مخبري يصنع أجهزة فصل الدم الطبية في الغوطة

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن مطلق

على مدار أكثر من عامٍ ونصف، عمل مخبري التحاليل الطبية، خالد أبو الوليد، على تصنيع أجهزة “التثفيل” يدويًا، التي تفصل مكونات الدم الصلبة عن البلازما، ويُعتمد عليها في تشخيص الأمراض، إلى أن تُوّج عمله بالنجاح.

بعد العمل على نماذج مختلفة وتصنيع عشرات القطع والأجزاء، التي أُتلف معظمها، استطاع خالد صناعة “مثفلة أنابيب كبيرة وأخرى صغيرة (هيماتوكريت)، ويقصد بها النسبة المئوية لحجم خلايا الدم”، وهما أساس عمل مخابر التحاليل الطبية.

 يفصل الجهاز عناصر الخلوية للدم عن السائل الطافي (البلازما)، كما يُعتمد عليه في الحصول على “الرُكازة” في التحاليل البولية، التي تفصلها المثفلة وتُشخّص الأمراض على أساس محتوياتها.

كبديلٍ عن الأجنبية الجاهزة، اعتمد المخبري على القطع محلية الصنع، منذ بداية عمله على تطوير القطع والهياكل، مطلع عام 2016، كما يقول لعنب بلدي، “بدأت العمل بحل المشاكل الصغيرة، معتمدًا على جهاز مُعطّل من الأجهزة المستوردة في الغوطة، الذي فككته وتعرفت على آلية عمله”.

وبحكم معرفته بالمواصفات الفنية التي يعمل عليها جهاز “تثفيل الدم”، كونه مخبريًا، حاول جاهدًا تطبيق مكونات الجهاز وفق  شروط محددة، أبرزها سرعة الدوران وتوافق القطع وأوزانها ضمن الهيكل الخارجي.

استُهلكت معظم أجهزة فصل الدم في الغوطة، خلال فترة الحصار، وغدا البعض الآخر في نهاية عمره العملي، وفق المخبري، الذي اعتمد في عمله على كهربائيين ومالكي مخارط لصناعة قطع الأجهزة.

بعد صناعة ثلاثة نماذج نجح العمل، وفق خالد، الذي يوضح أن “الجهاز ذو حساسية كونه يدور آلاف الدورات في الدقيقة، ويمكن أن ينكسر أو يسبب أضرارًا لمن يستخدمه”.

ضمن الإمكانيات المتاحة، وفي ظل غياب المعادن المُستخدمة في الصناعة، والبلاستيك المُخصص الذي كان يصل الغوطة، من منطقة “حوش بلاس” الصناعية قرب دمشق، عمل خالد حتى حصل على نفس النتائج التي أعطتها “المثفلات” الأصلية، على حد وصفه.

“أتممت صناعة وتركيب أربعة أجهزة، من أصل عشرة ضمن المشروع لم يبق سوى تركيبهم”، يقول المخبري مبررًا سبب إعلانه عن مشروعه نهاية تموز 2017، “لضعف القدرة المادية فالمشروع بدأ شخصيًا، بعد أن طرحته على كثيرين ورفضوا التعاون لاحتمالية فشله الكبيرة”.

ويبدي المخبري في “المكتب الطبي الموحد في الغوطة” محمد خير بدران، إعجابه بفكرة إعادة تدوير الأجهزة المتوفرة لتصنيع أخرى.

ويرى محمد أن تقييم الجهاز حديث الصنع يتطلب وقتًا، “لا أستطيع الحُكم عليه قبل أن أراه”، موضحًا “نستقبل في المخبر ما لا يقل عن 60 مريضًا في اليوم، ويجب اختبار قدرتها على العمل لأكثر من 20 مرة متتالية”.

لـ”المثفلات” أنواع يختلف سعرها في دمشق، بين 400 وحتى 1500 دولار لليابانية من نوع “هيتاشي”، ورغم أن عمل الجهاز المصنع يدويًا ليس بجودة الأخير، إلا أن تكلفته أقل وتتراوح بين 150 و200 دولار، وفق خالد.

وقبل إغلاق الأنفاق عقب سيطرة النظام على القابون، أيار الماضي، كانت تكلفة وصول أجهزة فصل الدم إلى الغوطة، تصل إلى 700 دولار، تتضمن ثمنها وأجرة نقلها، “عدا عن صعوبة شرائها في ظل فرض النظام تحديد الجهة الطبية التي ستحصل عليها”.

“يكفي أنني استطعت الوصول إلى مرحلة النجاح، وكسرت الهاجس الكبير الذي لطالما رافقني في المخبر”، يختم خالد حديثه، مؤكدًا “صنعنا القطع في الغوطة وبالتالي أمر الصيانة سهل جدًا”.

ويتمنى المخبري أن تُوزّع إحدى الجهات أجهزته على المخابر، “المشروع في حال بقي على شخص واحد يُرهقه”، مشيرًا “ثمن تكلفة الجهاز ليست كبيرة وكل ما آمله توزيعها فكثيرون لا يعرفونني ولكنني أؤمن بضرورتها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة