الاغتيالات خارج “تخفيف التوتر”

حرب “الخطوط الخلفية” في درعا لم تتوقف

camera iconمقاتل من المعارضة السورية في مقبرة بريف درعا الجنوبي - 20 آذار 2017 (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

لم يغير إعلان مناطق “تخفيف التوتر” في الجنوب السوري من وتيرة استهداف الطرقات في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في درعا بالعبوات الناسفة، والتي تحولت خلال الأشهر الماضية إلى مسرح للانفجارات وعمليات الاغتيال اليومية، وسط عجز من الفصائل العسكرية عن مواجهة هذه “الحرب المشتعلة” داخل خطوطها الخلفية.

وتزامنًا مع ازدياد وتيرة الاغتيالات، طرحت تساؤلات عن أسباب فشل الفصائل في كبح هذه الحوادث أمنيًا وعسكريًا، وأسباب الاختراقات في تشكيلاتها من قبل قوات الأسد أو خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”.

لا تنسيق ولا غرفة عمليات

القيادي في كتائب “سيوف الإسلام” العاملة في ريف درعا، أبو مالك النعيمي، عزا تردي الحالة الأمنية إلى عدة أسباب، أبرزها “غياب التنسيق المشترك بين الفصائل، وغياب غرفة عمليات واحدة مهمتها حفظ الطرقات وتسيير الدوريات”، موضحًا أن “كل فصيل يعمل على منطقته بمعزل عن الآخرين”.

وتعمل في المنطقة فصائل تابعة بمعظمها إلى الجبهة الجنوبية في “الجيش الحر”، إلى جانب فصائل إسلامية، أبرزها “أحرار الشام” و”تحرير الشام”.

ورغم النداءات المتكررة من الفعاليات المدنية لضرورة حل هذه المشكلة، إلا أنها لم تجد طريقها للحل.

وقال القيادي النعيمي لعنب بلدي “عند وقوع أي حادث في منطقة ما، يتم تكثيف الدوريات والحواجز لأيام قليلة، ثم يعود الوضع كما كان سابقًا (…) عدم إدراك العناصر أن الحواجز للحفاظ على أمن الطرقات لا تقل أهمية عن الرباط على الخطوط الأمامية”.

وأوضح الأساليب التي انتهجتها قوات الأسد في حربها على الطرقات، عبر استخدامها لأنواع جديدة من العبوات الناسفة، مشيرًا إلى أن “العبوات مصنوعة على شكل صخور وأحجار بألوان وأحجام مختلفة، توضع على جانب الطريق، ثم تربط بدارات تفجير عن بعد”، وهو الأمر الذي زاد من صعوبة المهمة في اكتشافها، أمام فصائل المعارضة.

ما الحل؟

وبحسب وجهة نظر النعيمي “تحتاج الفصائل إلى تسيير دوريات على مدار الساعة على كافة الطرقات، لتفحص جوانب الطريق بشكل دقيق، إلا أن هذا الأمر غير ممكن حاليًا نتيجة طول المسافات، فالطرقات المقابلة لمناطق سيطرة قوات الأسد يتجاوز طولها 200 كيلومتر من أقصى الجنوب في مدينة درعا، وصولًا لمنطقة مثلث الموت من الجهة الغربية، ومنطقة اللجاة من الجهة الشرقية”.

ورأى النعيمي أن الحل لكبح هذه الاغتيالات يتمثل بـ “إنشاء جهاز مراقبة أو فصيل عسكري لا يتبع لأي من الفصائل، تكون له قيادة واحدة وغرفة تنسيق واحدة، وتتركز مهامه في حماية ومراقبة الطرقات من أقصى شمال المحافظة حتى أقصى جنوبها”.

وعن السبب وراء استمرار هذا النوع من الهجمات، على الرغم من دخول اتفاق “تخفيف التوتر” حيز التنفيذ، اعتبر القيادي أن “قوات الأسد لا تحترم الاتفاق أساسًا، ورفعت من وتيرة هذه العمليات لإنهاك فصائل المعارضة أكثر”.

اغتيال أكثر من 100 شخص

ومنذ بداية العام الجاري، وثق “مكتب توثيق الشهداء في درعا” مقتل أكثر من 100 شخص، النسبة العظمى منهم من مقاتلي فصائل المعارضة، نتيجة عمليات استهداف بالعبوات الناسفة على الطرقات الرئيسية.

وقال عضو المكتب عمر الحريري إن “معظم العمليات تكون مقصودة وليست عشوائية، وتستهدف السيارات العسكرية بشكل خاص، وسبق وأن بث إعلام النظام في أوقات سابقة مقاطع مصورة لهذه العمليات، لكن إعلان نظام تخفيف التوتر أجبر قوات الأسد على التوقف عن نشر هذه الفيديوهات، بهدف إظهار التزامه بإيقاف العمليات العسكرية”.

وأضاف لعنب بلدي أن “العمليات مماثلة تمامًا من حيث المكان وآلية التنفيذ وأنواع العبوات المستخدمة عما كان يقوم به قبل تطبيق الاتفاق، ما يؤكد تورط قوات الأسد فيها”.

وسقط خلال فترة إعلان “تخفيف التوتر”، بحسب توثيق المكتب 23 شخصًا، بينهم 19 من مقاتلي فصائل المعارضة.

وأشار الحريري إلى أن “قوات الأسد استهدفت أيضًا الناشطين الإعلاميين، كما حصل مع الشهيد أسامة الزعبي، الذي قتل بعبوة ناسفة على الطريق بين بلدتي الكرك الشرقي ورخم، برفقة أخيه وابن أخيه”.

وأوضح أن ما يزيد عن 17% من الضحايا الذين وثقوا منذ بداية العام 2017 في محافظة درعا قتلوا نتيجة الاستهداف بالعبوات الناسفة، في الوقت الذي تصل نسبة الضحايا نتيجة البراميل المتفجرة وغارات الطيران الحربي إلى 20% تقريبًا، في ذات الفترة الزمنية، لتؤكد الأرقام تأثير هذه الهجمات.

استفادت قوات الأسد من حالة الفلتان الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في إشعال حرب الخطوط الخلفية، وتدبير وتنفيذ عمليات تفجير واغتيال متعددة طالت في معظمها قادة وعناصر من الفصائل العسكرية، ولم يغير “اتفاق الجنوب” من وتيرتها بشيء، لتطرح هذه الحوادث تساؤلًا إلى متى ستبقى مناطق سيطرة فصائل المعارضة مسرحًا لهذه العمليات؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة