أقدم نوتة موسيقية في التاريخ.. تتردد أصداؤها في سوريا

الرقم المسمارية التي عُثر عليها في أوغاريت (انترنت)

camera iconالرقم المسمارية التي عُثر عليها في أوغاريت (انترنت)

tag icon ع ع ع

ربما لم يكن لسكّان تل رأس شمرا في اللاذقية أن يعرفوا قبل العام 1928، أن مهنتهم في الزراعة متوارثة عن أسلافٍ سبقوهم بنحو 4400 وفق ما تشير الآثار المكتشفة حتى الآن.

ليس هذا فقط، بل على الأرجح فإن الأغاني والأهازيج التي تصدح بها حناجرهم أثناء أعمال الحراثة أو الحصاد، تحمل الكثير من الأنغام التي تعود إلى الحضارة التي عرفت أقدم تدوين موسيقي في العالم، أوغاريت.

فبعد أن اكتشف فلاح من رأس شمرا سقف مدفن أثري أثناء حرثه لحقله، توالت البعثات الأثرية للكشف عن الحضارة المدفونة قبالة ساحل البحر المتوسط، ثم توقفت عام 1939 بسبب الحرب العالمية الثانية، وبعد استئناف الأبحاث تم الكشف عن أقدم تدوين موسيقي في العالم عام 1948.

أنشودة الإلهة نيكال

كانت النوتة الموسيقية مكتوبة على لوحات مسمارية تعود للعام 3400 قبل الميلاد، وهي لحن مرافق لأنشودة زوجة إله القمر.

وتدور قصة النشيد حول إلهة محلية في أوغاريت تدعى “نيكال” وهي زوجة إله القمر، ونيكال هذه حزينة بسبب عقمها وعدم إنجابها للأطفال، بالرغم من أن زوجها هو الإله الذي يمنح الذرية للأزواج، بحسب الرواية المتوارثة.

وتقول كلمات النشيد الذي ترجمه كمال شاهين عن الإنجليزية:

سأرمي عند قدمي الحق (أو قدمي عرشك المقدس) خاتم رصاص

سوف أتطهر؟ وأتغير من الخطيئة

لم تعد الخطايا تغطيها ولا حاجة أكثر إلى تغييرها

قلبي مطمئن بعد أن أوفيتُ نذري

سوف تعزني مولاتي

ستجعلني عزيزًا على قلبها، فنذري سيغطي ذنوبي

وسيحل زيت السمسم بدلًا مني.

في حضرتك اسمحي لي

إنك تجعلين العاقر خصيبة

والحبوب تعلو صعودًا

إنها، الزوجة، التي ستحمل الأطفال إلى أبيهم

هي التي إلى حد الآن لم تعط أطفالًا تحملهم…

تفسير نوتة أوغاريت

كانت الرقم المسمارية مكتوبة باللغة الحورية وبأسلوب تظهر فيه كلمات وأرقام، ما جعل مهمة فك محتواه عسيرة على الباحثين.

وكان أبرز من حاول في هذا الصدد هو العالم الفيزيائي جورج فيتالي، الذي تعود أصول عائلته إلى المملكة المتحدة البريطانية، لكنها استقرت منذ حوالي عام 1800 ميلادي في اللاذقية.

تمكن فيتالي من استخلاص لحن مدته ثلاث دقائق وأصدر تسجيلين له، واحد عزفته الفرنسية تيريز مونلو على البيانو، وآخر عزفه الموسيقي السوري سعد الله آغا القلعة على آلة السنتور.

وتمكن الموسيقار السوري مالك جندلي من إعادة توزيع النوتة وتقديمها في مسارح عالمية حول العالم باسم “أصداء من أوغاريت”.

وتكمن الصعوبة في تقدير الأساس الذي يجب أن تبدأ منه المقطوعة الموسيقية، لذلك كانت تختلف كلما حاول أحد الباحثين قراءتها بأسلوب مختلف، لكنها دومًا كانت تنتج لحن موسيقي متجانس.

حقائق غيرتها ألحان أوغاريت

وكشفت الألواح عن الأبعاد بين العلامات وأسلوب دوزنة الأوتار، وهكذا انتبه العلماء أن الرقم المسماري يستخدم سلم فيثاغورث الموسيقي.

وهو ما يعني أن السوريون اكتشفوا هذه الحقائق الرياضية قبل فيثاغورث بـ1500 عام، وأنهم واضعين أساس السلم الموسيقي المعتمد عالميًا اليوم.

وقبل هذا الاكتشاف كان العالم يعتقد أن أقدم قطعة موسيقية تعود إلى شاعر إغريقي قديم يدعى يوربيدس، حين تم تلحين قصيدته “أوريستس”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة