حتى لا يفقدوا ربيعهم

متطوعون يؤهّلون أطفالًا سوريين في أورفة

tag icon ع ع ع

أورفة – برهان عثمان

تبتسم نور ذات السنوات التسع أثناء استماعها لقصة “العهد”، التي تتحدث عن طفل عمل جاهدًا للوفاء بوعد قطعه لصديقه، كأحد دروس تعليم أهمية الوفاء بالعهود والمواثيق، التي يديرها متطوعون سوريون، في مدينة أورفة التركية منذ أسابيع.

أعجبت الطفلة اللاجئة من حلب بالحكاية العالمية، وتقول لعنب بلدي ”تعلمت عِبرًا كثيرة، الصدق والوفاء وتأثيرها بحياتنا“. كلماتٌ بريئة من طفلة عانت التهجير، لتجد من منطقة الأيوبية في أورفة سكنًا مع أفراد أسرتها.

ظروف العائلة “السيئة” أجبرت نورعلى بيع المناديل، متنقلة في شوارع أورفة مع اثنين من إخوتها، وتقول إنها تحب أن تكون بالمدرسة، تدرس وتلعب مع رفاقها، لكنها مجبرة على العمل لتعيش مع أهلها.

لأن سعادتهم مفتاح سعادتنا

يعمل المتطوعون تحت شعار “لأن سعادتهم هي مفتاح سعادتنا ولأن مستقبلنا بين أيديهم فيجب أن نهتم بهم”، مستهدفين عشرات الأطفال لتعليمهم وحل مشكلات متفاقمة يعيشونها، بإيراد المعلومات من خلال اللعب والتسلية، رغم أن الفكرة ليست جديدة، كما يقول عبد الرحمن الصالح أحد المتطوعين لعنب بلدي.

يرى المتطوع أن استخدام التعليم مع اللعب، كما هو معروف حول العالم، فعّال في إيصال الأفكار والمعلومات، مشيرًا إلى أن “الطفل السوري ذكي بفطرته، كما أن التعلم حق للجميع وواجبنا نحو الأطفال ترسيخ لغتهم الأم هنا، والحفاظ على الأخلاق والقيم ضمن المجتمع الجديد”.

يُعلّم المتطوعون الأطفال كيفية حماية أنفسهم، في ظل عملهم في الشارع واحتكاكهم المستمر بالغرباء، إضافة إلى تشجيعهم من خلال هدايا بسيطة، كما يوضح عبد الرحمن، الذي يؤكد أن عملهم يقتصر على شريحة صغيرة من الأطفال السوريين في أورفة.

المتطوعة أسماء العبد الله (25عامًا) من دير الزور، تقول إنها تستخدم وسائل تعليمية أولية، كالقماش وقراءة القصص ومسرح الدمى والعروض الكرتونية، مشيرةً إلى تعليم الأطفال “المفاهيم السلوكية وبعض قواعد اللغة العربية وعمليات الحساب البسيطة”.

وترى أسماء أن من واجبها العمل مع الأطفال، وخاصة من يقطنون في المناطق الفقيرة والمهمشة المنقطعين عن الدراسة، فـ “لا بد من نشر الوعي حتى لا يصبحوا ضحيةً للجهل والأمية ومخاطر أخرى كالتحرش، في بيئة غريبة قد لا يستطيعون فيها الدفاع عن أنفسهم “.

خطوة في الاتجاه الصحيح

عشرات الآلاف من الأطفال السوريين يعيشون ما تعيشه نور، ويبحثون عمن يعيد إليهم شيئًا من طفولتهم المسروقة، ويقول المُدرّس في أورفة زاهر العلي (32 عامًا)، المنحدر من دير الزور، إن مبادرة المتطوعين “خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تجاوز بعض مشكلات السوريين الحالية والمستقبلية”.

“نحتاج إلى من يضمّد جراح الحرب السورية المستمرة”، من وجهة نظر المُدرّس، الذي يرى أن القضاء على مخلفات الحرب، يحتاج إلى عقود طويلة وتضافر جميع الجهود السورية، مؤكدًا “هناك مستوىً مرعب من الأمية والجهل بين الأطفال، ويُعاني الكثير منهم من مشكلات نفسية وثقافية في مجتمع غريبٍ عنهم”.

ويُشدد العلي على أن “المبادرات لوحدها تبقى قاصرة عن حل المشكلة، التي تتراكم نتائجها السلبية مع مرور الزمن”.

رغم التحاق أعدادٍ كبيرة من الأطفال السوريين في المدارس التركية والسورية، إلى جانب المعاهد الشرعية في أورفة، إلا أن آلافًا من أقرانهم لم يدخلوا المدارس أو تسربوا منها نتيجة ظروف معيشتهم.

لا إحصائيات دقيقة عن أعداد الأطفال وأوضاعهم التعليمية في أورفة، وبينما تتعقّد مشاكلهم ويصعب حلّها، يُحاول مبادرون من المثقفين السوريين رأب الصدع أو التخفيف من حدته على الأقل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة