السكن الشبابي في لبنان … زنازين مؤجرة وسجانون من نوع آخر

tag icon ع ع ع

عنب بلدي ــ العدد 118 ـ الأحد 25/5/2014

DSC04299محمد زيادة – عنب بلدي

يعتبر بعض الشباب السوريين أن النزوح إلى البلدان المجاورة ربما يؤمن سكنًا مريحًا أو فرصًا لبناء المستقبل، أو على الأقل الحدود الدنيا للحياة الكريمة التي يرنون إليها، لكن هذه الخواطر لا تلبث أن تتلاشى حال وصولهم إلى هذه الدول، ومحاولاتهم البحث عن مسكن أو عمل لائق.

في أحد أحياء مدينة زحلة الصناعية في لبنان، يستأجر أربعة شباب جامعيين في العشرينيات، نزحوا من مدينة داريا منذ كانون الأول 2012، غرفة صغيرة تبلغ مساحتها 12 مترًا مربعًا تتضمن الحمام والمطبخ، ويصل إيجارها إلى 130 دولار شهريًا. ويقول عبد الهادي أحد مستأجري الغرفة لعنب بلدي «ما توقعت بحياتي أسكن بهيك غرفة، ووقت دخلت عليها حسيت حالي فايت على زنزانة بالمخابرات الجوية».

فقد كانت الغرفة عند وصول الشباب إليها «غير صالحة للسكن، وتفوح منها رائحة العفن» كون أشعة الشمس لا تدخلها، ولكن «ضيق الحالة المادية وفقدان المأوى» أجبرهم على القبول بالإقامة المؤقتة فيها، ليقوم عبد الهادي مع رفاقه بتنظيفها وإلصاق ورق الجدران فوق «الذكريات المؤلمة» التي تركها مستأجر الغرفة السابق.

ويوضح عبد الهادي أن الحمام في الغرفة يأخذ مساحة صغيرة في زاوية الغرفة، يقبع فيها كرسيٌ أفرنجي من دون تمديدات للماء، «نستعمل الغالونات لقضاء حاجتنا، والسطل للاستحمام».

أما المطبخ فعبارةٌ عن مغسلة صغيرة من «الستانلس» إلى جانب الحمام، يعلوها رفٌ للأواني والأطباق وللتلفاز ذو الـ «14 بوصة» على حدٍ سواء، بينما يشغل الغاز الأرضي وسط الغرفة عند الطبخ، ليبقى «جزءٌ يسير من مساحة الغرفة للصلاة والنوم والجلوس ومائدة الطعام».

بينما وصف يمان طالب الاقتصاد الغرفة عند النوم بأنها «مستودع مخلل»، إذ يُغلق الباب ولا نوافذَ تساعد بتبديل هواء الغرفة المملوءة برائحة السجائر التي «تتعشق» بثياب رفاقه المعلقة على جدران الغرفة، مما يضفي جوًّا من «المخللية» أثّر سلبًا على صحة جهازه التنفسي، لكنه أردف «يلّي بدو حرية لازم يضحي».

وينوّه يمان إلى الخلافات والمشاحنات التي تتكرر في الغرفة كل فترة، عازيًا السبب إلى اختلاف أفكار رفاقه عن أفكاره، وبسبب «طريقة تعاملهم فيما بينهم على مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان»، لكن هذا لا يمنعه من مشاركتهم «الضحك والنكت أوقات المرح»، فمن دونها «تخيم الكآبة» على نفسه وتدعوه للتشاؤم.

الشيء الرئيس الذي يجمع الشباب المستأجرين هو «نظرة الحقد» على «أبو ميشيل» صاحب الغرفة، إذ يكرر تهديداته بإخراجهم منها، متحججًا بالصوت المرتفع الذي يصدر منهم، أو استهلاكهم كمية زائدة من الكهرباء، ويعلق يمان  مستهزئًا «حتى شبكة إنترنت ما سمحلنا نركب مشان ما نخربلوا منظر السطح بكبل الشبكة».

ورغم ضيق المكان وقلة السعة، يفتح الشباب باب غرفتهم للزائرين أو النازحين الجدد، إلى حين إيجاد مأوىً لهم أو لانتظار موعد سفرهم إلى بلدٍ آخر؛ وقد مدح الأخوان علاء وبراء، وهما ضيفان في الغرفة ينتظران السفر إلى مصر، حسن الضيافة والمعاملة الحسنة التي لقياها رغم «كل الألم الذي بدى على وجوه رفاقهم».

أما طارق وهو صديق لمستأجري الغرفة ويسكن بالقرب منهم، فقد تمنى «قصف راجمات الصواريخ على جبال الزبداني المطلة، للغرفة دون سكانها»، معبرًا عن «حرقة قلب» للحالة التي وصل إليها الشباب السوريون، وختم بكلمات اعتادها الشباب لإنهاء أي حوار «الله يفرج».

وبين سوء المسكن وتردي الأوضاع المادية يعيش مستأجرو الغرفة أيامًا «لن تنسى»، بانتظار ما تخبئه لهم الأيام القادمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة