باسل شحادة.. شهيد الطائفة السينمائية.. تضحية بلاحدود

tag icon ع ع ع

«أنا درست معلوماتية.. لقيت حالي محدود بمعادلات مملة ومكررة.. قمت درست اَثار.. بس تفاجئت من كتر المستحاثات ببلدنا.. قمت درست إخراج.. حبيتا.. بس كان بدي اتميز أكتر قمت طلعت عأميركا.. غريبين هالأميركان.. نفش حال عالفاضي.. تافهين.. أنا راجع عبلدي أخدت بسكليتي وسقتا عالهند مشوار شم هوا.. لقيت الأرض ما وسعتني.. ما لقيت غير حمص تفهمني وأفهما .. ضمتني حمص حتى غمضت عيوني.. أنا.. باسل شحادة».

            هذه الكلمات كانت قد زينت صفحته وجعلت كل من يقرئها يلتمس في شخصيته روح التفاؤل والتحدي والسعي الدائم وراء تحقيق هدفه.. نعم هو الشهيد البطل باسل شحادة (27 عامًا) من حي القصاع في دمشق، عمل في الجمعية السورية للبيئة، كان يؤلف ويلحن أغانٍ للأطفال، ولعل من أبرز ما قدمه فيلم «أغاني الحرية» حول النضال السلمي وأهميته من خلال مقابلات أجراها مع مفكرين عرب وغربيين، نورمان فبنكلستين ونعوم تشومسكي وإيريكا شينويث ورزان زيتونة، إضافة إلى عشرات الأفلام القصيرة والتقارير…

            درس المعلوماتية في جامعة دمشق قبل أن يحصل على منحة برنامج تبادل الطلاب الذي تقدمه الولايات المتحدة عبر سفارتها في دمشق ومركز الميدايست «منحه فولبرايت»…. سافر ليدرس الإخراج السينمائي في الولايات المتحدة ولكنه غادر جامعته تاركًا وراءه أحلامه ليحقق الهدف الذي طالما تمناه كل سوري..!! فالحرية والكرامة والعدل والديمقراطية أسمى حلم..

قدم باسل إلى سوريا لينقل للعالم ما يجري من أحداث فيها، لقد رفض أن يكون أنانيًا وتخلى عن طموحه الشخصي في سبيل تحقيق طموح شعب بأكمله..! فكان من أوائل الثوار الذين خرجوا مطالبين بالحرية حيث اعتقل مع ناشطين عقب مظاهرة المثقفين الشهيرة في تموز الماضي.. كما وعمل على عدة مشاريع منها مشروع نقود الحرية الذي كان من إبداعه وتصميمه ونفذ ضمن فعاليات روزنامة الحرية..

انتقل باسل لينضم لثوار حمص منذ ما يقارب الثلاثة أشهر حيث أصبح أحد أهم مصوري حمص، ولا ننسى سعيه الدائم للتأكيد على وحدة السوريين وإثبات عدم طائفية الشعب السوري حيث اعتاد في فترة مكوثه في حمص على مشاركة إخوته المسلمين في صلواتهم من المساجد لينطلقوا من بعدها معًا لطلب الحرية متكاتفين ومتعاضدين كالجسد الواحد..!! وكان يسعى جاهدًا لأن يقدم خبرته في المونتاج لمصوري حمص فقد درب أكثر من خمسة عشر شخصًا خلال فترة إقامته في حمص، ومن أبرز طلابه البطل أحمد الأصم (أبو إبراهيم) الذي أخرج العديد من التقارير من أشهرها التقرير الأخير حول التهجير في حمص بالإضافة إلى تصويره العديد من الفيديوهات ..

            استشهد البطلان أحمد وباسل مع صديق ثالث لهما أثناء تغطيتهم لأحداث باب السباع في حمص برصاص قوات الأسد الوحشية بتاريخ 28-5-2012…

كما منعت قوات الأمن تشييع جثمانه الطاهر عند مسقط رأسه في دمشق..! فأبى أصدقاؤه الأحرار في حمص إلا أن يحتفلوا بشهادته فغنى عبد الباسط الساروت «أغنية جنة جنة» حاملين جثمانه وصوره مودعينه إلى مثواه الأخير على الرغم من القصف والحصار..

كما ودعى أصدقائه وأهله في دمشق عصر الخميس 31 أيار إلى قداس لراحة نفس الشهيد باسل في كنيسة كيرلس للروم الكاثوليك، ولكن سرعان ما انتشرت قوات الأمن والشبيحة في المكان مكشرين عن أنيابهم فأغلقوا على الفور أبواب الكنيسة وألصقوا على بابها عبارة تم تأجيل التشييع!! خوفًا من عصيان واحتجاجات قد تسكن الساحات وتسقطهم وتسقط قائدهم..

ستفتقدك سوريا يا باسل.. ستشتاق كاميرتك أن تتلمس أزرارها لتوصل حقيقةً للعالم سعى المجرمون بشتى وسائلهم أن يشوهوها.. كما وسيفتقدك أهلك وتلاميذك الذين تعلموا منك الكثير، فمن آثر حلم الشعب على حلمه الشخصي كيف لا يكون أستاذنا ومعلمنا؟؟! هنيئًا لك يا باسل فلقد نلت ما تمنيت.. هنيئًا لك شهيد الطائفة السينمائية… باسل شحادة




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة