“هدنة داريا“ على طاولة المفاوضات من جديد … والأهالي بين مؤيد ومعارض

tag icon ع ع ع

عنب بلدي ــ العدد 118 ـ الأحد 25/5/2014

10342503_675862615800589_901078379193744969_nعنب بلدي – داريا

عادت مباحثات الهدنة في مدينة داريا إلى الواجهة بعد أشهر على طرحها، وتصدرت نقاش أهالي المدينة داخلها وخارجها بين مؤيد ومعارض، وسط انقسام في الآراء واختلاف أسباب الرفض والقبول؛ عنب بلدي توضح تفاصيل المفاوضات ومطالب الطرفين، وترصد آراء المدنيين والمقاتلين المتباينة حول الهدنة.

  • عودة المفاوضات

طرحت اللجنة الخارجية للمفاوضات، والمشكلة من عدد من أهالي المدينة النازحين، ملف الهدنة لإعادة التفاوض حولها، والتوصل إلى «حل يرضي الأهالي والثوار والنظام» بحسب أعضاء اللجنة الخارجية، وصرّح عضو في اللجنة الداخلية لعنب بلدي أن اللجنة الخارجية «جاءت مدفوعة من قبل النظام لفتح طريق جديد للتفاوض، بعد فشل المباحثات الأخيرة التي حصلت بداية العام الجاري والتي لم يتم التوصل خلالها إلى أي اتفاق بين الطرفين».

وعلى أثر ذلك عقدت يوم الأربعاء 21 أيار عدة اجتماعات للأهالي ومقاتلي المدينة، للتفاوض حول الهدنة التي يطرحها النظام، واختتمت بحسب المراسل بحضور 32 شخصًا يمثلون مختلف الأطراف في المدينة ويعتبرون «لجنة موسعة للتفاوض».

وتم خلال الاجتماع التصويت على «إبقاء باب التفاوض مفتوحًا مع النظام بهدف وقف العدوان على المدينة، مع التأكيد على شرطي الانسحاب التام لقوات الأسد من المناطق التي تسيطر عليها، والبدء بإطلاق سراح المعتقلين»، بالإضافة إلى «حل لجنة التفاوض السابقة وتكليف الهيئة الرئاسية بتشكيل لجنة تفاوض جديدة».

وقد عينت اللجنة الجديدة بعد التشاور بين أعضاء الهيئة الرئاسية وبمشاركة قادة الألوية، وتضم أبو عماد خولاني وأبو تيسير زيادة ومحمد أبو يامن ورامي أبو محمد وحسان أبو محمد، على أن تكون مرجعيتها اللجنة الموسعة المكونة من 32 عضوًا في أي قرار أساسي تتخذه.

وقد صرح أبو عماد عضو اللجنة الداخلية لعنب بلدي، أن اللجنة الخارجية «رفضت الدخول إلى المدينة في البداية، وأبلغت اللجنة الداخلية للخروج للتفاوض خارج المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر»، لكن اللجنة الداخلية «رفضت ذلك واقترحت عقد اللقاء في مكانٍ مقنوصٍ من قبل الطرفين، ما دعا اللجنة الخارجية للمثول لطلبها والدخول إلى المدينة ظهر يوم السبت 24 أيار».

وأوضحت اللجنة الداخلية عبر حسابها في الفيسبوك أنه ليس لديها أي عرض محددٍ من النظام، وأنها فقط تريد «نقل تصور من هم داخل المدينة حول إمكانية التفاوض والتوصل إلى توقيع الهدنة وإيصالها إلى القصر الجمهوري مباشرة»، مؤكدةً على أمرين أساسيين للموافقة على أي هدنة محتملة مع النظام، وهما «انسحاب الجيش من داريا إلى أطراف المدينة، بحيث يتمكن الأهالي من العودة إلى بيوتهم، والإفراج عن المعتقلين، وأن التفاوض يدور بشكل مبدئي حول هذين الشرطين فقط».

وبعد التوصل إلى اتفاق حولهما يتم الانتقال إلى باقي الشروط، كما طلبت اللجنة الداخلية «بوادر من طرف النظام تدل على حسن نيته، مثل وقف قصف المدنيين والإفراج عن عدد من المعتقلين».

  • أهالي المدينة ومقاتلوها بين مؤيد ومعارض

اختلفت آراء الأهالي والمقاتلين حول قبول الهدنة أو رفضها، فأبو البراء، قائد كتيبة المهام الخاصة في لواء شهداء الإسلام ومدير معمل العبوات، يرفض الهدنة ويقول «داريا لها موقع استراتيجي قرب العاصمة وإذا خرجت من الثورة ستصبح الغوطة الغربية كلها تقريبًا خارج الثورة»، ويضيف أن «الهدنة ستحبط معنويات الثوار في سوريا كلها لأنهم ينظرون إلى داريا كرمز للصمود».

وفي إشارة إلى ضغوط نازحي المدينة قال أبو البراء «أنهم تدبروا أمور حياتهم وإن كان ذلك بصعوبة بالغة، لكن ظروف النزوح أفضل من العودة إلى المدينة في هذه الظروف».

بينما يؤيد أبو وسيم أحد مقاتلي الجيش الحر توقيع الهدنة، معللًا سبب قبوله بأن «كل المناطق المحاصرة وقعت على الهدنة، وداريا الآن محاصرة وإذا تمكن النظام من شن حملة عسكرية شرسة، قد يتمكن من احتلال المدينة ولو كلفه ذلك الكثير»، مضيفًا «إن إبرام الهدنة قد يحمي ما تبقى من الأبنية والخروج من المعركة بعدد أقل من الجرحى والشهداء»، على أن «نرتب صفوفنا من جديد بعد أن نكون قد أخذنا استراحة مقاتل».

وفي أوساط المدنيين اعتبر أبو الخير أحد المدنيين المتبقين في المدينة مع زوجته، الهدنة «خيانة لدماء الشهداء؛ فكيف سينسى أهالي داريا شهداءهم ويضعون يدهم بيد الأسد بعد هذه الجرائم التي ارتكبها بحق أهالي المدينة».

في المقابل يقول أبو علي أحد المدنيين في المدينة «أوضاع النازحين في الخارج سيئة للغاية ويجب أن يعودوا إلى بيوتهم حتى لو كانت مهدمة ليستقروا فيها بدلًا من ظروف النزوح القاسية»، مضيفًا «الجيش الحر لم يتمكن من تحرير المدينة، وبعض المصرين على الصمود أهلهم مرتاحون خارج المدينة، ولم يشعروا بمعاناة النازحين».

كما اختلفت آراء الأهالي النازحين عن المدينة، إذ يقول أبو أسامة أحد أهالي داريا النازحين إلى الغوطة الغربية أن الهدنة في داريا «تعني دفن الثورة، وتعطي الفرصة للنظام للتفرغ لمناطق أخرى إضافة إلى اكتساب شرعية من المجتمع الدولي على أنه يعقد مصالحة مع الشعب».

بينما اعتبر طبيب من أهالي المدينة اللاجئين إلى لبنان، أن الهدنة «قد تحفظ ماء الوجه للمدينة وتحافظ على ما تبقى من أرواح وممتلكات، وتخفف أعباء كثير عن النازحين»، نافيًا أن تكون «هزيمة على الصعيد العسكري وربما تتيح الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق ولم الصفوف، واتباع طريقة أفضل تنسجم مع المعطيات الجديدة».

في المقابل يعتبر علاء وهو لاجئ من أهالي داريا إلى تركيا «الهدنة استسلامًا، وكما عمد النظام إلى خرقها في باقي المناطق قد يخرقها في داريا، ولا يمكن أن يطلق عليها هدنة أو مصالحة لأنه لا شروط تضمن حقوق الطرفين بالتساوي دون أي خلاف».

في المقابل تقول إحدى السيدات من أهالي المدينة اللاجئين إلى الأردن أن «القرار للمحاصرين داخل المدينة، الذين يواجهون القصف والحصار»، وتضيف «إن العودة إلى سوريا متوقفة على سقوط النظام وليست على الهدنة في داريا أو في غيرها».

يذكر أن مدينة داريا تتعرض لحملات عسكرية شرسة، أسفرت عن معارك استنزاف بين قوات الأسد ومقاتلي المعارضة، ورغم أن نظام الأسد استقطب لهذه الحملات تعزيزات كبيرة، إلا أن مقاتلي المدينة ما زالوا يتحصنون بها ويمنعون تقدم قوات الأسد.

وتتوزع السيطرة الجغرافية على المدينة إلى مناطق بيد قوات الأسد شرق وشمال المدينة، بينما ماتزال المناطق الغربية والجنوبية تحت سيطرة الثوار، وتدور الاشتباكات على خطوط التماس بين الطرفين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة