأسس وقواعد متينة من خلال اتخاذ موقف قيمي من كل ما يدور حولنا، موقف يتبعه فعل يغير من الواقع المرير الذي نعيشه، فعل يجعلنا نمضي عن هذه الدنيا وقد خلفنا فيها أثرًا إيجابيًا يجعل حياة من يأتي بعدنا أفضل مما كانت عليه، وبالتالي يجعلهم يحثون الخطى بأفعالهم نحو الوصول بالأمة إلى «خير أمة أخرجت للناس».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة