السوريون الذين تاهوا بحثًا عن أوروبا المخطوفة

أسطورة أوروبا كما رسمها الفنان الهولندي رامبرانت - (eurocles)

camera iconأسطورة أوروبا كما رسمها الفنان الهولندي رامبرانت - (eurocles)

tag icon ع ع ع

القارة التي لم تملك اسمًا قبل خمسة آلاف عام، ستحمل اسمًا أبديًا من أميرة سورية أتتها من خلف البحار على ظهر ثور، أوروبا.

تبدأ القصة، بحسب الأسطورة اليونانية، من تلك الليلة المرعبة التي رأت فيها ابنة ملك “صور” الفينيقي “أوجينور”، وهي أميرة جميلة تدعى “أوروبا”، كابوسًا غريبًا عن امرأتين تتنازعنها كلّ واحدة في جهة.

ولأن الأميرة شعرت بالخوف لم تتمكن من العودة إلى النوم، وطلبت من وصيفاتها أن يتمشين معها قليلًا على شاطئ البحر، عل نفسها تهدأ.

وحين أصبحت الأميرة على شاطئ البحر، رآها كبير آلهة معبد الأولمب “زيوس”، فانبهر كبير آلهة الإغريق بجمال الفتاة الفينيقية.

ولأن آلهة اليونان برعوا في المكائد، فإن عين “أفروديت” آلهة الحب، لم يفتها هذا المشهد، فوجّهت سهامها إلى قلب “زيوس”، الذي قفز قلبه من عتبة الإعجاب إلى جنون الحب.

لم يجرؤ “زيوس” على الاقتراب من الأميرة الجميلة، خشيةً من جنون زوجته “هيرا”، التي لا تتساهل أبدًا مع غيرتها، وتفتك بخصومها إلى درجة القتل.

حتى وردت إلى ذهنه فكرة التنكّر بهيئة ثور جميل المظهر، واقترب من الفتيات حتى أبصرته أوروبا ولمسته، فأصدر خوارًا رقيقًا، وانحنى لتمتطيه الأميرة.

ولأن الثور كان في غاية الوداعة، فإن الأميرة لم تتشكك بالمصير الذي ينتظرها على بعد خطوة واحدة، حين جلست على ظهره، فانطلق بها نحو البحر.

وحين كان يعبر الثور على أمواج البحر التي استوت وكأنها أرض صلبة، ظهر إله البحر “بوسيدون” يرافقه ملائكة المياه، وهم يزغردون من يمين ويسار الأميرة المخطوفة.

وما إن وصل زيوس بالأميرة المخطوفة إلى جزيرة كريت (قبرص)، حتى كشف عن شخصيته وطلب منها الزواج، ليصبح أشهر أبنائهما حُكّام عالم الأموات بسبب ما عُرف عن عدالتهما.

ثم تابع العروسان طريقهما إلى اليونان، ومن هناك رغبت الأميرة بزيارة أراضٍ جديدة، فاكتشفت قارّة لم يكن لها اسم من قبل، فاختار السكّان اسم أوروبا تكريمًا للأميرة التي وصلتهم من المجهول.

على الجهة الأخرى من البحر المتوسط، كان ملك “صور” يقف حزين القلب، والأصابع تُشير إلى الجهة التي اختفت وراءها ابنته، “غوروبا” أي حيث تغرب الشمس في اللغة الفينيقية.

أرسل الملك الغاضب والحزين، أبناءه للبحث عن أختهم، وحين وصلوا إلى اليونان لم يتمكنوا من التواصل مع الناس لعدم وجود لغة مشتركة، فقام “قدموس” بتعليم الأهالي اللغة الفينيقية متنقلًا من مدينة إلى أخرى، بحثًا عن أخته المخطوفة، ناشرًا أولى أبجديات التاريخ.

جميع محاولات البحث باءت بالفشل، فتشتت الأخوة السوريون في أنحاء الأرض، وبنوا المدن والحضارات التي ستصبح منارة للحضارة الإنسانية من بعدهم.

أثّرت قصة الاختطاف هذه بالفن والأدب، فرسم العديد من الفنانين لوحات تمثّل الأسطورة، كما كتب آخرون قصائد عن أوروبا المخطوفة.

وحين اعتمد الأوروبيون اليورو عملة موحّدة لقارتهم، اختارت اليونان أن تطبع صورة الأميرة الفينيقية على فئة الاثنين يورو، تكريمًا لذكراها. فيما أصدرت فرنسا طابعًا يرمز للأسطورة عام 1998.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة