تعا تفرج

الداعشي أحسن من النصراوي

خطيب بدلة

camera iconخطيب بدلة

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

أغرب ما مر عليَّ، مؤخرًا، هو أن يفكر البعضُ بأن جبهة النصرة ممكن أن ترأف بحال أهل إدلب وتقول لهم: لا تواخذونا يا جماعة، استروا ما رأيتم منا، وفتناكم بعافية.. وتدير ظهرها وتمشي لتجنب الأهالي تهديدات الروس والأمريكيين والإيرانيين. بل إن العكس هو الذي سيحصل، وفي أقرب فرصة سترفع “النصرة” علمَ تنظيم القاعدة في سماء محافظة إدلب، عاليًا خفاقًا، وتعلنها إمارةً سلفية جهادية، ليصبح تدميرُها أمرًا لا مندوحة عنه.

نشرتُ هذا الكلام على صفحتي، وعلى إثره تلقيتُ “بهدلة” وتوبيخًا وتقريعًا على طولي وعرضي من أخ مجاهد محترم، كتب لي ما معناه، أنني، وأمثالي “جرابيع” نخاف من الأمريكيين، والروس، والمجوس الأنجاس، ولا نخاف من الله تعالى.. وأضاف: يا إمعات، يا خفافيش، يا علمانيين، يا كلاب، إن المجاهدين الذين تطالبونهم بالخروج من مدينة إدلب يحمونكم من الصليبيين والنصيرية والشيعة الروافض الذين يريدون أن يستبيحوا نساءكم، و”يضرطوا” بشواربكم، وعلى كل حال إذا دُمرت البلاد فوق رؤوس أهاليها، كما ترجفون وتفترون وتتخرصون، فهذا يعني أن أمر الله قد وقع، ولا راد لأمر الله لو كنتم تفقهون.

وجدتُ أن الطبل، في هذا الحوار، قد أصبح في حرستا والعرس في دوما، فكتبتُ للرجل: أهلًا بك أيها الداعشي المحترم، من حقك أن تبهدلنا، فتكسب بنا قدرًا كبيرًا من الثواب، ومن واجبنا أن نطأطئ رؤوسنا أمامك، لأنك لا تبهدلنا لولا عطفك علينا. فانتفض الرجل وقال لي: واضح جدًا يا خطيب بدلة أنك جاهل، فأنت لا تعرف أنني، في سنة 2014، كنت أول من اعترض على دخول داعش إلى بلدتي، وحينما غادروها إلى الرقة لم أزعل عليهم، والله يشهد.

كتبت للأخ المجاهد أن أول خطأ ارتكبَه هو اعتراضُه على دخول داعش إلى قريته حينئذ، وثاني خطأ هو أنه لم يقف بصدر عارٍ أمام أرتال داعش التي كانت تستعد لمغادرة بلدته إلى الرقة قائلًا لهم “والله لا أدعكم تخرجون، أيها الإخوة، إلا على جثتي!”.. فالدواعش، كما أوضحتُ للرجل، أحسن منه بكثير، وأكثر منه إيمانًا وتدينًا وورعًا، ففي مثل حالتنا يدخل الدعدوش إلى صفحتي كما لو أنه يدخل بيتي، فيطرق الباب، ويستأذن مني، ويسلم علي وعلى ضيوفي، وإذا جلس فإن أول شيء يفعله أنه يخلع الخف، ولا يمدّ رجليه لئلا يصرعنا برائحة سرواله وجوربيه، ويخاطبنا بالحسنى عسى أن يهدينا الله ونصبح دعاديش محترمين، مثله، وبدلًا من أن يقول لنا “جرابيع” يقول لنا: يا أخي، ويا شيخ، ويا مجاهد، ويا مرابط، وإذا كان معه حزامان ناسفان فقد يتجرأ ويسألني، بأدب، إن كانت الأخت “أم مرداس” توافق على وضع أحدهما في الغسالة، ليرتديه على نظافة، وإذا فجر نفسه ليكسب ثوابه فينا، فإنه يفعل ذلك في آخر المطاف، لا كما فعلتَ أنت حينما وصفتنا بالـ “جرابيع”، فورًا، من الباب للطاقة!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة