هل وجد التحالف بديلًا للأسد؟

tag icon ع ع ع

حذام زهور عدي

لكثرة التحالفات الموجودة على الأرض السورية، صار من المستحسن تحديد التحالف المقصود، والمقصود هنا: التحالف الأمريكي- الروسي- الإسرائيلي، بزعامة السيد بوتين، وتفاهماته الإقليمية، وتوابعه السورية.

لم يكن الزمن الذي مر بسيطًا على الشعب السوري، وهو يعاني ما يعانيه تحت حجة “البديل المناسب، والحرص على عدم انهيار الدولة السورية والتسبب بدولة فاشلة أخرى في شرق المتوسط”، وبصرف النظر عن شكلانية مثل تلك الحجج، وتفاهتها، وعدم اقتناع الصغير السوري قبل الكبير بها، ومع تجاوز تلك الترهات، فإن ما يحدث اليوم على الأرض السورية ولا سيما في الجنوب، والشرق والشمال والغوطة، وما يُحضر لإدلب، يوحي بمؤشر مهم على صعيد أمرين:

الأول أن تقاسم النفوذ والتفاهمات الدولية تسير قدمًا وتقترب من التوصل للحلول فيما بينها، وأن حلًا ما “للمسألة” السورية يناسب المقتسمين الكبار وبعضًا من الصغار يقتحم الآفاق، فقد ارتأى الكبار السير بالحل خطوة خطوة وفق النصيحة التاريخية للمعلم الكبير “كسينجر”، ويبدو أن الخطوة الأولى بدأت من الجنوب السوري، فمن الأهمية بمكان ترضية المؤثر والمتأثر الأهم “بالمسألة” السورية: إسرائيل… وطالما أنه لا يوجد مانع دولي أوإقليمي من تلك الترضية، فلتبدأ أولى الخطوات بها، وليتابع الخطوات الأخرى اللاعبون الإقليميون ويهيئوا الظروف المناسبة لتنفيذها، بعد أن حدد الكبار المسار العام.

أما الأمر الثاني: فهو إعلانهم بوضوح أنهم لم يجدوا أفضل من الأسد لضمان اتفاقياتهم، والتنازل عن سوريا لكل من ضمن له الكرسي، وليتركوا له جعجعة أوهام الانتصار، وليجعل الشعب يرقص فوق دمائه فرحًا بتلك الأوهام، فذلك كله لن يؤثر على مصالحهم قيد أنملة، طالما أنجز ما لن يستطيع غيره إنجازه، وواقع الحال لايسمح بمكاسب أكثر مما حصلها. أما فيما بعد وإذا كان لابد من تغيير الأسد، وإعطاء الشعب المكاسب الإعلامية المناسبة فليكن أحد الطامحين للرئاسة من الذين يقبلون ما يملى عليهم برحابة صدر، ولا يهم إن كان الشعب السوري يرضى به أم لا، فالتسويق الإعلامي في أتم جهوزيته، وأصوات من يطالب بإنهاء الكارثة وتوفير ما تبقى من الدماء وصلت الآذان البعيدة والقريبة وأصبح عدد الأصوات التي تطالب بحل ما وتقبل الوقائع المصنعة مناسبًا لما أراد الكبار أن يصلوا إليه، فما الذي يضطرهم للبحث عن ذلك البديل؟

الأخبار التي يسربونها تشي بقرب الإعلان عن انتهاء المعارك السورية، وأن اتفاقًا دوليًا شبه منتهٍ مع تكليف روسيا بتنفيذه، ولم يبق سوى مونتاج الفيلم بحيث تقتطع بعض من هوامشه لصالح هذا أو ذاك من أهل الحظوة المفيدة.

أما الوقائع على الأرض فتصرخ بالفم الملآن أن لا شيء يوحي بقرب السلام أو الاستقرار، فمازال أمام السياسة الروسية إنهاء مهمة داعش، وإنجاز تصفية المسلحين السوريين جميعًا بأشكال مختلفة، قد يكون منها القصف المعروف أو اغتيالات القادة أوإشعال الحروب البينية للفصائل المقاتلة أو الإغراء بإعادة من انشق عن جيش النظام إليه، أو من خلال مؤتمرات التهدئة والمصالحات المحلية بعد عواصف من الحرب النفسية وأعاصير التجويع والتمويت والإحباط والتيئيس…الخ، ومازال أمامها إقناع هيئة المفاوضات بالتوقيع على ما رسمته من تلك الحلول، بالتهديد تارة كجلب معارضة أخرى لمسايرة الوقائع الميدانية، والعمل على منع أي ولادة لمعارضة جديدة جادة تعيد للثورة ألقها وتحقق ولو بعض أهدافها، أو بطرق الالتفاف على مكوناتها وسحب بعض المجموعات المتلهفة للسلطة إلى آخر ما هنالك من ألاعيب السيد بوتين التي أصبحت واضحة لكل من أصيب بضعف بصر.

لكن التساؤل المشروع ليس فقط حول قدرة القمع الأسدي- الروسي- الإيراني على ضبط الشارع السوري وعدم تحوله إلى شارع عراقي يشهد التفجيرات اليومية، وإنما حول إن كان الاتفاق الدولي بتقاسم الشرق الأوسط كله، بثرواته الباطنية والظاهرية قد نضج أم لم ينضج بعد؟ وما مكانة سوريا فيه؟ وهل يسير الحل السوري بموازاة ذلك التقاسم؟ وغالب الظن أنه كذلك، فإن كان أمر سوريا مرتبطًا بتنظيم جديد للخليج العربي وشمال أفريقيا العربية، فهناك متسع من الوقت لتأهيل من أثبت أنه خير من أفضل بديل يختارونه لهذه المرحلة، ولسان من يخطط لأولياء الأمور يهمس: لمَ العجلة بالحل فلنتركه ينضج على نار هادئة، إلا إذا لاح بالأفق حراك شعبي يقطع الطريق على حساباتهم جميعًا.

ويبدو أن السيد بوتين أشد الرؤساء حيطة، لذا يستعجل النتائج لـ “أستانة 6” ويدفع دي مستورا لتصريحات الاستسلام، قبل أن يهب إعصار غير محسوب للشعوب من جديد، وتتبدل موازين القوى التي صرف زمنًا ليس بالقليل لصنعها، ووظف خبرات أجهزة الأمن السوفييتية السابقة من أجلها، وعندئذ لن يستطيع فرض البديل الذي واراه كاحتياط له، وربما سيفاجأ بالبدلاء الذين اختارتهم الشعوب بإرادتها الحرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة